أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ عندها فمسح الرأس كله من

حَرِصَ الصَّحابةُ رضِيَ اللهُ عنهم على مَعرفةِ هَدْيِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في كُلِّ شيءٍ، ونقْلِ ذلك إلى الأمَّةِ، ومِن ذلك هَدْيُه في الوُضوءِ، وهذا الحَديثُ يُوضِّحُ هَدْيَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في أحدِ أركانِ الوُضوءِ، وهو مسْحُ الرَّأْسِ، حيثُ تُخبِرُ الرُّبَيِّعُ بنتُ مُعَوِّذٍ رضِيَ اللهُ عنها: أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم توضَّأَ عِندها، فمَسَحَ الرَّأْسَ كُلَّه من قَرْنِ الشَّعرِ، أي: إنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لَمَّا جاء إلى رُكْنَ مَسْحِ الرَّأسِ- بحسَبِ تَرتيبِ أركانِ الوُضوءِ- مسَحَ رأسَه كلَّه، من قَرْنِ الشَّعرِ، أي: مِن جانبِ الرَّأسِ أو مِن أعلى الرَّأسِ مِن كُلِّ ناحيةٍ، ( لِمُنْصَبِّ الشَّعرِ )، أي: أَسْفَلِ الشَّعرِ الذي يَنْصَبُّ إليه الماءُ، والمرادُ: أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يبدأ المسْحَ من أعلى الرَّأسِ إلى أنْ ينتهيَ بأسفلِه، يفعَلُ ذلك في كُلِّ ناحيةٍ من رأسِه.
ثمَّ قالتِ الرُّبَيِّعُ رضِيَ اللهُ عنها: ( لا يُحَرِّكُ الشَّعرَ عن هيئتِه )، أي: يظَلُّ شَعرُه كما هو عليه دونَ تَغييرٍ، وهذه الكيفيَّةُ تَصْلُحُ لِمَنْ له شَعرٌ طويلٌ؛ حتَّى لا يَنتفِشَ شَعرُه وينتشِرَ؛ فيتَضرَّرَ بذلك.