شرح حديث من باع بيعتين في بيعة فله أوكسهما أو الربا
كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة
حرَص الإسلامُ على كلِّ ما يَجلِبُ البَركةَ والخيرَ؛ ولذلك نَهَى عن بعضِ البيوعِ؛ لِما في بعضِها مِن الجهالةِ والغرَرِ.
وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "مَن باع بيعتَينِ في بيعةٍ"، ومُثِّل لهذا البَيعِ بصُورٍ؛ فقيل: صُورتُه أنْ يُخيِّرَ صاحِبُ السِّلعةَ مَن أرادَ أن يَشترِيَها بينَ البيعِ نقدًا بثَمنٍ، والبيعِ إلى أجلٍ بثَمنٍ زائدٍ على ثَمنِ النَّقدِ، ولا يَجزِمَ بأحدِهما، وهذا البيعُ جَهالةُ الثَّمنِ فيه ظاهرةٌ.
وقيل: صُورتُه أن تَتِمَّ المقايضةُ مع الشَّرطِ بَينَ بَيعتَينِ، فمثلًا يقولُ: خُذْ هذه السِّلعةَ بثَمنِ كذا، وأعْطِني سِلعةً أُخرَى بثَمنٍ آخَر، وذلك الشَّرطُ لا يَلزَمُ، فيقَعُ بعضُ الثَّمنِ الذي اتُّفِقَ عليه، فيكونُ ما بقِي مِن المبيعِ مجهولًا.
وقيل: صُورتُه أن يَبيعَ سِلعةً واحدةً بثَمنٍ مؤجَّلٍ، ثمَّ يَشتريَها بثَمنٍ آخَرَ نَقدًا، فإنْ أخَذَ الزَّائدَ في الثَّمنِ فقدْ وقَعَ في الرِّبا؛ فيكونُ هذا الفعلُ بَيعتينِ في بَيعةٍ؛ لأنَّ السِّلعةَ واحدةٌ والعقدَ عَقْدانِ، فإذا تمَّ هذا البيعُ بهذه الصُّورةِ "فله أوكَسُهما"، أي: فللبائعِ أقلُّ الثَّمنَينِ، وهو الثَّمنُ الحَقيقيُّ "أو الرِّبا"، يَعني: إنْ أخَذَ الثَّمنَ الأَكبرَ الذي حدَّدَه فقدْ أخَذَ الرِّبا.
وهذا البيعُ هو ما يُعرَفُ ببيعِ العِينَةِ، وهو منهيٌّ عنه؛ لأنَّه وسيلةٌ واحتيالٌ لأخذِ زيادةٍ بالرِّبا، والغرَضُ منه أخْذُ المالِ بزِيادةٍ عن الثَّمنِ الحقيقيِّ.
وفي الحديثِ: الزَّجرُ عن التَّعامُلِ بالرِّبا بجميعِ صُورِه.
وفيه: أنَّ الوسيلةَ التي تُؤدِّي إلى الحَرامِ حرامٌ أيضًا.
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم