رخص للشيخ الكبير أن يفطر ويطعم عن كل يوم مسكينا ولا قضاء

مِن رحمةِ اللهِ بعِبادِه أنَّه فرَضَ عليهم العِباداتِ، ثم جعَلَ الرُّخصةَ لغَيرِ القادرينَ على أدائِها، ومِن ذلك رُخصةُ الفِطْرِ في رَمضانَ للكبيرِ والمريضِ الذي لا يُرْجَى بُرْؤُه وأصحابِ الأعذارِ.
وفي هذا الحَديثِ بَيانٌ لبعضِ ذلك، حيثُ يقولُ عبدُ اللهِ بنُ عبَّاسٍ رضِيَ اللهُ عنهما: "رُخِّص"، أي: سُمِح "للشَّيخِ الكبيرِ" الذي بلَغَ مِن السِّنِّ أرْذَلَه وليس به قُوَّةٌ، "أنْ يُفطِرَ"، أي: في رمضانَ، "ويُطعِمَ عن كُلِّ يومٍ مِسكينًا، ولا قَضاءَ عليه"، والمعنى: أنَّه بعْدَ أداءِ الفِديةِ ليس عليه إعادةُ صِيامِ ما فاتَه؛ لقولِه عَزَّ وجَلَّ: { وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ } [ البقرة: 184 ]، والمعنى: وعلى الَّذين يَتكلَّفون صِيامَه فيَصومون لكنْ مع الشِّدَّةِ والتعبِ فِديةٌ؛ طعامُ مِسكينٍ واحدٍ؛ فيكونُ له الفِطرُ على أنْ يُطعِمَ عن كُلِّ يومٍ مِسكينًا، وقال تعالى: { فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ } [ البقرة: 184 ]، أي: بزِيادةِ طعامِ مِسكينٍ آخَرَ، ولا يُرَخَّصُ في الفِطرِ إلَّا للذي لا يُطِيقُ الصِّيامَ، ولا يَقدِرُ عليه، نَحْوُ المريضِ الذي لا يُرْجَى شِفاؤُه، والكبيرِ الَّذي مع الصَّومِ يُصِيبُه العَناءُ وَالمشَقَّةُ؛ فعلى هؤلاء الفِديةُ .