شرح حديث يا أيها الناس إن أحدكم لن يموت حتى يستكمل رزقه فلا تستبطئوا
كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة
قدَّر اللهُ عزَّ وجلَّ الرِّزقَ للإنسانِ، وهو في بَطنِ أُمِّه، ومع ذلك أمَره بأنْ يَسْعى في تَحْصيلِه من الحَلالِ الطيِّبِ.
وفي هذا الحَديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "يا أيُّها النَّاسُ"، وهذا خطابٌ لجَميعِ البَشَرِ، "إنَّ أحدَكم لن يَموتَ؛ حتى يَستكمِلَ رِزْقَه"، أي: لن يَنتَهيَ عُمرُ الإنسانِ إلَّا بعدَ أنْ يَستكمِلَ ويأخُذَ رِزقَه الذي كَتَبَه له المَلَك وهو في بَطنِ أُمِّه؛ فإنَّ كُلَّ إنسانٍ قد كُتِبَ له وهو في بَطنِ أُمِّه رِزقُه وعُمرُه، "فلا تَستَبْطِئوا الرِّزقَ"، أي: اعْلَموا أنَّ الرِّزقَ لا بُدَّ أنْ يَصِلَ للعَبدِ؛ حتى لو ظَهَرَ للإنسانِ أنَّه تأخَّر عنه؛ فإنَّ ذلك من حِكمَةِ اللهِ عزَّ وجلَّ، "خُذوا ما حَلَّ ودَعوا ما حَرُمَ "، أي: ما دامَ أنَّ الرِّزقَ مَقْسومٌ؛ فلا تَطلُبوا هذا الرِّزقَ بما حرَّمَ اللهُ عزَّ وجلَّ؛ فإنَّ الحَرامَ لا يَجلِبُ للعَبدِ رِزقًا لم يكُن اللهُ كَتَبَه له، وهذا تَوجيهٌ للاكتِفاءِ والقَناعَةِ بالحَلالِ والبُعْدِ عن الحَرامِ؛ ولذلك جاءَ في بعضِ الرِّواياتِ - كما عِندَ ابنِ حِبَّان-: "فأَجْمِلوا في الطَّلَبِ"، بأنْ تَطلُبوه من حِلِّه بلا حِرصٍ، ولا تَعَبٍ، ولا خَوفٍ على فَواتِه.
وهذا لا يُنافي الأمْرَ بالعَمَلِ والسَّعْيِ في الأرضِ؛ لابْتِغاءِ الرِّزقِ، ولكنَّه تَهْذيبٌ للسَّعْيِ، وإرشادٌ لعَدَمِ التَّكالُبِ على الدُّنيا، وعَدَمِ الحُزنِ على ما فات منها؛ فإنَّه تَعالى قد قدَّرَ الرِّزقَ وكَتَبَه وقدَّرَ له سَبَبًا هو الطَّلَبُ بالإجْمالِ.
وفي الحديثِ: الأمْرُ بالرِّفْقِ في طَلَبِ الدُّنيا، والاهتِمامُ بطاعَةِ اللهِ؛ فإنَّ كُلَّ شَيءٍ مُقدَّرٌ منه سُبْحانَه( ).
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم