حديث إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد غلبه الوجع وعندكم القرآن

أحاديث نبوية | صحيح البخاري | حديث عبدالله بن عباس

«لَمَّا حُضِرَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وفي البَيْتِ رِجالٌ، فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: هَلُمُّوا أكْتُبْ لَكُمْ كِتابًا لا تَضِلُّوا بَعْدَهُ، فقالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قدْ غَلَبَهُ الوَجَعُ، وعِنْدَكُمُ القُرْآنُ، حَسْبُنا كِتابُ اللَّهِ، فاخْتَلَفَ أهْلُ البَيْتِ واخْتَصَمُوا؛ فَمِنْهُمْ مَن يقولُ: قَرِّبُوا يَكْتُبْ لَكُمْ كِتابًا لا تَضِلُّوا بَعْدَهُ، ومِنْهُمْ مَن يقولُ غيرَ ذلكَ، فَلَمَّا أكْثَرُوا اللَّغْوَ والِاخْتِلافَ، قالَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: قُومُوا. قالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: فَكانَ يقولُ ابنُ عبَّاسٍ: إنَّ الرَّزِيَّةَ كُلَّ الرَّزِيَّةِ، ما حالَ بيْنَ رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وبيْنَ أنْ يَكْتُبَ لهمْ ذلكَ الكِتابَ؛ لِاخْتِلافِهِمْ ولَغَطِهِمْ.»

صحيح البخاري
عبدالله بن عباس
البخاري
[صحيح]

صحيح البخاري - رقم الحديث أو الصفحة: 4432 - أخرجه البخاري (4432) واللفظ له، ومسلم (1637)

شرح حديث لما حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي البيت رجال فقال


كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة

كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حَريصًا على وَحْدةِ أُمَّتِه، وعدَمِ اخْتِلافِها في حَياتِه، وبعْدَ وَفاتِه؛ ولذلك وضَّحَ في سُنَّتِه الدِّينَ ومُهمَّاتِه، وفصَّلَ كَثيرًا مِن الأُمورِ الَّتي قدْ يقَعُ فيها الاخْتِلافُ.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ عَبدُ اللهِ بنُ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّه لَمَّا حُضِرَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، أي: لمَّا مرِضَ مَرضَه الأخيرَ ودَنا مَوْتُه، وفي روايةٍ في البُخاريِّ: أنَّ ذلك كان يومَ الخَميسِ، وكان قبْلَ مَوْتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بأربَعةِ أيَّامٍ في السَّنةِ الحاديةَ عَشْرةَ مِن الهِجْرةِ، وكان في البَيتِ رِجالٌ مِن الصَّحابةِ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «هَلُمُّوا أكتُبْ لكم كِتابًا لا تَضِلُّوا بعدَه»، فيكونُ لهم هاديًا إلى الطَّريقِ القَويمِ، والصِّراطِ المُستَقيمِ، فلا يَميلونَ بعْدَه عن جادَّةِ الحقِّ، ولا يَنحَرِفونَ عن مَنهجِ الصَّوابِ، قيلَ: أرادَ أنْ يَكتُبَ كِتابًا في الأحْكامِ يَرتَفِعُ معَه الخِلافُ، وقيلَ: أرادَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يَكتُبَ لهم كِتابًا يَنُصُّ فيه على الخَليفةِ مِن بَعدِه، ويُؤيِّدُ ذلك ما جاء عندَ مُسلمٍ أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال في أوائلِ مَرَضِه، وهو عندَ عائشةَ رَضيَ اللهُ عنها: «ادْعي لي أباكِ وأخاكِ حتَّى أكتُبَ كِتابًا؛ فإنِّي أخافُ أنْ يَتَمنَّى مُتمَنٍّ، ويَقولَ قائلٌ، ويَأْبى اللهُ والمؤمِنونَ إلَّا أبا بَكرٍ»، وللبُخاريِّ مَعناه.
فقال بعضُهم -وهو عُمَرُ بنُ الخطَّابِ رَضيَ اللهُ عنه، كما ثبَتَ في رِواياتِ الصَّحيحَينِ-: إنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قدْ غلَبَه الوجَعُ، فخَشيَ عُمَرُ رَضيَ اللهُ عنه على رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وأنَّ اهْتِمامَه بالكِتابِ يَزيدُ في الألَمِ والمرَضِ، خاصَّةً معَ ما كان يُصاحِبُه مِن إغْماءٍ ونَحوِه، وظنَّ أنَّ الأمرَ في قَولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «ائْتُوني بكِتابٍ» مِن بابِ الإرْشادِ إلى الأصلَحِ، وقال: «حَسْبُنا كِتابُ اللهِ»، أي: عندَنا القُرآنُ يَكْفينا؛ فإنَّ اللهَ تعالَى قال: { مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ } [ الأنعام: 38 ]، وقال: { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ } [ المائدة: 3 ]؛ فلا تقَعُ واقِعةٌ إلى يومِ القيامةِ إلَّا وفي القُرآنِ والسُّنَّةِ بَيانُها نصًّا أو دَلالةً، وهذا مِن دَقيقِ نظَرِ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنه، ولم يُرِدْ أنَّه يُكْتَفى بالقُرآنِ عن بَيانِ السُّنَّةِ، وقصَدَ بذلك راحةَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ والتَّرْفيهَ عنه؛ لاشتِدادِ مَرضِه، وغَلَبةِ الوجَعِ عليه، ويشُقُّ عليه إمْلاءُ الكِتابِ، أو مُباشَرةِ الكِتابةِ، إلى أنْ يَبْرأَ فيَكتُبَ، ويُمْليَ ما أرادَ، فاختَلَفَ أهلُ البَيتِ الَّذي كانوا فيه مِن الصَّحابةِ لا أهلُ بَيتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فمنْهم مَن يَقولُ: قَرِّبوا يَكتُبْ لكم كِتابًا لا تَضِلُّوا بعدَه، ومنهم مَن يقولُ غيرَ ذلك موافِقًا لقَولِ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنه.
فلمَّا أكْثَرُوا اللَّغَطَ والاخْتِلافَ، قال لهم رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «قُومُوا»، وهذا يدُلُّ على أنَّ أمْرَه الأوَّلَ كان على الاخْتيارِ؛ ولهذا عاشَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بعْدَ ذلك أيَّامًا ولم يُعاوِدْ أمْرَهم بذلك، ولو كان واجبًا لم يَترُكْه لاخْتِلافِهم؛ لأنَّه لم يَترُكِ التَّبليغَ لمُخالَفةِ مَن خالَفَ، وقيلَ: كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُحذِّرُهم منَ الخِلافِ؛ لِما فيه مِن رَفعِ الخَيرِ، كما حدَثَ في تَحْديدِ لَيلةِ القَدرِ وغَيرِها، فكان الخِلافُ واللَّغَطُ الَّذي وقَعَ هو السَّببَ في رَفعِ هذا الكِتابِ، وليس قَولَ عُمَرَ أو غَيرِه رَضيَ اللهُ عنهم جَميعًا.
قال عبيدُ اللهِ- راوي الحديثِ-: فكان ابنُ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما يَقولُ: «إنَّ الرَّزيَّةَ كلَّ الرَّزيَّةِ، ما حالَ بيْنَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وبيْنَ كِتابِه»، أي: إنَّ المُصيبةَ كلَّ المُصيبةِ، -ويَعني بها الاختِلافَ- الَّذي منَعَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن كِتابةِ الكِتابِ الَّذي عزَمَ عليه.
وفي الحَديثِ: كِتابةُ العِلمِ
وفيه: أنَّ الاختِلافَ قد يكونُ سَببًا في حِرْمانِ الخَيرِ.
وفيه: بُطْلانُ ما يدَّعيه الشِّيعةُ من وِصايةِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لعَليٍّ بالإمامةِ.
وفيه: أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لم ينُصَّ صَراحةً بالخِلافةِ مِن بعدِه لأحدٍ مُعيَّنٍ.
وفيه: وُقوعُ الاجتِهادِ بحَضْرةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فيما لم يَنزِلْ عليه فيه وَحيٌ، وفي تَرْكِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ للكِتابةِ إباحةُ الاجتِهادِ المُنضَبِطِ بضَوابِطِ الشَّرعِ؛ لأنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لمَّا ترَكَ الكِتابةَ أوْكَلَهم إلى اجْتِهادِهم.
وفيه: أنَّ الأدبَ في العيادةِ ألَّا يُطيلَ العائدُ عندَ المَريضِ حتَّى يُضجِرَه، وألَّا يَتكلَّمَ عندَه بما يُزعِجُه.
وفيه: أنَّ المَريضَ إذا اشتَدَّ به المَرضُ، فإنَّه يَجوزُ له أنْ يأمُرَ الزَّائرينَ بالخُروجِ.

شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم

قم بقراءة المزيد من الأحاديث النبوية


الكتابالحديث
صحيح البخاريرأيت النبي صلى الله عليه وسلم وكان الحسن بن علي عليهما السلام يشبهه
صحيح البخاريعن عائشة رضي الله عنها كانت تكره أن يجعل يده في خاصرته وتقول
صحيح البخاريقاعدت أبا هريرة خمس سنين فسمعته يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم
صحيح البخاريلما نزل برسول الله صلى الله عليه وسلم طفق يطرح خميصة على وجهه
صحيح البخاريإن مع الدجال إذا خرج ماء ونارا فأما الذي يرى الناس أنها النار
صحيح البخاريدعا النبي صلى الله عليه وسلم الأنصار فقال هل فيكم أحد من غيركم
صحيح البخاريجاء العاقب والسيد صاحبا نجران إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يريدان
صحيح البخاريسمعت سعد بن أبي وقاص يقول ما أسلم أحد إلا في اليوم الذي
صحيح البخاريأصاب عثمان بن عفان رعاف شديد سنة الرعاف حتى حبسه عن الحج وأوصى
صحيح البخاريكنت يوم الأحزاب جعلت أنا وعمر بن أبي سلمة في النساء فنظرت فإذا
صحيح البخاريلم يبق مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض تلك الأيام التي
صحيح البخاريرأيت يد طلحة التي وقى بها النبي صلى الله عليه وسلم قد شلت


أشهر كتب الحديث النبوي الصحيحة


صحيح البخاري صحيح مسلم
صحيح الجامع صحيح ابن حبان
صحيح النسائي مسند الإمام أحمد
تخريج صحيح ابن حبان تخريج المسند لشاكر
صحيح أبي داود صحيح ابن ماجه
صحيح الترمذي مجمع الزوائد
هداية الرواة تخريج مشكل الآثار
السلسلة الصحيحة صحيح الترغيب
نخب الأفكار الجامع الصغير
صحيح ابن خزيمة الترغيب والترهيب

قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Friday, November 22, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب