قال عبد الله من هاجر يبتغي شيئا فهو له قال هاجر رجل ليتزوج

جَعَلَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ النِّيَّةَ أصلَ العِباداتِ والمَقاصِدِ التي يَترَتَّبُ عليها الأجْرُ.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ عَبدُ اللهِ بنُ مَسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ مَن قَصَدَ بهِجرَتِه وخُروجِه مِن مَوطِنِه شَيئًا، فأجْرُه في هِجرَتِه أجْرُ ما قَصَدَ وخَرَجَ إليه؛ فمَنْ قَصَدَ بهِجرَتِه امتِثالَ أمْرِ رَبِّه، وابتِغاءَ مَرضاتِه، والفِرارَ بِدِينِه مِنَ الفِتَنِ؛ فهِجرَتُه هِجرةٌ شَرعيَّةٌ مَقبولةٌ عِندَ اللهِ تَعالى، ومَن قَصَدَ بهِجرَتِه مَنفَعةً دُنيَويَّةً، وغَرَضًا شَخصيًّا مِن مالٍ، أو تِجارةٍ، أو زَوجةٍ حَسناءَ؛ فلا يَنالُ مِن هِجرَتِه إلَّا تلك المَنفَعةَ التي نَواها، ولا نَصيبَ له مِنَ الأجْرِ والثَّوابِ في الآخِرةِ.
ولَمَّا كانتِ الهِجرةُ واجِبةً في عَهدِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن مَكَّةَ إلى المَدينةِ، شَرَعَ الناسُ في الخُروجِ مِن مَكَّةَ على هذا القَصدِ، فأخبَرَ ابنُ مَسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ رَجُلًا منهم خَرَجَ مِن مَكَّةَ مُهاجِرًا إلى اللهِ ورسولِه في الظاهِرِ، وقد جَمَعَه الطَّريقُ مع الناسِ المُهاجِرينَ، ولكِنْ لم يَكُنْ مُرادُه اللهَ ورَسولَه، وإنَّما كان مُرادُه أنْ يَتزَوَّجَ امرأةً مِنَ المُهاجِراتِ قَبلَه، وبهذا القَصدِ لم يَعُدْ في المُهاجِرينَ الذين نَوَوُا الهِجرةَ لِلهِ ورَسولِه، فسُمِّيَ ( مُهاجِرَ أُمِّ قَيسٍ ) نِسبةً إلى اسمِ المَرأةِ التي أرادَ الزَّواجَ بها، ومعنى الحَديثِ يَشمَلُ سائِرَ أغراضِ الدُّنيا، وخَصَّ المَرأةَ بالذِّكرِ بسَببِ تلك القِصَّةِ.