دعا الفضل بن عباس عبد الله بن عباس يوم عرفة إلى الطعام يأكل

الصِّيامُ يومَ عَرَفةَ لغيرِ الحاجِّ له فضلٌ عظيمٌ، إلَّا أنَّ الأَولى للحاجِّ أنْ يُفطِرَ في ذلك اليومِ؛ اسْتِقواءً على ما فيه مِن وُقوفٍ بجبَلِ عَرَفةَ، والدُّعاءِ والذِّكرِ.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ التابعيُّ عطاءُ بنُ أبي رَباحٍ: "دعا الفضْلَ بنَ عبَّاسٍ عبدُ اللهِ بنُ عبَّاسٍ يومَ عَرَفةَ إلى الطَّعامِ يَأكُلُ"، أي: إنَّ عبدَ اللهِ بن عبَّاسٍ دعا أخاهُ الفضْلَ لِيَأكُلَ يومَ عَرَفةَ وهم واقِفونَ في المنسَكِ، فقال الفضْلُ رضِيَ اللهُ عنه: "إنِّي صائمٌ"، أي: امتنَعَ عنْ إجابةِ أخيهِ للطَّعامِ؛ لصِيامِه في ذلك اليومِ، فقال عبدُ اللهِ رضِيَ اللهُ عنه: "إنَّكم أهلُ بيتٍ يُقْتَدَى بكم"، أي: يَقتَدي الناسُ بأفعالِكم، ويَفعَلون مِثلَكم؛ فإنْ رَأَوكم صائمينَ صاموا، وهذا فيه مُخالَفةٌ لِسُنَّةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ "لقد رأَيتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في هذا اليومِ وضَعَ على يَدِه مِحْلَبًا"، أي: إناءً "مِن لَبَنٍ، فَشرِبَه"، وكان ذلك أمامَ الناسِ؛ لِيَقتَدوا به، ويُفطِروا يومَ عَرَفةَ؛ لِيَكونَ أقوى لهم على إتمامِ المناسِكِ، وظهَرَ بذاك أنَّ سُنَّةَ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم هي الإفطارُ يومَ عَرَفةَ؛ شَفقةً ورحمةً بالحَجيجِ.
وفي الحديثِ: الحثُّ على اتِّباعِ سُنَّةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
وفيه: أنَّه يَنبغي للعُلماءِ مُراعاةُ حالِهم وتَصرُّفاتِهم؛ لِمَا يَترتَّبُ عليها وسَطَ عَوامِّ الناسِ مِن اقتِداءٍ واتِّباعٍ .