تسمعون ويسمع منكم ويسمع ممن سمع منكم

أمَر النبيُّ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّم أصحابَه رضيَ الله عَنهم بنشرِ العِلمِ، وفي هذا الحَديثِ يقولُ النبيُّ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّم: "تَسمَعونَ"، أي: يقولُ للصَّحابةِ رضيَ الله عَنهم: إنَّكمْ تَسمعونَ العِلمَ وتتلَّقونَه منِّي "ويُسمَع مِنكمْ"، أي: فيَسمعُه مِنكم مَن بعدَكم من التابعينَ بنقلِكم العِلمَ لهم ونَشرِه فيهم، والجُملتانِ خبريَّتانِ ولكنْ يُفهَم من مَعناهما الأمرُ بتليغِ العلمِ، أي: لِتسْمعوا منِّي الحديثَ وتبلِّغوه عني؛ ليَسمَعه مَن بَعدي منكم، "ويُسمَعُ ممَّن سَمِعَ مِنكم"، أي: ويَسمَعُ هذا العِلمَ مِن التابعينَ أتباعُ التابعينَ بنقلِه فيهِم ونشرِه وهَكذا.
وليس المرادُ الاقتصارَ على ما ذُكِرَ، وإنَّما المرادُ به الترتيبُ في تلقِّي العلمِ جِيلًا بعدَ جيلٍ، وبهذا يُحفَظ العِلمُ بِنَشرِه، ويُكتَب له الاستمرارِيَّةُ والعِنايةُ، حتى تَنتفِعَ به الأجيالُ إلى ما شاءَ اللهُ تَعالى.
وفي الحديثِ: الأمرُ بِتبليغِ العلمِ ونَشرِه، وخاصَّةً في الصِّغارِ؛ لِيَبقى معهم العلمُ في زَمنِهم.