حديث ما نسمع منك فقال أكتاب مع كتاب الله فقلنا ما نسمع فقال

أحاديث نبوية | مسند الإمام أحمد | حديث أبو سعيد الخدري

«كُنَّا قُعودًا نَكتُبُ ما نَسمَعُ منَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فخرَج علينا، فقال: "ما هذا تَكتُبونَ؟ "فقُلْنا: ما نَسمَعُ منكَ، فقال: "أكِتابٌ مع كِتابِ اللهِ؟" فقُلْنا: ما نَسمَعُ، فقال: "أكِتابٌ غيرُ كِتابِ اللهِ، امْحِضوا كِتابَ اللهِ، وأَخلِصوه" قال: فجَمَعْنا ما كتَبْنا في صَعيدٍ واحدٍ، ثُم أَحرَقْناه بالنَّارِ، قُلْنا: أيْ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، أنَتَحدَّثُ عنكَ؟ قال: "نَعمْ، تَحدَّثوا عنًّي ولا حرَجَ، ومَن كذَب عليَّ مُتعمِّدًا فلْيَتبوَّأْ مَقعَدَه منَ النَّارِ"، قال: فقُلْنا: يا رسولَ اللهِ، أنَتَحدَّثُ عن بَني إسرائيلَ؟ قال: "نَعمْ، تَحدَّثوا عن بَني إسرائيلَ ولا حرَجَ؛ فإنَّكم لا تَحدَّثونَ عنهم بشيءٍ إلَّا وقد كان فيهم أَعجَبُ منه".»

مسند الإمام أحمد
أبو سعيد الخدري
شعيب الأرناؤوط
صحيح

مسند الإمام أحمد - رقم الحديث أو الصفحة: 11092 - أخرجه مسلم (2004) بعضه في أثناء حديث، وابن ماجه (37) مختصراً، وأحمد (11092) واللفظ له

شرح حديث كنا قعودا نكتب ما نسمع من النبي صلى الله عليه وسلم فخرج


كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة

الكِتابةُ مِن أهمِّ أدَواتِ حِفْظِ العِلْمِ؛ ولذا حَرَصَ الصَّحابةُ عليها فيما أمْكَنَ كتابتُه مِنَ الوَحيِ، كما أنَّهم كانوا يَحفظونَ القرآنَ وما يَسمعونَه مِن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في صُدورِهم؛ ليُبلِّغوه مَن بعدَهم.
وفي هذا الحَديثِ يقولُ أبو سَعيدٍ الخُدْريُّ رضِيَ اللهُ عنه: "كُنَّا قُعودًا نَكتُبُ ما نَسمَعُ منَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ"، والظاهِرُ أنَّهم كانوا يَتَذاكَرونَ ما كانوا يَسمَعونَه منَ السُّنةِ ويَكتُبونَها، "فخرَجَ علينا، فقال: ما هذا تَكتُبونَ؟" مُنكِرًا عليهم كتابةَ الحديثِ، "فقُلْنا: ما نَسمَعُ منكَ" نكتُبُ ما نَسمَعُه فقطْ منكَ، "فقال: أكِتابٌ معَ كِتابِ اللهِ؟!" فخَشيَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يكونَ كتابةُ السُّنةِ مُلْهيةً عنِ القُرآنِ الكَريمِ، "فقُلْنا: ما نَسمَعُ؛ فقال: أكِتابٌ غيرُ كِتابِ اللهِ؟!" وإنَّما كرَّرَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قولَه تَأْكيدًا للإنْكارِ، "أمْحِضوا كتابَ اللهِ، وأخْلِصوه"، اجْعَلوا القُرآنَ خالصًا مَكتوبًا هو وَحْدَه فقطْ حتى تَحفَظوه في قُلوبِكم، ولا تَحفَظوا غيرَه منَ الكُتبِ.
قال أبو سَعيدٍ رضِيَ اللهُ عنه: "فجمَعْنا ما كتَبْنا في صَعيدٍ واحدٍ، ثم أحْرَقْناه بالنارِ" جَمَعوا ما كَتَبوه منَ الحَديثِ في مكانٍ واحدٍ، ثم أحْرَقوه حتى لا يَبْقى أثَرٌ، "قُلْنا: أيْ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، أنتحَدَّثُ عنكَ؟" نَرْوي ما نَسمَعُه منكَ لغيرِنا؟ "قال: نَعم، تَحدَّثوا عنِّي ولا حرَجَ"، أي: انْشُروا كَلامي وسُنَّتي دونَ تأثُّمٍ أو تَحرُّجٍ منَ الوُقوعِ في الإثْمِ، وكأنَّهم ظنُّوا أنَّ نَهيَهم عنِ الكِتابةِ نَهيٌ عنِ الحديثِ، فبيَّنَ لهمُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ضوابطَ التَّحديثِ عنه، فقال: "ومَن كذَبَ عليَّ" والكذب هو الإخبارُ عنِ الشَّيءِ على خِلافِ ما هو عليه، كأنْ يُحدِّثَ بما لا يَسمَعُ، أو يَزيدَ فيه ما ليس منه أو يَنقصَ منه ما يُخلُّ بالمعنَى، أو يُحرِّفَه عن مُرادِه...
إلى غيرِ ذلك، "مُتعمِّدًا"، أي: قاصِدًا ذِكرَ الأخبارِ والأحاديثِ عنِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بخِلافِ ما هي عليها، "فلْيَتبوَّأْ مَقعَدَه منَ النارِ" لأنَّه قدِ استَوجَبَ على نَفسِه النارَ بقَصدِه الكَذِبَ على رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وهذا وَعيدٌ شَديدٌ يُفيدُ أنَّ ذلك من أكبَرِ الكَبائِرِ.
قال أبو سَعيدٍ رضِيَ اللهُ عنه: "فقُلْنا: يا رسولَ اللهِ، أنتحدَّثُ عن بَني إسْرائيلَ؟" ونُخبِرُ بقَصَصِهم وعَجائبِهم، "قال: نَعم، تَحدَّثوا عن بَني إسْرائيلَ" وأخْبِروا بما حَدَّثَكم به بنو إسْرائيلَ ووَجَدْتموه في كُتُبِهم، ممَّا لا يَتعارَضُ معَ الشَّرعِ، وبِما لا تَعلَمونَ كَذِبَه، "ولا حرَجَ" لا يقَعُ عليكم شيءٌ مِنَ الإثمِ والذَّنبِ في الحديثِ عنهم؛ "فإنَّكم لا تُحَدِّثونَ عنهم بشيءٍ إلَّا وقد كان فيهم أعجَبُ منه"؛ وذلك لكثرةِ أفْعالِهمُ العَجيبةِ والشَّنيعةِ.
وليس المقصودُ من قولِه: "لا حَرَجَ" إباحةَ الكَذبِ في أخْبارِهم، ورفْعَ الإثمِ عن نَقلِ الكَذبِ عنهم، بل هذا تَرخيصٌ في الحديثِ عنهم على البَلاغِ، وإنْ لم يَتحقَّقْ ذلك بنَقْلِ الإسنادِ؛ لتَعذُّرِه بطُولِ المُدَّةِ، بخِلافِ أحْكامِ شَريعةِ الإسْلامِ؛ فإنَّ الأصلَ فيها التحديثُ بالاتِّصالِ.
وإذا كان هذا الحديثُ أثبَتَ نَهيَ النبيِّ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّم عن كِتابةِ الحديثِ، فقد ثبَتَ أمرُه بها أيضًا؛ ففي الصَّحيحَينِ أنَّه لَمَّا خطَب رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بعدَ فتْحَ مَكَّةَ، قام رجُلٌ من أهلِ اليَمنِ، فقال: اكتُبْ لي يا رسولَ الله، فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "اكتُبوا لأبي شاهٍ"، وهذا أمرٌ صريحٌ بالكِتابةِ؛ فقال أكثرُ أهلِ العِلمِ: إنَّ أحاديثَ الأمْرِ بالكِتابةِ ناسِخةٌ لأحاديثِ النهيِ عنها؛ فقد كان النهيُ لعِلَّةٍ؛ فإنَّه ربَّما اختلَطَ حديثُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالقُرآنِ كما هو مُصرَّحٌ به في هذا الحَديثِ، فلمَّا زالتِ العِلَّةُ أُذِنَ في الكِتابةِ؛ لزوالِ المحذورِ من الكِتابةِ، ويُؤيِّدُ هذا عمومُ الألفاظِ، وأنَّها متأخِّرةٌ في الزَّمنِ.
وقيل: إنَّ النَّهيَ إنَّما كان عن كِتابةِ الحديثِ مع القُرآنِ في صَحيفةٍ واحدةٍ؛ لأنَّهم كانوا يَسمعونَ تأويلَ الآيةِ؛ فربَّما كتَبوه معها، فنُهوا عن ذلك لخوفِ الاشتِباهِ، وأُذِنَ لهم في كِتابةِ السُّنةِ مُستقِلَّةً أو لأفرادٍ وفي حوادثَ قَليلةٍ لمُحتاجٍ ونحوِه، فلمَّا كمَل الوحيُ انتفَتْ تِلك العِلَّةُ، وذلك بعدَ أنْ رسخَتْ معرفةُ الصحابةِ بالقُرآنِ؛ فلمْ يُخشَ خَلطُهم له بغيرِه من حديثِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
وقيل: إنَّ النهيَ كان في حَقِّ مَن يُوثَقُ بحِفظِه مَخافةَ أنْ يتَّكِلَ على الكِتابةِ، وأمَّا الإذنُ فهو في حقِّ مَن لا يُوثَقُ بحِفظِه.
وبعضُ الصَّحابةِ داومَ على عدَمِ الكِتابةِ مِن باب الحِرصِ والتحرُّجِ والتأثُّم الشَّخصيِّ أنْ يَتحمَّلَ بعضَ وِزرِ الخَلطِ بيْنَ القرآنِ وشيءٍ من السُّنَّةِ، أو خشيةَ أنْ ينشغلَ عن كِتابةِ القرآنِ.
وفي هذا الحَديثِ: تَعْظيمُ الكَذبِ عليه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وأنَّه مُوبِقةٌ كبيرةٌ .

شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم

قم بقراءة المزيد من الأحاديث النبوية


الكتابالحديث
مسند الإمام أحمدكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي العصر وإن الشمس لطالعة في
مسند الإمام أحمدكان اسم جويرية بنت الحارث برة فحول النبي صلى الله عليه وسلم اسمها
مسند الإمام أحمدألا أخبركم بخير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وخيرها بعد أبي بكر
مسند الإمام أحمدأن غيلان بن سلمة الثقفي أسلم وتحته عشر نسوة فقال له النبي صلى
مسند الإمام أحمدأحرمي وقولي إن محلي حيث تحبسني فإن حبست أو مرضت فقد أحللت من
مسند الإمام أحمدخرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم كان يصومه قال
مسند الإمام أحمدعن مطرف قال قعدت إلى نفر من قريش فجاء رجل فجعل يصلي يركع
مسند الإمام أحمدعن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تبارك وتعالى وذكرهم بأيام الله
مسند الإمام أحمدأن زوجها طلقها ثلاثا فأتت النبي صلى الله عليه وسلم تشكو إليه فلم
مسند الإمام أحمدجاءت فاطمة بنت عتبة بن ربيعة تبايع النبي صلى الله عليه وسلم فأخذ
مسند الإمام أحمدكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة
مسند الإمام أحمدبينا أنا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ استأذن رجل من اليهود


أشهر كتب الحديث النبوي الصحيحة


صحيح البخاري صحيح مسلم
صحيح الجامع صحيح ابن حبان
صحيح النسائي مسند الإمام أحمد
تخريج صحيح ابن حبان تخريج المسند لشاكر
صحيح أبي داود صحيح ابن ماجه
صحيح الترمذي مجمع الزوائد
هداية الرواة تخريج مشكل الآثار
السلسلة الصحيحة صحيح الترغيب
نخب الأفكار الجامع الصغير
صحيح ابن خزيمة الترغيب والترهيب

قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 20, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب