شرح حديث جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إني جبان وإني
كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة
أوضَحَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كَثيرًا مِنَ الأعمالِ الصَّالِحةِ التي تَفَضَّلَ اللهُ بها على عِبادِه، ووَعَدَهم عليها بالأجْرِ العَظيمِ، ومِن هذه الأعمالِ الجِهادُ في سَبيلِ اللهِ، والحَجُّ، والعُمرةُ.
وفي هذا الحَديثِ بَيانٌ لِهذه المَعاني، فيَروي الحُسَينُ بنُ علِيِّ بنِ أبي طالِبٍ رَضيَ اللهُ عنه: "جاءَ رَجُلٌ إلى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فقالَ: إنِّي جَبانٌ" أخافُ، "وإنِّي ضَعيفٌ"، أيْ: ضَعيفُ القُوَّةِ والبَأْسِ، وهو إشارةٌ منه إلى عَدَمِ قُدرَتِه على الجِهادِ، ولَعَلَّ المُرادَ به جِهادُ الطَّلَبِ، لا جِهادُ الدَّفعِ، "فقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: هَلُمَّ إلى جِهادٍ لا شَوكةَ فيه"، بمَعنى: أقْبِلْ على جِهادٍ بلا تَعَبٍ ولا مَشَقَّةٍ مِثلِ مَشَقَّةِ جِهادِ القِتالِ، وهذا الجِهادُ هو "الحَجُّ"، فلِمَن حَجَّ حَجًّا مَبرورًا بلا رَفَثٍ ولا جِدالٍ، غُفرانُ الذُّنوبِ، وله مع ذلك أجْرُ الجِهادِ؛ وفي رِوايةِ النَّسائيِّ مِن حَديثِ أبي هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه: "جِهادُ الكَبيرِ والصَّغيرِ والضَّعيفِ والمَرأةِ: الحَجُّ والعُمرةُ"، وإنَّما قيلَ لِلحَجِّ: جِهادٌ؛ لِأنَّه يُجاهِدُ في نَفْسِه بالكَفِّ عن شَهَواتِها ووَساوِسِ الشَّيطانِ، ودَفعِ المُشرِكينَ عنِ البَيتِ باجتِماعِ المُسلِمينَ إليه مِن كُلِّ ناحيةٍ، ولِأنَّ في جِهادِ القِتالِ تَحَمُّلُ الألَمِ بالبَدَنِ والمالِ وبَذلِ الرُّوحِ، وفي الحَجِّ تَحَمُّلُ الألَمِ بالبَدَنِ، وبَعضِ المالِ، دونَ الرُّوحِ، فهو جِهادٌ أضعَفُ مِنَ الجِهادِ في سَبيلِ اللهِ، فمَن ضَعُفَ عنِ الجِهادِ فالحَجُّ له جِهادٌ.
وفي الحَديثِ: بَيانُ رَحمةِ اللهِ بعِبادِه الضُّعَفاءِ، وتَفَضُّلِه عليهم بالحَجِّ؛ لِيُعطيَهم عليه أجْرَ الجِهادِ.
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم