حديث وإذا بدلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينزل الآية

أحاديث نبوية | صحيح النسائي | حديث عكرمة مولى ابن عباس

«عن ابنِ عباسٍ في قولِه : { مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا } ، وقال : { وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ} الآية ، وقال : {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ } . فأول ما نسخ من القرانِ القبلةُ ، وقال : { وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} إلى قولِه : { إِنْ أَرَادُواْ إِصْلاَحًا } . وذلك بأن الرجلَ كان إذا طلق امرأتَه فهو أحقُّ برجعتِها ، وإن طلقها ثلاثًا ، فنسخ ذلك وقال : { الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ}»

صحيح النسائي
عكرمة مولى ابن عباس
الألباني
حسن صحيح

صحيح النسائي - رقم الحديث أو الصفحة: 3556 -

شرح حديث عن ابن عباس في قوله ما ننسخ من آية أو


كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة

كان ابنُ عبَّاسٍ رضِيَ اللهُ عنهما مِن عُلماءِ الصَّحابةِ الأجلَّاءِ رغمَ صِغَرِ سِنِّه؛ فقدْ دعا له النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم بالعِلمِ والفِقهِ في الدِّينِ؛ فاستجابَ اللهُ سُبحانَه وتعالى له، فكان مِن آثارِ تلك الدَّعوةِ أنْ سُمِّيَ الحَبْرَ؛ لسَعةِ عِلمِه.

وفي هذا الحديثِ يقولُ ابنُ عبَّاسٍ في قولِه تعالى: { مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ } [ البقرة: 106 ]: النَّسخُ هو الإزالةُ والمَحْوُ، والمقصودُ مِن الآيةِ: ما نَمْحُو ونُزيلُ حُكْمَ آيةٍ، والنَّسخُ أنواعٌ، إمَّا أن يُنسَخَ الحُكمُ والتِّلاوةُ، وإمَّا أن يُرفَعَ حُكمُ الآيةِ ويَبقى لفظُها، وإمَّا أنْ يَبقى حُكمُها ويُرفَعَ لفظُها، وهو ما يُعرَفُ بنَسْخِ التِّلاوةِ، { أَوْ نُنْسِهَا } [ البقرة: 106 أي: نَمْحُها مِن الصُّدورِ ويَرتفِعْ حِفظُها، وقيل: نَنْسَأْها، أي: نُؤخِّرْها فلا تُنسَخُ، { نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا } [ البقرة: 106 أي: إلَّا أتَيْنا بما هو خيرٌ منها؛ وذلك لمصلحةِ النَّاسِ، وما يكونُ فيه نفعٌ للعبادِ، وقوله تعالى: { وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ } [ النحل: 101 أي: أزَلْنا تلاوةَ آيةٍ، وأثبَتْنا مكانَها آيةً أخرى، أو محَوْنا حُكْمَ آيةٍ بحُكْمِ آيةٍ غيرِها، { وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ } [ النحل: 101 أي: إنَّ ما حصَل مِن تَبديلٍ هو لحِكمةٍ لا يَعلَمُها إلَّا اللهُ سبحانه وتعالى، وقولُه تعالى: { يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ } [ الرعد: 39 أي: إنَّ اللهَ سبحانه وتعالى يُزيلُ مِن الأحكامِ ما يَشاءُ بمَحْوِها، ويُبقِي على غيرِها، وقيل: المرادُ مِن المَحْوِ والإثباتِ هو ما يَكتُبُ الملائكةُ المُوكَّلونَ بحِفظِ أعمالِ بني آدَمَ وكتابتِها، فيأمُرُ اللهُ الملائكةَ الحفظَةَ بمَحْوِ ما لا ثوابَ فيه ولا عقابَ، أو مَحْوِ السَّيِّئاتِ الَّتي تاب العبدُ منها، وتَبديلِها حَسَناتٍ، { وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ } [ الرعد: 39 أي: اللَّوحُ المحفوظُ.
ثمَّ ذَكَر ابنُ عبَّاسٍ رَضِي اللهُ عَنهما بعضَ أمثلةِ النَّسْخِ، فقال: "فأوَّلُ ما نُسِخَ مِن القُرآنِ القِبلةُ"، أي: نُسِخَ استقبالُ بيتِ المقدِسِ باستِقبالِ الكَعبةِ في الصَّلاةِ؛ وذلك أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم أوَّلَ ما هاجَرَ إلى المدينةِ كانَتِ القِبلةُ في الصَّلاةِ ناحيةَ بيتِ المقدِسِ، وكانَتْ هي قِبلةَ اليهودِ، فكان النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم يَرغَبُ في أن تكونَ قِبلتُه إلى بَيتِ اللهِ الحرامِ، الكَعْبةِ، فاستجاب اللهُ سُبحانَه وتعالَى له، وذلك في قولِه تعالى: { قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ } [ البقرة: 144 ].
قال ابنُ عبَّاسٍ رَضِي اللهُ عَنهما: والآيةُ الأخرى الَّتي نُسِخَتْ قولُه تعالى: { وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ } [ البقرة: 228 أي: النِّساءُ اللَّاتي طُلِّقْنَ، وقد دخَل بهنَّ أزواجُهنَّ ينتظِرْنَ ثلاثَ حَيْضاتٍ، وقيل: ثلاثةَ أطهارٍ، { وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ } [ البقرة: 228 أي: لا يجوزُ لهنَّ { أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ } [ البقرة: 228 أي: أن يُخْفِينَ ما خَلَقَ اللهُ في أرحامِهنَّ مِن الأولادِ، أو دمِ الحَيْضِ؛ وذلك أنَّ بعضَ المُطلَّقاتِ يَدَّعِينَ كذِبًا أنَّ فَترةَ الحَيْضِ طالَتْ، فتكونُ مطالبتُهنَّ بالنَّفقةِ عن تلك الفترةِ، { إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ } [ البقرة: 228 أي: إذا كُنَّ صادقاتٍ في إيمانِهنَّ باللهِ ويومِ القيامةِ، { وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ } [ البقرة: 228 أي: والزَّوجُ أحَقُّ برَدِّ امرأتِه في وقتِ عِدَّتِها، { إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا } [ البقرة: 228 أي: إذا قصَد الزَّوجُ إصلاحَ ذاتِ البَيْنِ، وحُسْنَ المُعاشَرةِ.
ثمَّ قال ابنُ عبَّاسٍ: "وذلك بأنَّ الرَّجلَ كان إذا طلَّقَ امرأتَه فهو أحَقُّ برَجْعتِها، وإنْ طلَّقَها ثلاثًا"، أي: إنَّ الرَّجُلَ أحَقُّ برَجْعةِ زوجتِه، ولم يكُنْ هناك حدٌّ لعدَدِ الطَّلقاتِ الَّتي تُمنَعُ بها زوجتُه منه، وكان هذا في أوَّلِ الإسلامِ، "فنَسَخَ ذلك"، أي: نَسَخَ هذا الحُكْمَ، فقال تعالى: { الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ } [ البقرة: 229 أي: الطَّلاقُ الَّذي يملِكُ الزَّوجُ فيه الرَّجعةَ بعده يكونُ مرَّتينِ، والمقصودُ أنَّه إذا طلَّقَها المرَّةَ الأُولى فله مراجعتُها، وإن طلَّقَها في الثَّانيةِ فله مُراجعتُها، فإذا وقَع ثلاثًا، فلا تَحِلُّ له حتَّى تنكِحَ زوجًا غيرَه، { فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ } [ البقرة: 229 أي: يُحسِنُ عِشْرتَها وصُحبتَها، { أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ } [ البقرة: 229 أي: يترُكُها ويُطلِّقُها ويُعطيها حقَّها، فلا يكونُ ظالِمًا لها.

وفي الحديثِ: إثباتُ وقوعِ النَّسخِ في القُرْآنِ الكريمِ.
وفيه: مَنقبَةٌ لابنِ عبَّاسٍ رَضِي اللهُ عَنهما وبيانُ عِلمِه بالناسخِ والمنسوخِ .

شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم

قم بقراءة المزيد من الأحاديث النبوية


الكتابالحديث
صحيح النسائيعن ابن عباس في قوله ما ننسخ من آية أو ننسها
صحيح النسائيعن ابن الزبير قال من شهر سيفه ثم وضعه فدمه
صحيح النسائيعن ابن الزبير قال من رفع السلاح ثم وضعه فدمه هدر
صحيح النسائيعن ابن مسعود قال من شاء لاعنته ما أنزلت
صحيح ابن ماجهوالله لمن شاء لاعناه لأنزلت سورة النساء القصرى بعد أربعة أشهر وعشرا
صحيح النسائيإن أحساب أهل الدنيا الذي يذهبون إليه المال
صحيح النسائييا رسول الله أرأيت ابن عم لي أتيته أسأله فلا
صحيح النسائيأنه رأى رسول الله يصلي على حمار وهو راكب إلى خيبر
صحيح النسائيرأيت رسول الله يصلي على حمار وهو متوجه إلى خيبر
صحيح النسائيقال وكانت عائشة تستعجب بأمانته وتستأجره فأرتني كيف كان رسول الله
صحيح النسائيقال من شاء أوتر بسبع ومن شاء أوتر بخمس ومن شاء
صحيح النسائيالوتر حق فمن شاء أوتر بخمس ومن شاء أوتر بثلاث ومن


أشهر كتب الحديث النبوي الصحيحة


صحيح البخاري صحيح مسلم
صحيح الجامع صحيح ابن حبان
صحيح النسائي مسند الإمام أحمد
تخريج صحيح ابن حبان تخريج المسند لشاكر
صحيح أبي داود صحيح ابن ماجه
صحيح الترمذي مجمع الزوائد
هداية الرواة تخريج مشكل الآثار
السلسلة الصحيحة صحيح الترغيب
نخب الأفكار الجامع الصغير
صحيح ابن خزيمة الترغيب والترهيب

قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 20, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب