حديث أربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبا إنما تدعون سميعا

أحاديث نبوية | أضواء البيان | حديث -

«أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لما سمِع أصحابَه رفَعوا أصواتَهم بالتكبيرِ قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أَربِعوا على أنفسِكم فإنَّكم لا تَدعونَ أصمَّ ولا غائبًا، إنما تَدعونَ سميعًا بصيرًا، إنَّ الذي تَدعونَ أقرَبُ إلى أحدِكم مِن عُنُقِ راحلتِه»

أضواء البيان
-
محمد الأمين الشنقيطي
صحيح

أضواء البيان - رقم الحديث أو الصفحة: 4/504 -

شرح حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم لما سمع أصحابه رفعوا أصواتهم بالتكبير


كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة

لَمَّا غَزَا رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خَيْبَرَ -أوْ قالَ: لَمَّا تَوَجَّهَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- أشْرَفَ النَّاسُ علَى وادٍ، فَرَفَعُوا أصْوَاتَهُمْ بالتَّكْبِيرِ: اللَّهُ أكْبَرُ اللَّهُ أكْبَرُ، لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ارْبَعُوا علَى أنْفُسِكُمْ؛ إنَّكُمْ لا تَدْعُونَ أصَمَّ ولَا غَائِبًا؛ إنَّكُمْ تَدْعُونَ سَمِيعًا قَرِيبًا وهو معكُمْ.
وأَنَا خَلْفَ دَابَّةِ رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَسَمِعَنِي وأَنَا أقُولُ: لا حَوْلَ ولَا قُوَّةَ إلَّا باللَّهِ، فَقالَ لِي: يا عَبْدَ اللَّهِ بنَ قَيْسٍ.
قُلتُ: لَبَّيْكَ يا رَسولَ اللَّهِ، قالَ: ألَا أدُلُّكَ علَى كَلِمَةٍ مِن كَنْزٍ مِن كُنُوزِ الجَنَّةِ؟ قُلتُ: بَلَى يا رَسولَ اللَّهِ، فَدَاكَ أبِي وأُمِّي، قالَ: لا حَوْلَ ولَا قُوَّةَ إلَّا باللَّهِ.
الراوي : أبو موسى الأشعري | المحدث : البخاري
| المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 4205 | خلاصة حكم المحدث : [ صحيح ]



الذِّكرُ له فَوائدُ عَظيمةٌ؛ فبِهِ تُفتَحُ أبْوابُ الجِنانِ، ويُطرَدُ الشَّيطانُ، ويُرطَّبُ اللِّسانُ، وتَطمئِنُّ به القُلوبُ، إلى غيرِ ذلك ممَّا يُنعِمُ اللهُ به على عِبادِه؛ جَزاءً على ذِكرِه.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ أبو مُوسى الأشْعَريُّ رَضيَ اللهُ عنه أنَّه لمَّا تَوجَّهَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى خَيْبرَ غازيًا، وكان هذا في السَّنةِ السَّابعةِ مِنَ الهِجْرةِ، وخَيْبرُ قَرْيةٌ كانت يَسكُنُها اليَهودُ، وكانت ذاتَ حُصونٍ ومَزارِعَ على بُعدِ 173 كيلو تَقْريبًا مِن المَدينةِ إلى جِهةِ الشَّامِ، وفي أثْناءِ رُجوعِهم منها بعْدَ أنْ منَّ اللهُ عزَّ وجلَّ عليهم بالفَتحِ، أشرَفَ النَّاسُ على وادٍ، وهو المُنخَفِضُ منَ الأرضِ، فرفَعَ النَّاسُ أصْواتَهم بالتَّكْبيرِ والتَّهْليلِ، فقال لهم رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «ارْبَعوا على أَنفُسِكم»، أيِ: ارْفُقوا بأنفُسِكم، «إنَّكم لا تَدْعونَ أصَمَّ ولا غائبًا، إنَّكُمْ تَدْعُونَ سَمِيعًا قَرِيبًا وهو معكُمْ» يَعني: مَن تَدْعونَه هو السَّميعُ البَصيرُ، يَسمَعُ سِرَّكم ونَجْواكم، ولا يَخْفى عليه شَيءٌ مِن قَولِكم، قَريبٌ مِنكم، بلْ هو أقرَبُ إليكمْ مِن حَبْلِ الوَريدِ، وهو معكم بعِلمِه وإحاطتِه، وفي هذا إشارةٌ يَأمُرُهم فيها بخَفضِ أصْواتِهم.

ولا تَعارُضَ بيْن هذا الحديثِ الذي أمَرَ فيه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بعَدَمِ رفْعِ الصَّوتِ بالذِّكرِ، وحَديثِ التِّرمذيِّ وابنِ ماجَه عن أبي بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنه: «أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سُئِلَ: أيُّ الحجِّ أفضَلُ؟ قال: العَجُّ والثَّجُّ»، والعَجُّ: رفْعُ الصَّوتِ بالتَّلبيةِ، والثَّجُّ: نحْرُ البُدْنِ؛ لأنَّه إنَّما أمَرَ برفْعِ الصَّوتِ بالتَّلبيةِ لكَونِها مِن شَعائرِ الحجِّ، كسائرِ الأفعالِ التي يَفعَلُها الحاجُّ؛ مِن حَلْقِ الرَّأسِ عندَ التَّحلُّلِ، ومِن اجتنابِ مَحظوراتِ الإحرامِ، فكلُّها مِن شَعائرِ الحجِّ، فأمَرَ بإظهارِها، بخِلافِ مُطْلَقِ الذِّكرِ الذي دلَّ عليه حَديثُ أبي مُوسى رَضيَ اللهُ عنه، فليس مِن الشَّعائرِ، فلا يُشرَعُ فيه رفْعُ الصَّوتِ؛ لعَدَمِ ما يَسْتدعي ذلك.
ويَحْكي أبو مُوسَى رَضيَ اللهُ عنه أنَّه كان سائرًا خَلفَ دابَّةِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فسَمِعَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو يَقولُ: «لا حَولَ ولا قوَّةَ إلَّا باللهِ»، ومعناها: لا حَرَكةَ ولا حِيلةَ، ولا اسْتِطاعةَ إلَّا بمَشيئةِ اللهِ تعالَى، وإرادَتِه، وقُدرَتِه، وقيلَ: مَعْناه: لا حَولَ في دَفعِ شرٍّ، ولا قوَّةَ في تَحْصيلِ خَيرٍ إلَّا باللهِ، وقيلَ: لا حَولَ عن مَعْصيةِ اللهِ إلَّا بعِصمَتِه، ولا قوَّةَ على طاعَتِه إلَّا بمَعونَتِه؛ فهي كَلمةُ اسْتِسلامٍ وتَفْويضٍ إلى اللهِ تعالَى، وإذْعانٍ واعْتِرافٍ له بأنَّه لا خالِقَ غيرُه، ولا ربَّ سِواه، ولا رادَّ لأمْرِه، ولا مُعقِّبَ لحُكمِه، وأنَّ العبدَ لا يَملِكُ شَيئًا، وأنَّ اللهَ مالِكُ عِبادِه، يَفعَلُ فيهم كلَّ ما أرادَه.
فبيَّنَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لأبي مُوسى الأشْعَريِّ رَضيَ اللهُ عنه فَضلَ هذه الكَلمةِ فقال له: «ألَا أدُلُّكَ على كَلمةٍ مِن كَنزٍ مِن كُنوزِ الجنَّةِ؟»؛ أي: كالكَنزِ في كَونِها ذَخيرةً نَفيسةً، يُتوَقَّعُ الانْتِفاعُ منها، فقال أبو مُوسى رَضيَ اللهُ عنه: «بَلى يا رَسولَ اللهِ، فِداكَ أبي وأُمِّي! فقال: لا حَوْلَ ولا قُوَّةَ إلَّا باللهِ».
فهي كَنزٌ مِن كُنوزِ الجنَّةِ؛ لِمَا فيها منَ التَّبرُّؤِ مِن القُوَّةِ والحِيلةِ، والإقْرارِ بأنَّه لا يُوصَلُ إلى تَدْبيرِ أمرٍ، وتَغْييرِ حالٍ؛ إلَّا بمَشيئةِ اللهِ وعَوْنِه.
وفي الحَديثِ: أنَّه لا يَنْبَغي للإنْسانِ أنْ يَشُقَّ على نفْسِه في أداءِ العِباداتِ.
وفيه: اسْتِخدامُ أُسلوبِ السُّؤالِ والجَوابِ في التَّعليمِ.
وفيه: اسْتِخدامُ أُسلوبِ التَّشْبيهِ في التَّعليمِ.
وفيه: مَشروعيَّةُ ذِكرِ اللهِ تعالَى في السَّفرِ، كلَّما صَعِدَ أو هَبَطَ.

شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم

قم بقراءة المزيد من الأحاديث النبوية


الكتابالحديث
شرح الإلماملا تمنعوا أحدا يطوف بهذا البيت ويصلي أي ساعة شاء من ليل أو
كشاف القناعلا سبق إلا في نصل أو خف أو حافر
الضعفاء الكبيراللهم اغفر للمحلقين قالوا يا رسول الله والمقصرين قال اللهم اغفر للمحلقين قالوا
تخريج المحلىما أمرت بتشييد المساجد قال ابن عباس لتزخرفنها كما زخرفت اليهود والنصارى
أضواء البيانيقول الله تعالى كذبني ابن آدم ولم يكن له أن يكذبني وآذاني ابن
الضعفاء الكبيرأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي في النعلين وينزع
الضعفاء الكبيرتابعوا بين الحج والعمرة فإن متابعة ما بينهما تزيد في العمر والرزق وتنفي
أضواء البيانشغلنا المشركون يوم الخندق عن صلاة الظهر حتى غربت الشمس وذلك قبل أن
شرح كتاب التوحيد لابن بازمن حلف بشيء دون الله فقد أشرك
المتجر الرابحألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة قالوا بلى يا رسول الله
مجموع فتاوى ابن بازأنه صلى الله عليه وسلم لعن الخمر وشاربها وساقيها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة
مجموع فتاوى ابن بازأوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد فإنه من يعش


أشهر كتب الحديث النبوي الصحيحة


صحيح البخاري صحيح مسلم
صحيح الجامع صحيح ابن حبان
صحيح النسائي مسند الإمام أحمد
تخريج صحيح ابن حبان تخريج المسند لشاكر
صحيح أبي داود صحيح ابن ماجه
صحيح الترمذي مجمع الزوائد
هداية الرواة تخريج مشكل الآثار
السلسلة الصحيحة صحيح الترغيب
نخب الأفكار الجامع الصغير
صحيح ابن خزيمة الترغيب والترهيب

قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Monday, November 18, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب