شرح حديث أن عبد الله بن جعفر ابتاع بيعا فقال علي لآتين عثمان
كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة
نظَّمَ الشرعُ الإسلاميُّ أمورَ التصرُّفِ في الأموالِ الشخصيَّةِ، وأقامَ نظامًا لمُراقَبةِ تصرُّفاتِ الأشخاصِ في أموالِهم؛ حتى يَضمَنَ صحَّةَ الإنفاقِ في وُجوهِ المنافعِ والمصالحِ دونَ المفاسِدِ والمَضارِّ، أو السَّفَهِ وعدمِ الفائدةِ.
وفي هذا الأثرِ يَروي عُروةُ بنُ الزُّبيرِ: "أنَّ عبدَ
اللهِ بنَ جعفرٍ ابتاعَ بيعًا"، وكان قد اشتَرى أرضًا سَبِخةً -وهي الأرضُ المالحةُ- بستِّينَ ألفَ درهمٍ، "فقال عليٌّ: لآتيَنَّ عثمانَ، فلأَحْجُرَنَّ عليك"، فكأنَّ عليًّا رَضِي
اللهُ عنه عَدَّهُ مَغْبونًا في شرائِه، وأنَّه لا يَستطيعُ التصرُّفَ في مالِه، وينبغي الحَجْرُ عليه ومنعُه مِن التصرُّفِ فيه، وكان عُثمانُ حينئذٍ خَليفةَ المسلمينَ، "فأعلَمَ ذلك ابنُ جعفرٍ الزُّبيرَ"؛ لِيُعطيَه الرأيَ والمشورةَ، فقال له الزُّبيرُ: أنا شريكُك في بَيعتِك"، وهذا لبيانِ موافقتِه على ما عقَدَه عبدُ
اللهِ مِن البيعِ وأنَّه بيعٌ رابحٌ، "فأتَى عليٌّ عُثمانَ فقال: إنَّ ابنَ جَعفرٍ قد ابتاعَ بيعَ كذا؛ فاحجُرْ عليه، فقال الزُّبيرُ: أنا شريكُه، فقال عُثمانُ: كيف أحجُرُ على رجُلٍ شريكُه الزُّبيرُ؟!"، وقد كان الزُّبيرُ رَضِي
اللهُ عنه معروفًا بالحِذْقِ في البَيعِ والشراءِ، فإنْ كان شَريكًا في بَيعةٍ، فلا يَستطيعُ أحدٌ أنْ يَعتبِرَها خاسرةً، أو يَعتبِرَ مَن عقَدَها ناقِصَ العقلِ والأهليَّةِ.
والحَجْرُ
في اللُّغةِ: هو المنعُ والتضييقُ، وهو في حقِّ مَن يُحجَرُ عليه مِن التصرُّفِ في مالِه؛ لأنَّه منعٌ له عن ذلك، وهو على ضَرْبينِ: حَجْرٌ للغيرِ، وحَجْرٌ لنفْسِه، فالحَجْرُ للغيرِ: كالمُفلِسِ في حقِّ الغُرماءِ، والمريضِ لورَثتِه، والمُكاتِبِ لسيِّدِه، وأمَّا الحَجْرُ لنفْسِه: فهو الحَجْرُ على المجنونِ، والسَّفيهِ، والصغيرِ.
والحَجْرُ على البالِغينَ في آيتَينِ مِن كِتابِ
اللهِ تعالى، وهما: قولُ
اللهِ تعالى:
{ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ } [
البقرة: 282 ]، فأثبَتَتِ الآياتُ الوِلايةَ والحَجْرَ على السَّفيهِ والضَّعيفِ والذي لا يَستطيعُ أنْ يُمِلَّ، وأمَرَ وليَّه بالإملاءِ عليه؛ لأنَّه أقامَهُ فيما لا غِنَى به عنه مِن مالِه مُقامَه .
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم