جاءت بنت هبيرة إلى رسول اللهِ- صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- وفي يدها فتخ، فقال: كذا في كتاب أبي- أي: خواتيم ضخام-، فجعل رسول اللهِ- صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- يضرب يدها، فدخلت على فاطمة بنت رسول اللهِ- صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- تشكو إليها الَّذي صنع بها رسول اللهِ- صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- فانتزعت فاطمة سلسلة في عنقها من ذهب، وقالت: هذه أهداها إلي أبو حسن.
فدخل رسول اللهِ- صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- والسلسلة في يدها، فقال: يا فاطمة، أيغرك أن يقول النَّاس: ابنة رسول اللهِ وفي يدها سلسلة من نار.
ثم خرَجَ ولم يَقعُدْ، فأرسلتْ فاطمةُ بالسلسلةِ إلى السوقِ فباعتْها، واشترتْ بثَمنِها غلامًا، وقال مرَّةً: عبدًا، وذكر كلمة معناها: فأعتقتَه، فحُدِّث بذلك، فقال: الحمد لله الَّذي أنجى فاطمة من النَّار.
الراوي : ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم | المحدث : الألباني
| المصدر : صحيح النسائي
الصفحة أو الرقم: 5155 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
كان النَّبيُّ صلَّى
اللهُ علَيه وسلَّم يَحُثُّ نِساءَه ونِساءَ المسلِمين على الزُّهدِ في الدُّنيا وتَرْكِ الجَمعِ الكَثيرِ مِن زِينتِها؛ تَرغيبًا فيما عندَ
اللهِ عزَّ وجلَّ.
...
وفي هذا الحَديثِ يقولُ ثوبانُ مولى رسولِ
اللهِ صلَّى
اللهُ علَيه وسلَّم: "جاءَتْ بنتُ هُبيرةَ إلى رَسولِ
اللهِ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّم وفي يَدِها فتَخٌ- فقال"،
أي: مُعاذُ بنُ هشامٍ، أحدُ الرُّواةِ: "كذا في كتابِ أَبِي-
أي: خَواتيمُ ضِخامٍ-"، والفتَخُ: خواتيمُ كِبارٌ تُلبَسُ في الأيدي، وربَّما وُضِعَتْ في أصابعِ الأرجُلِ، وقيل: هي خواتيمُ لا فُصوصَ لها، "فجعَل رسولُ
اللهِ صلَّى
اللهُ علَيه وسلَّم يَضرِبُ يدَها"، إنكارًا لِما تَلبَسُ مِن ذهَبٍ.
وفي رِوايةٍ: أنَّه صلَّى
اللهُ علَيه وسلَّم قال لها: "أيَسُرُّكِ أن يَجعَلَ
اللهُ في يَدِك خواتيمَ مِن نارٍ؟ فدخَلَتْ على فاطمةَ بنتِ رسولِ
اللهِ صلَّى
اللهُ علَيه وسلَّم تَشْكو إليها الَّذي صنَع بها رسولُ
اللهِ صلَّى
اللهُ علَيه وسلَّم"،
أي: إنكارَه عليها، "فانتزَعَت فاطمةُ سِلسلةً في عُنقِها مِن ذهَبٍ، وقالتْ: هذه أهداها إليَّ أبو حسَنٍ"،
أي: زَوجُها عليُّ بنُ أبي طالبٍ رَضِي
اللهُ عَنه؛ "فدخَل رَسولُ
اللهِ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّم والسِّلسلةُ في يَدِها، فقال: يا فاطمةُ، أيَغُرُّكِ أن يَقولَ النَّاسُ: ابنةُ رَسولِ
اللهِ، وفي يدِها سِلسلةٌ مِن نارٍ"،
أي: أيَسُرُّكِ أن يَقولَ النَّاسُ هذا القولَ ويَستهجِنون فِعلَكِ؟! وهذا إنكارٌ مِن رسولِ
اللهِ صلَّى
اللهُ علَيه وسلَّم لِلُبسِهم الذَّهبَ، وإنكارٌ على ابنتِه الَّتي تَلبَسُ سِلسلةً منه.
...
قال ثَوبانُ: "ثمَّ خرَج ولم يَقعُدْ"،
أي: النَّبيُّ صلَّى
اللهُ علَيه وسلَّم بعدَما قال لها هذا القولَ، "فأرسَلَت فاطمةُ بالسِّلسلةِ إلى السُّوقِ، فباعَتْها، واشتَرَت بثَمنِها غُلامًا- وقال"،
أي: الرَّاوي، "مرَّةً: عَبدًا، وذكَر كَلِمةً مَعناها: فأعتَقَته-، فحُدِّث بذلك"،
أي: أُخبِر النَّبيُّ صلَّى
اللهُ علَيه وسلَّم بفِعلِ فاطمةَ هذا، فقال صلَّى
اللهُ علَيه وسلَّم: "الحَمدُ للهِ الَّذي أنجى فاطمةَ مِن النَّارِ"،
أي: بِنَزعِها للسِّلسلةِ، وتَصدُّقِها بها.
...
ولهذا النَّصِّ تَأويلاتٌ في نَهيِه صلَّى
اللهُ علَيه وسلَّم للنِّساءِ عن الذَّهبِ؛ منها: أنَّه صلَّى
اللهُ علَيه وسلَّم لم يَنهَها عن لِباسِها ولا عن تَملُّكِها، وإنَّما هو إنكارٌ من أجلِ الحَثِّ على التَّصدُّقِ بها؛ طلَبًا وطمَعًا فيما عندَ
اللهِ عزَّ وجلَّ، وقيل: إنَّ إنكارَه صلَّى
الله عليه وسلَّم كان فيما تَجِبُ فيه الزَّكاةُ.
وقيل: النَّهيُ هنا نَهيُ تَنزيهٍ لا نهيُ تحريمٍ، وهذا مِن تَربيةِ النَّبيِّ صلَّى
الله عليه وسلَّم لأمَّتِه على التَّعفُّفِ والتَّرفُّعِ عن بعضِ الْمُباحاتِ في الدُّنيا؛ للحُصولِ على أعلى الدَّرجاتِ في الآخرةِ، والثابتُ عن النبيِّ صلَّى
الله عليه وسلَّم أنَّه أباح الذَّهبَ للنِّساءِ، وحرَّمه على الرِّجالِ فقط.
...
وفي الحديثِ: بيانُ ما كان عند الصَّحابةِ رَضِي
اللهُ عَنهم مِن سُرعةِ استجابةِ لأوامرِ رَسولِ
اللهِ صلَّى
الله عليه وسلَّم ونواهِيه.
...
وفيه: مَنقَبةٌ ظاهرةٌ لفاطمةَ بِنتِ رَسولِ
اللهِ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّم ورَضِيَ عنها .
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم