ثم صلى وبينه وبين القباة ثلاثة أذرع

الكَعبةُ المُشرَّفةُ هي بَيتُ اللهِ العتيقُ، ولها مكانةٌ عَظيمةٌ في قلوبِ المسلمين، وقد صلَّى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في جَوْفِها وداخِلَها عامَ فتحِ مكَّةَ.

وهذا حديثٌ مُختصَرٌ مِن روايةٍ أخرى، وفيه: "أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ دخلَ الكعبةَ هو وأسامةُ بنُ زيدٍ، وعثمانُ بنُ طَلْحةَ الحَجَبِيٌّ، وبلالٌ، فأغلقَها عليه فمَكَث فيها، قال عبدُ اللهِ بنُ عمرَ: فسَألتُ بلالًا حين خرجَ: ماذا صنَع رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؟ فقال: جعَل عَمودًا عن يَسارِه، وعَمودَيْنِ عن يَمينِه، وثلاثةَ أعمِدَةٍ وراءَه، وكان البيتُ يومَئذٍ على ستَّةِ أعمِدةٍ، ثمَّ صلَّى"، أي: يُبيِّن له الموضعَ الذي صلَّى فيه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بداخلِ الكعبةِ.
وفي تلك الرِّوايةِ: "ثمَّ صلَّى وبينَه وبينَ القِبلةِ ثلاثةُ أذرُعٍ"، وهذا وصفٌ للمَكانِ الَّذي صلَّى فيه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في جَوْفِ الكعبةِ، وذلك أنَّه دخَلَ من بابِ الكعبةِ، ثمَّ مَشى مشيًا مُستقيمًا، وجعَل البابَ خلْفَ ظهرِه، ثمَّ سارَ حتَّى بَقي بينَه وبينَ جِدارِ الكعبةِ ثَلاثةُ أذرُعٍ وهي مسافةٌ كافيةٌ لوُقوفِه في الصَّلاةِ، وتَكْفي لسُجودِه.
وفي الحديثِ: بيانُ اهتمامِ الصَّحابةِ رضِيَ اللهُ عنهم بنَقْلِ أدقِّ تَفاصيلِ أفعالِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، كما نقَلوا أقوالَه وهَدْيَه.