شرح حديث ما أصبح في آل محمد إلا مد من طعام أو ما أصبح
كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم يَعيشُ لرَبِّه وللدَّعوةِ، وكان زاهِدًا في مَتاعِ الدُّنيا مع ما آتاه اللهُ منها مِن المغانِمِ.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ عبدُ اللهِ بنُ مسعودٍ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم قال: "ما أصبَح في آلِ محمَّدٍ إلَّا مُدٌّ مِن طعامٍ"، أي: نَفِد طَعامُهم حتَّى لم يَبْقَ عِندَهم إلَّا مُدٌّ مِن الطَّعامِ، وهو قَدْرُ ما يَملَأُ الكَفَّينِ مِن الطَّعامِ أو الثَّمارِ من التَّمرِ أو الزَّبيبِ، "أو ما أصبَح في آلِ محمَّدٍ مُدٌّ مِن طعامٍ"، أي: أو نَفِد طَعامُهم حتَّى لم يَبقَ عِندَهم شيءٌ ولا مُدٌّ مِن الطَّعامِ، وهذا إشارةٌ إلى ما كان فيه النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم وأزواجُه وآلُ بيتِه مِن زهدٍ في الدُّنيا ومَتاعِها، مع أنَّ اللهَ سبحانه وتعالى قد آتاه خُمسَ المغنَمِ، وبَعدَ خَيبرَ كان يَأتيه الكثيرُ مِن ثِمارِها ممَّا صالَح اليهودَ عليهم، وكان يَأخُذُ سهمَه مِنها، وكان يدَّخِرُ قُوتَ سنَةٍ لأهلِه، وكان كثيرَ الضِّيفانِ والصَّدَقةِ، فكان يَأخُذُ ممَّا عندَ أهلِه حتَّى يَنفَدَ؛ ولذلك مات النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم ودِرعُه مَرهونةٌ عندَ يهوديٍّ مُقابِلَ بعضِ الشَّعيرِ لِطَعامِ أهلِه، ودخَل عُمرُ كما في الصحيح على النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم وهو مُضطجِعٌ على رِمالِ حَصيرٍ ليس بينَه وبينَها فِراشٌ، وقد أثَّر في جَنبِه، قال عمرُ رَضِي اللهُ عَنه: فرَفَعتُ بصَري في بيتِه، فواللهِ، ما رأَيتُ فيه شيئًا يَرُدُّ البصَرَ، فقلتُ: ادعُ اللهَ فَلْيُوسِّعْ على أمَّتِك؛ فإنَّ فارِسَ والرُّومَ وُسِّع عليهم وأُعْطوا الدُّنيا وهم لا يَعبُدون اللهَ، فقال: "أوَفي شكٍّ أنتَ يا ابنَ الخَطَّابِ؟! أولئك قومٌ عُجِّلَت لهم طيِّباتُهم في الحياةِ الدُّنيا"، وكان يَقولُ: "ما لي وللدُّنيا! ما أنا في الدُّنيا إلَّا كراكِبٍ استَظلَّ تحتَ شجَرةٍ، ثمَّ راحَ وترَكَها".
وفي الحديثِ: بيانُ زُهدِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم في الدُّنيا، وأنَّها لَم تَكُنْ في قَلبِه.
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم