لا تهاجروا و لا تدابروا و لا تجسسوا و لا

الأُلفةُ والمحبَّةُ بين المسلِمين مِن مَقاصِدِ الشَّريعةِ العُليا؛ لذا نَهى النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عمَّا يُسبِّب العداوةَ والقطِيعةَ بينهم، كما في هذا الحديثِ، حيثُ يقولُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "تَهاجَروا"، وفي بعض النُّسَخ: "لا تَهجروا" وهما بمعنًى واحدٍ، والمرادُ النهيُ عن الهجرةِ، ومُقاطعةِ الكَلامِ، وقيل: يجوز أنْ يكونَ لا تهجروا، أي: تَتكلَّموا بالهُجْرِ بضَمِّ الهاءِ، وهو الكلامُ القبيحُ، "ولا تَدابروا" والتَّدابُرِ: هو أنْ يُولِّيَ المسلِمُ أخاه المسلمَ ظهرَه ودُبُرَه؛ إمَّا حِسيًّا فلا يُجالِسُه ولا يَنظُر إليه، وإمَّا مَعنوِيًّا فلا يُظهِرُ الاهتمامَ به، والمقصودُ: نَهيُهم عن التقاطُعِ والتهاجُرِ، "ولا تحسَّسوا" وفي روايةٍ في الصَّحيحَينِ: "ولا تَحسَّسوا، ولا تَجسَّسوا"، والتحسُّس الاستماعُ لحَديثِ القومِ، والتَّجسُّس البحثُ عن العَوراتِ، والتفتيشُ عن بواطنِ الأمورِ، وقيل: هما مُترادفانِ، ومعناهما: طلبُ مَعرفةِ الأخبارِ، وأكثرُ ما يُقالُ ذلك في الشرِّ، "ولا يَبِعْ بعضُكم على بَيْعِ بعضٍ" معناه: أنْ يقولَ رجُلٌ لِمَنِ اشترى سِلعةً: اتركْ هذا البائعَ، وأنا أبيعُ لك أحسنَ منها، أو بثَمنٍ أقلَّ منه، ونحو ذلك، ومِثلُ ذلك الشِّراءِ على الشِّراءِ كأنْ يقولَ لِلبائعِ: لا تَبعْها لفلانٍ، وسأشتريها منك بِأزيَدَ منه.
"وكونوا عبادَ الله إخوانًا"، أي: تعامَلوا مع بَعضِكم كما يَتعاملُ الإخوةُ من النَّسَبِ الواحدِ في الشَّفَقةِ، والرَّحمةِ، والمحبَّةِ، والمُواساةِ، والمعاوَنةِ، والنَّصيحةِ.
وفي الحديثِ: الحثُّ على تَرْكِ البَحثِ عن أُمورِ الناسِ المستورةِ وتَتبُّعِ عَوراتِهم( ).