يبدلها له

في هذا الحَديثِ يقولُ عبدُ اللهِ بنُ عبَّاسٍ رَضِي اللهُ عنهما: "بعَثَني أبي"، أيِ: العبَّاسُ رَضِي اللهُ عنه، "إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم في إبِلٍ أَعْطاها إيَّاه"، أي: النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم، "من الصَّدقةِ".
وفي رِوايةٍ زاد: "يُبدِّلُها له"، أي: كي يُبدِّلَها النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم للعبَّاسِ بغيرِها من الإبلِ.
وفي هذا إشكالٌ؛ إذ العبَّاسُ مِن بَنِي هاشِمٍ ولا تَحِلُّ له الصَّدقةُ؛ فكيفَ يُعطَى مِن الصَّدقةِ؟ وجوابُه: أنَّه يَحتمِلُ أنَّ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم أعطاهُ مِن الصَّدقةِ؛ لأنَّه كان استَسْلفَ مِن العبَّاسِ رَضِي اللهُ عنه مالًا، ثمَّ سدَّدَه له مِن إبِلِ الصَّدقةِ، وقيل: يَحتمِل أن ذلك كان قبلَ أن تُمنَعَ الصَّدقةُ علَيهم وقد صارَ هذا الخُكمِ مَنسوخًا، وحُرِّمتِ الصّدقةُ على النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وآلِه.

وقيل: إنَّ قولَه: "من الصَّدقةِ" مُتعلِّقٌ بـ"يُبدلها" وليس مُتعلِّقًا بـ"أعطاه"، وعلى هذا يكونُ المعنى: أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم أعطاهُ قبلَ ذلك من غَيرِ الصَّدقةِ، فلمَّا جاءتْ إبلُ الصَّدقةِ إلى النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أرادَ العبَّاسُ تَبديلَ تِلك الإبلِ مِن إبلِ الصَّدقةِ.