اذهبوا إلى محمدٍ عبدٌ غفرَ اللهُ له ما تقدَّمَ من ذنبِه وما تأخَّرَ ، قال صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : فيأتوني فأذهبُ إلى ربي ، فإذا رأيتُه خررْتُ ساجدًا وأحمدُ ربي بمحامدَ يفتحُها عليَّ لا أُحْسِنُها الآن ، فيقالُ لي : أي محمدٍ ارفعْ رأسَك وقلْ يُسْمَعْ وسلْ تُعْطَهْ واشفعْ تشفعْ ، قال : فيَحُدُّ لي حدًا فأدخلُهم الجنةَ
الراوي : - | المحدث : ابن تيمية
| المصدر : مجموع الفتاوى
الصفحة أو الرقم: 1/294 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
أخبَرَنا النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ عن أحْداثِ يومِ القِيامةِ، ووصَفَ ما في هذا اليومِ العظيمِ؛ لِيَتَّعِظَ النَّاسُ، ويَعمَلوا لهذا اليومِ العَظيمِ، وهذا المَتْنُ يُبيِّنُ بعضًا مِن ذلك وهو جُزءٌ من روايةٍ طَويلةٍ؛ يَرْوي فيها الصَّحابيُّ الجليلُ أبو هُرَيْرةَ رضِيَ
اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ أخْبَرَهُم عن بعضِ أهوالِ يَومِ القِيامةِ، وكيف أنَّ النَّاسَ تَطلُبُ من الرُّسُلِ أنْ يَشفَعوا عِندَ
اللهِ؛ لِيَبدَأَ الحِسابُ أو يَرحَمَهُم من هذا المَوقِفِ، وأوضَحَ أنَّ الأنبياءَ يَخافونَ من غَضَبِ
اللهِ ذلك اليَومَ، ويَذكُرُ بعضُهم ذُنوبَه، وكُلٌّ منهم يقولُ -كَما في الصَّحيحَينِ-: "إنَّ ربِّي قد غَضِبَ اليَومَ غَضَبًا لم يَغضَبْ قَبلَهُ مِثلَهُ، ولن يَغضَبَ بعدَه مِثلَهُ، ويقولُ: نَفْسي نَفْسي، اذْهَبوا إلى غَيري"، حتى يقولَ لهم عيسى ابنُ مَريَمَ عليهما السَّلامُ: "اذْهَبوا إلى مُحمَّدٍ؛ عَبدٍ غفَرَ
اللهُ له ما تقدَّمَ من ذَنْبِهِ وما تَأخَّرَ"، وهذا من فَضْلِ
اللهِ على نَبيِّنا مُحمَّدٍ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ كما ذُكِرَ في قَولِهِ تَعالى:
{ لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ } [
الفتح: 2 ]، وهذه خَصائِصُ تُؤهِّلُه أنْ يَشفَعَ عِندَ
اللهِ.
قال صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ: "فَيَأْتوني"،
أي: يَذهَبُ النَّاسُ إليه يَطلُبونَ منه الشَّفاعةَ للهِ، "فأذهَبُ إلى ربِّي، فإذا رَأيتُهُ" كما يَشاءُ
اللهُ أنْ يَراهُ عَبدُهُ، "خَرَرتُ ساجِدًا"،
أي: نَزَلتُ إلى الأسفَلِ ساجِدًا مُعظِّمًا للهِ سُبْحانَهُ، "وأحمَدُ ربِّي بمَحامِدَ يَفتَحُها عليَّ لا أُحسِنُها الآنَ"، وهذا مِن فضْلِ
اللهِ عليه في الآخرةِ أيضًا، وأنَّ
اللهَ يُلْهِمُه ويُلْقي في نفْسِهِ المحامِدَ الَّتي يُحِبُّها مِن عِبادِهِ، فتكونُ قُربةً إليه سُبحانَهُ، فيقولُ الحقُّ سُبحانَهُ، "فيُقالُ لي: أي مُحمَّدُ،" وهذا من التَّطْمينِ والتَّرحُّمِ لحالِ النَّبيِّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ؛ فيُنادى باسْمِهِ ويُقالُ له: "ارْفَعْ رَأسَكَ"،
أي: ارْفَعْ رأسَكَ مِن السُّجودِ، "وقُلْ يُسمَعْ"،
أي: يُسمَعْ كَلامُكَ ويُرْضَ به، "وسَلْ تُعطَهُ واشْفَعْ تُشفَّعْ"،
أي: اطلُبْ ما شِئْتَ؛ فإنَّه مُجابٌ لكَ، واطلُبِ الشَّفاعةَ لمَن شِئْتَ؛ فإنَّ شَفاعتَكَ مَقْبولةٌ فيهم، قال صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ: "فيَحُدُّ لي حَدًّا فأُدخِلُهُم الجَنَّةَ"،
أي: يُبيِّنُ لي في الشَّفاعةِ حَدًّا لا أتخطَّاهُ، وإذا كانتِ الشَّفاعةُ هي التَّوسُّطُ عِندَ
اللهِ للنَّاسِ؛ فإنَّ النَّبيَّ صلَّى الهُأ عليه وسلَّمَ يَشفَعُ للمُسلِمينَ يومَ القيامةِ، ويَشفَعُ لِلنَّاسِ في بَدءِ الحِسابِ، وهي الشَّفاعةُ العامَّةُ ثم يَشفَعُ للمُؤمِنينَ، ولِمَنْ شاءَ
اللهُ له أنْ يَشفَعَ فيه.
وفي الحَديثِ: بَيانُ كَرامةِ النَّبيِّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ يَومَ القِيامةِ، وتَفْضيلِهِ على سائرِ الأنبياءِ بالشَّفاعةِ .
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم