شرح حديث لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة من غزوة تبوك تلقاه
كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أحسنَ النَّاسِ خُلقًا حتَّى مع الصِّبيانِ الصِّغارِ؛ ولذلك كان الصِّبيانُ يُحِبُّونَه حبًّا شديدًا، فكانوا يَقْدَمون عليه، فيَمسَحُ رُؤوسَهم ويَدْعو لهم بالبَرَكةِ، وكان إذا أقبَل على دابَّةٍ حمَلَهم معَه عليها، وكان إذا أقبَل مِن سفَرٍ استقبَلوه على مَشارِف المدينةِ بالفرَحِ والسُّرورِ.
وفي هذا الحديثِ يَقولُ الصَّحابيُّ الجليلُ السَّائبُ بنُ يَزيدَ: "لَمَّا قَدِم"، أي: عاد ورجَع النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم المدينةَ "مِن غَزوةِ تَبوكَ"، وتبوكُ موضعٌ بينَ المدينةِ والشَّامِ في أقصى شمالِ الجَزيرةِ العرَبيَّةِ وبالقُربِ مِن وادي القُرى، وكانتْ غزوةُ تَبوكَ في السَّنةِ التَّاسِعةِ، وسَببُها أنَّ الرُّومَ جمعَتْ جيوشًا كثيرةً بالشَّامِ، فعَلِم النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بذلك، فنَدَبَ النَّاسَ وأَخبَرَهم بالمكانِ الذي يُريدُ؛ لبُعدِ المسافةِ وعِظَم المشقَّةِ ليتأهَّبوا لذلك، وانتهَت هذه الغزوةُ دون قتالٍ؛ بسببِ خوفِ الرُّومِ مِن المواجَهةِ وهُروبِهم وإخلاءِ مَواقعِهم للمُسلِمين، فلمَّا رجَع النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم "تَلقَّاه النَّاسُ"، أي: استَقْبَلوه واستَعَدُّوا لقُدومِه، "فلَقِيتُه معَ الصِّبيانِ"، أي: فانتَظَرتُه معَ الصِّبيانِ وتَهيَّأْنا لاستِقْبالِه، "على ثَنيَّةِ الوَداعِ"، والثَّنيَّةُ هي الطَّريقُ الَّذي بينَ جبَلَينِ، وسُمِّيَت بِثَنيَّةِ الوَداعِ؛ لأنَّ الخارِجَ مِن المدينةِ كان أهلُه يُوصِلونَه إلى تلك الثَّنيَّةِ ثُمَّ يُودِّعونه عِندَها ويَرحَلون.
وفي الحديثِ: استقبالُ القائدِ المُسافِرِ، والاستِعْدادُ لقُدومِه، والحَفاوةُ به.
وفيه: تعليمُ الصِّبيانِ الخُروجَ لاستِقْبالِ المُسافِرين.
وفيه: بيانُ تَواضُعِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وحبِّه للأطفالِ.
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم