شرح حديث يا رسول الله إنا لا نجد الصيحاني ولا العذق بجمع التمر
كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة
كانت الجاهليَّةُ تَشتمِلُ على بَعضِ البيوعِ الَّتي يَكونُ فيها غرَرٌ وإجحافٌ في حُقوقِ أحَدِ الطَّرَفينِ مِن البائعِ أو المشتري، ولَمَّا جاءَ الإسلامُ رشَّدَ تِلك العَلاقةَ، وحفِظَ على النَّاسِ حُقوقَهم.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِر أبو صالحٍ السَّمَّانُ: "أنَّ رجُلًا مِن أصحابِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم أخبَره، قال: يا رسولَ اللهِ، إنَّا لا نَجِدُ الصَّيحانيَّ"، وهو نوعٌ مِن التَّمرِ أسوَدُ شديدُ المضغِ، قيل: وصَيحانُ اسمُ كبشٍ، كان يُربَطُ إلى نخلةٍ بالمدينةِ، فأثمَرَت تَمرًا؛ فسُمِّي به، "ولا العِذْقَ"، والعِذْقُ- بكَسرِ العينِ-: غُصنُ النَّخيلِ بما يَحمِلُه مِن تمرٍ، وبالفتحِ: نوعٌ من التَّمرِ، وهو المرادُ هنا، "بِجَمعِ التَّمرِ"، أي: إنَّهم لا يَحصُلون على هذينِ النَّوعينِ في بَيعِهم مع آخَرين؛ لأنَّ ما معَهم أغلَبُه رَديءٌ، "حتَّى نَزيدَهم؟"، أي: حتَّى يَزيدوا الآخَرين في التَّمرِ المختلِطِ؟ والمرادُ: أنَّهم يَدفَعون لأصحابِ الصَّيحانيِّ والعِذْقِ أكثرَ ممَّا يَأخُذون مِنهم، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "بِعْه بالوَرِقِ"، أي: التَّمرَ المختلِطَ، وهو أنْ يبيعَه أوَّلًا بالفِضَّةِ ( الدَّراهمِ )، وذلك أنَّ الدَّراهمَ والذَّهبَ هما عُمْلتا ذلك الزَّمانِ، "ثمَّ اشتَرِ به"، أي: بالدَّراهمِ ما أرَدتَ مِن الصَّيحانيِّ والعِذْقِ أو أيِّ أنواعِ التَّمرِ الَّتي تُريدُ؛ وذلك لأنَّ المماثلةَ شرطٌ في مِثلِ هذه البيوعِ الموزونةِ أو الْمَكيلةِ؛ لقولِه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم-كما في الصَّحيحَينِ-: "إلَّا سَواءً بسَواءٍ"، ولم يَحصُلْ تَحقُّقُ المساواةِ، فيَبيعُ كلُّ واحدٍ ما معَه بالعُملةِ مِن الذَّهبِ أو الفِضَّةِ، ثمَّ يَشْري بالعُملةِ ما شاء .
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم