شرح حديث قال معاوية لابن عباس أعلمت أني قصرت من رأس رسول الله صلى
كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة
كان من سمْتِ أصحابِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الإنكارُ على مَن خالَفَ السُّنَّةَ، حتَّى إنَّهم كانوا يَتذاكرون بَينَهم سُنَّةَ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فيُثبِتون أو يَنْفون ما صَحَّ عنه صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
وفي هذا الحديثِ أنَّ مُعاويةَ بنَ أبي سُفيانَ قال لابنِ عبَّاسٍ وقْتَ خِلافةِ مُعاويةَ رضِيَ اللهُ عنهم: "أعلِمْتَ أنِّي قصَّرْتُ من رأسِ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عند المروةِ؟"، أي: قصَّرَ له من شَعَرِه دونَ الحلْقِ عند جبلِ المروةِ، والتَّقصيرُ يَقْتضي أنَّه في إحْدَى عُمراتِه الَّتي اعتمَرَها؛ فقد ثبَتَ أنَّه صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حلَقَ في حَجَّتِه، قال ابنُ عبَّاسٍ رضِيَ اللهُ عنهما: "لا"، أي: لا عِلْمَ لي بذلك، قال طاوسُ بنُ كَيسانَ- راوي الحديثِ-: "يقولُ ابنُ عبَّاسٍ: هذا معاويةُ يَنْهى عن المُتعةِ"، أي: عن التَّمتُّعِ في الحجِّ، وهو أنْ ينوِيَ الحاجُّ عُمرةً مع حَجَّتِه، فإذا قدِمَ مكَّةَ واعتمَرَ وانتهَى من عُمرتِه؛ فله أنْ يَتحلَّلَ من إحرامِه ويتمتَّعَ بكلِّ ما هو حلالٌ، حتَّى تبدَأَ مناسِكُ الحجِّ، "وقد تَمتَّعَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ"؛ قيل: إنَّ التَّمتُّعَ هنا يُقصَدُ به المدلولُ اللُّغويُّ: أنَّه انتفَعَ بالعُمرةِ إلى أنْ حَجَّ، مع الجمْعِ بينهما في الإحرامِ، لا أنَّه صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أحَلَّ من عُمرتِه ثمَّ أحرَمَ للحجِّ؛ لأنَّ المُتعيَّنَ في حَقِّه صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ هو القِرانُ وليس التَّمتُّعُ، وأنَّ التَّمتُّعَ كان من فِعْلِ أصحابِه رضِيَ اللهُ عنهم الَّذين لم يَسوقوا الهدْيَ مع إقرارِه لهم على ذلك.
وقيل: إنَّ غرَضَ ابنِ عبَّاسٍ رضِيَ اللهُ عنهما بهذا الإنكارُ على مُعاويةَ رضِيَ اللهُ عنه في نَهيِه عن التَّمتُّعِ، حيثُ خالفَ ما ثبَتَ عن النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه تمتَّعَ.
وفي الحديثِ: بيانُ مَشروعيةِ التَّقصيرِ في العُمرةِ.
وفيه: بَيانُ مشروعيةِ التَّمتُّعِ بالعُمرةِ إلى الحجِّ.
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم