شرح حديث عليكم بالشام فإنها صفوة بلاد الله يسكنها خيرته من خلقه
كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة
بِلادُ الشَّامِ لها فَضْلٌ كبيرٌ؛ فهي مُهَاجَرُ الأنبياءِ، ومَهْبِطُ الرِّسالاتِ السَّماوِيَّةِ، خَصَّها اللهُ تَعالى بمَناقِبَ كثيرةٍ، وشَرَّفَها بِفَضْلٍ عَظيمٍ.
وفي هذا الحَديثِ يقولُ واثِلةُ بنُ الأسقَعِ اللَّيثيُّ أبو فَسيلةَ رضِيَ اللهُ عنه: سَمِعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ لِحُذيفةَ بنِ اليَمانِ، ومُعاذِ بنِ جَبَلٍ، وهُما يَستَشيرانِهِ في المَنزِلِ، ويَطلُبانِ منه الرَّأيَ في المكانِ الَّذي يَختارُهُ لهم لِيَنزلوا فيه إذا تفرَّقَتِ الأُمَّةُ أو انقَسَمَتْ جُيوشُها آخِرَ الزَّمانِ إنْ أدرَكَهُم ذلِكَ الزَّمانُ، "فأوْمَأَ إلى الشَّامِ، ثمَّ سَأَلاهُ، فأوْمَأَ إلى الشَّامِ"، وهذا تَأكيدٌ لاختيارِهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وأنَّه اختارَ لهما الذَّهابَ إلى الشَّامِ والإقامةَ فيه، ثُمَّ بيَّنَ لهما السَّبَبَ، فقال: "عليكم بالشَّامِ"، فالْزَموها وتَمسَّكوا بالنُّزولِ فيها؛ "فإنَّها صَفْوةُ بلادِ اللهِ" اختارَها اللهُ من البِلادِ "يَسكُنُها خِيرتُهُ من خَلْقِهِ"، فيَجْمَعُ اللهُ إلى أرْضِ الشَّامِ المُخْتَارينَ من عِبادِهِ؛ لِيَسكُنوا فيها آخِرَ الزَّمانِ، فخَيرُ البِقاعِ يَسكُنُها خَيرُ النَّاسِ، "فمَن أبَى"، وامتَنَعَ عن التَّوجُّهِ إلى الشَّامِ "فلْيَلحَقْ بيَمَنِهِ"، فيَنزِلُ ويُقيمُ بها ويَسكُنُها "ولْيَسقِ من غُدُرِهِ"، والمُرادُ أنْ يَشرَبَ كُلُّ واحِدٍ من الحَوضِ والمَكانِ المُخصَّصِ لِشُربِهِ، ويَسقِيَ دَوابَّهُ، ويَأخُذَ حاجَتَهُ منه، ولا يُزاحِمَ غَيرَهُ على مائِهِ حتَّى لا تقَعَ الفِتَنُ بيْنَ النَّاسِ، ثُمَّ أكَّدَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ اختيارَهُ لِبلادِ الشَّامِ، فعادَ إلى ما بدَأَ منه، فقالَ: "فإنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ تَكفَّلَ لي بالشَّامِ وأهْلِهِ"، بمَعْنى أنَّ اللهَ تَكفَّلَ وضَمِنَ لأجْلي حِفظَ بِلادِ الشَّامِ وأهْلِها من بَأسِ الكَفَرةِ واسْتِيلائِهم عليها، وبألَّا تُصِيبَهُ الفِتْنةُ، ولا يُهلِكَ اللهُ بالفِتْنةِ مَنْ أقامَ بها.
وفي الحَديثِ: بيانُ بعضِ السُّننِ الواردةِ في الفِتنِ، وبعضِ ما جاء في الأجنادِ الكائنةِ بالأمصارِ
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم