شرح حديث
كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة
للأنصارِ فَضلٌ كَبيرٌ، ومنزلةٌ عَظيمةٌ عندَ الله عزَّ وجلَّ ورسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
وفي هذا الحديثِ بيانٌ لبَعضِ فَضائِلِهم، حيثُ يَحكي أبو هُريرةَ رضِيَ اللهُ عنه أنَّه: "جاءتِ الحُمَّى إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ"، والحُمَّى مرَضٌ عِبارةٌ عن ارتفاعٍ في دَرجةِ حَرارةِ الجِسمِ الدَّاخليَّةِ إلى مُستوًى أعلى مِن الطَّبيعيِّ، ومَجيئُها إلى النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ قِيل: إنَّه على الحَقيقةِ بمِثْلِ ما قيَّده اللهُ له مِن مُعجزاتٍ، "فقالت: ابْعَثْني إلى آثَرِ أهْلِك عِندَك"، أي: أرْسِلْني إلى مِن تَختارُه وتُفضِّلُه، "فبَعَثَها إلى الأنصارِ, فبَقِيَت عليهم"، أي: أمْرَضَتْهم وأوجَعَتْهم، "سِتَّةَ أيَّامٍ وليالِيَهنَّ, فاشتَدَّ ذلك عليهم، فأتاهُم في دِيارِهم"، أي: زارَهُم النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في مرَضِهم هذا، "فشَكَوا ذلك إليه" لِيدعُوَ اللهَ لهم أنْ يُخفِّفَ عنهم ويَشْفِيَهم، "فجعَلَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَدخُلُ دارًا دارًا وبيتًا بيتًا يَدْعو له بالعافيةِ"، وهذا مِن رِفْقِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بأصحابِه، مع حُبِّه الأجرَ والثَّوابَ لهم، "فلمَّا رجِعَ تَبِعَتْه"، أي: لَحِقَت به مِن خلْفِه "امرأةٌ منهم"، أي: ممَّن أصابَها وأهْلَها الحُمَّى، "فقالت: والَّذي بعَثَك بالحقِّ، إنِّي لمِن الأنصارِ، وإنَّ أبي لمِن الأنصارِ؛ فادْعُ اللهَ لي كما دَعوتَ للأنصارِ"، أي: بالشِّفاءِ والعافيةِ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "ما شِئْتِ، إنْ شِئْتِ دَعوتُ اللهَ أنْ يُعافِيَكِ، وإنْ شِئْتِ صبَرْتِ ولك الجنَّةُ"، وهذا حَثٌّ من النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لها على الصَّبرِ على المرضِ؛ وذلك لِمَا في حديثِ أبي سعيدٍ الخُدريِّ رضِيَ اللهُ عنه: "ما يُصِيبُ المسلمَ مِن نصبٍ ولا وصَبٍ، ولا همٍّ ولا حزنٍ، ولا أذًى ولا غمٍّ، حتَّى الشَّوكةِ يُشاكُهَا، إلَّا كفَّرَ اللهُ بها مِن خطاياهُ" مُتَّفقٌ عليه، "قالت: بلْ أصبِرُ ولا أجعَلُ الجنَّةَ خَطرًا"، أي: لا أجعَلُ الجنَّةَ خطَرًا غيرَ مضمونٍ بإيثارِها الدُّعاءَ منه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لها بالشِّفاءِ، وإنَّما تَضْمَنُ الجنَّةَ بالصَّبرِ الَّذي به ضمِنَ لها صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الجنَّةَ.
وفي الحديثِ: أنَّ الابتلاءَ سُنَّةٌ ماضيةٌ مِن مُقتضياتِ حِكمةِ اللهِ وعدلِه سُبحانَه وتعالَى في خَلْقِه.
وفيه: أنَّ المصائِبَ التي تَجري بلا اختيارِ العبدِ كالمرَضِ، إنَّما يُثابُ على الصَّبرِ عليها لا على نفْسِ ما يَحدُثُ مِنَ المصيبةِ( ).
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم