كان عبدُ
اللهِ بنُ مسعودٍ رضِيَ
اللهُ عنه مِن كِبارِ الصحابةِ في العِلمِ بكِتابِ
اللهِ تعالى والفِقهِ في الدِّينِ واستِنباطِ الأحكامِ، وكان مَرجِعًا للتابعين في الفُتيا،
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ التَّابعيُّ مَسْروقُ بنُ الأجدَعِ: "أنَّ امْرأةً أتَتْ عبدَ
اللهِ بنَ مسعودٍ"،
أي: تَسْتفتيه، "فقالَت: إنِّي امرأةٌ زَعْراءُ"،
أي: قَليلةُ شَعرِ الرَّأسِ، "أيَصلُحُ أن أَصِلَ في شَعَري؟"،
أي: هلْ يَجوزُ وَصْلُ الشَّعَرِ بشَعرٍ آخَرَ يُستَعاضُ به عن قِلَّةِ الشَّعرِ؟ فقال ابنُ مسعودٍ رَضِي
اللهُ عَنه: "لا"،
أي: لا يَجوزُ، ولا يَصلُحُ، فقالتِ المرأةُ: "أشَيءٌ سَمِعتَه مِن رَسولِ
اللهِ صلَّى
اللهُ علَيه وسلَّم أو تَجِدُه في كِتابِ
اللهِ؟"،
أي: هل هذا الحُكمُ عن النَّبيِّ صلَّى
اللهُ علَيه وسلَّم أو في
القُرآنِ؟ وذلك أنَّ المرأةَ لم تَجِدْ هذا النَّهيَ صَراحةً في القرآنِ الكريمِ؛ كما في روايةِ أحمدَ أنَّها قالت: "و
اللهِ لقَد تصَفَّحتُ ما بينَ دَفَّتَيِ المُصحَفِ، فما وجَدتُ فيه الَّذي تَقولُ"، قال ابنُ مسعودٍ: "لا، بل سَمِعتُه مِن رَسولِ
اللهِ صلَّى
اللهُ علَيه وسلَّم"،
أي: إنَّه مَذكورٌ عن النَّبيِّ صلَّى
اللهُ علَيه وسلَّم بلَعْنِه للواصِلةِ، "وأجِدُه في كِتابِ
اللهِ"؛ وذلك أنَّ
اللهَ عزَّ وجلَّ أمَر باتِّباعِ النَّبيِّ صلَّى
اللهُ علَيه وسلَّم في أوامِرِه ونَواهيه في قولِه تعالى:
{ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا } [
الحشر: 7 ]، وقولُه: "وساقَ الحديثَ"،
أي: وذكَر الرَّاوي باقِيَ الحديثِ، وأصلُ الحديثِ في الصَّحيحينِ، وتَمامُه في مُسنَدِ أحمدَ،
وفيه: أنَّ المرأةَ قالت: "فلَعلَّه في بعضِ نِسائِك؟"،
أي: إنَّ هذا الوَصْلَ للشَّعرِ قد يَفعَلُه بعضُ نِسائِك، فقال لها ابنُ مسعودٍ رَضِي
اللهُ عَنه: "ادخُلي"،
أي: اذهَبي فانظُري فيهِنَّ، "فدَخَلَت ثمَّ خرَجَت، فقالت: ما رأيتُ بأسًا"،
أي: لم تَجِدْ فيهنَّ ما قالت، قال ابنُ مسعودٍ رَضِي
اللهُ عَنه: "ما حَفِظتُ إذًا وصيَّةَ العبدِ الصَّالحِ:
{ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ } [
هود: 88 ]"،
أي: لو فعَل أهلي وترَكتُهم عليه لكُنتُ غيرَ مُراعٍ لهذه الوصيَّةِ، وغيرَ عامِلٍ بها.
وفي الحديثِ: حِرصُ الصَّحابةِ على تتبُّعِ سُنَّةِ النَّبيِّ صلَّى
اللهُ علَيه وسلَّم مع تَطبيقِها على أنفُسِهم أوَّلًا.
وفيه: النَّهيُ عن الخداعِ بالتَّجمُّلِ المصطنَعِ.
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم