تفسير الآية - القول في معنى قوله تعالى : يسألك أهل الكتاب أن تنـزل عليهم كتابا ..

  1. تفسير السعدي
  2. تفسير البغوي
  3. التفسير الوسيط
  4. تفسير ابن كثير
  5. تفسير الطبري
الفسير الوسيط | التفسير الوسيط للقرآن الكريم للطنطاوي | تأليف شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي (المتوفى: 1431هـ) : ويعتبر هذا التفسير من التفاسير الحديثة و القيمة لطلاب العلم و الباحثين في تفسير القرآن العظيم بأسلوب منهجي سهل و عبارة مفهومة, تفسير الآية 153 من سورةالنساء - التفسير الوسيط .
  
   

﴿ يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِّنَ السَّمَاءِ ۚ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَىٰ أَكْبَرَ مِن ذَٰلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ۚ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَن ذَٰلِكَ ۚ وَآتَيْنَا مُوسَىٰ سُلْطَانًا مُّبِينًا﴾
[ سورة النساء: 153]

معنى و تفسير الآية 153 من سورة النساء : يسألك أهل الكتاب أن تنـزل عليهم كتابا .


تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

تفسير السعدي : يسألك أهل الكتاب أن تنـزل عليهم كتابا


هذا السؤال الصادر من أهل الكتاب للرسول محمد صلى الله عليه وسلم على وجه العناد والاقتراح، وجعلهم هذا السؤال يتوقف عليه تصديقهم أو تكذيبهم.
وهو أنهم سألوه أن ينزل عليهم القرآن جملة واحدة كما نزلت التوراة والإنجيل، وهذا غاية الظلم منهم والجهل، فإن الرسول بشر عبد مدبر، ليس في يده من الأمر شيء، بل الأمر كله لله، وهو الذي يرسل وينزل ما يشاء على عباده كما قال تعالى عن الرسول، لما ذكر الآيات التي فيها اقتراح المشركين على محمد صلى الله عليه وسلم، قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إِلَّا بَشَرًا رَّسُولًا وكذلك جعلهم الفارق بين الحق والباطل مجرد إنزال الكتاب جملة أو مفرقا، مجرد دعوى لا دليل عليها ولا مناسبة، بل ولا شبهة، فمن أين يوجد في نبوة أحد من الأنبياء أن الرسول الذي يأتيكم بكتاب نزل مفرقا فلا تؤمنوا به ولا تصدقوه؟ بل نزول هذا القرآن مفرقا بحسب الأحوال مما يدل على عظمته واعتناء الله بمن أنزل عليه، كما قال تعالى: وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا فلما ذكر اعتراضهم الفاسد أخبر أنه ليس بغريب من أمرهم، بل سبق لهم من المقدمات القبيحة ما هو أعظم مما سلكوه مع الرسول الذي يزعمون أنهم آمنوا به.
من سؤالهم له رؤية الله عيانا، واتخاذهم العجل إلهًا يعبدونه، من بعد ما رأوا من الآيات بأبصارهم ما لم يره غيرهم.
ومن امتناعهم من قبول أحكام كتابهم وهو التوراة، حتى رفع الطور من فوق رءوسهم وهددوا أنهم إن لم يؤمنوا أسقط عليهم، فقبلوا ذلك على وجه الإغماض والإيمان الشبيه بالإيمان الضروري.
ومن امتناعهم من دخول أبواب القرية التي أمروا بدخولها سجدا مستغفرين، فخالفوا القول والفعل.
ومن اعتداء من اعتدى منهم في السبت فعاقبهم الله تلك العقوبة الشنيعة.
وبأخذ الميثاق الغليظ عليهم فنبذوه وراء ظهورهم وكفروا بآيات الله وقتلوا رسله بغير حق.
ومن قولهم: إنهم قتلوا المسيح عيسى وصلبوه، والحال أنهم ما قتلوه وما صلبوه بل شُبِّه لهم غيره، فقتلوا غيره وصلبوه.
وادعائهم أن قلوبهم غلف لا تفقه ما تقول لهم ولا تفهمه، وبصدهم الناس عن سبيل الله، فصدوهم عن الحق، ودعوهم إلى ما هم عليه من الضلال والغي.
وبأخذهم السحت والربا مع نهي الله لهم عنه والتشديد فيه.
فالذين فعلوا هذه الأفاعيل لا يستنكر عليهم أن يسألوا الرسول محمدا أن ينزل عليهم كتابا من السماء، وهذه الطريقة من أحسن الطرق لمحاجة الخصم المبطل، وهو أنه إذا صدر منه من الاعتراض الباطل ما جعله شبهة له ولغيره في رد الحق أن يبين من حاله الخبيثة وأفعاله الشنيعة ما هو من أقبح ما صدر منه، ليعلم كل أحد أن هذا الاعتراض من ذلك الوادي الخسيس، وأن له مقدمات يُجعل هذا معها.
وكذلك كل اعتراض يعترضون به على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم يمكن أن يقابل بمثله أو ما هو أقوى منه في نبوة من يدعون إيمانهم به ليكتفى بذلك شرهم وينقمع باطلهم، وكل حجة سلكوها في تقريرهم لنبوة من آمنوا به فإنها ونظيرها وما هو أقوى منها، دالة ومقررة لنبوة محمد صلى الله عليه وسلم.
ولما كان المراد من تعديد ما عدد الله من قبائحهم هذه المقابلة لم يبسطها في هذا الموضع، بل أشار إليها، وأحال على مواضعها وقد بسطها في غير هذا الموضع في المحل اللائق ببسطها.
وقوله: وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ يحتمل أن الضمير هنا في قوله: قَبْلَ مَوْتِهِ يعود إلى أهل الكتاب، فيكون على هذا كل كتابي يحضره الموت ويعاين الأمر حقيقة، فإنه يؤمن بعيسى عليه السلام ولكنه إيمان لا ينفع، إيمان اضطرار، فيكون مضمون هذا التهديد لهم والوعيد، وأن لا يستمروا على هذه الحال التي سيندمون عليها قبل مماتهم، فكيف يكون حالهم يوم حشرهم وقيامهم؟" ويحتمل أن الضمير في قوله: قَبْلَ مَوْتِهِ راجع إلى عيسى عليه السلام، فيكون المعنى: وما من أحد من أهل الكتاب إلا ليؤمنن بالمسيح عليه السلام قبل موت المسيح، وذلك يكون عند اقتراب الساعة وظهور علاماتها الكبار.
فإنه تكاثرت الأحاديث الصحيحة في نزوله عليه السلام في آخر هذه الأمة.
يقتل الدجال، ويضع الجزية، ويؤمن به أهل الكتاب مع المؤمنين.
ويوم القيامة يكون عيسى عليهم شهيدا، يشهد عليهم بأعمالهم، وهل هي موافقة لشرع الله أم لا؟ وحينئذ لا يشهد إلا ببطلان كل ما هم عليه، مما هو مخالف لشريعة القرآن وَلِمَا دعاهم إليه محمد صلى الله عليه وسلم، علمنا بذلك، لِعِلْمِنَا بكمال عدالة المسيح عليه السلام وصدقه، وأنه لا يشهد إلا بالحق، إلا أن ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم هو الحق وما عداه فهو ضلال وباطل.

تفسير البغوي : مضمون الآية 153 من سورة النساء


قوله تعالى : ( يسألك أهل الكتاب ) الآية ، وذلك أن كعب بن الأشرف وفنحاص بن عازوراء من اليهود قالا لرسول الله صلى الله عليه وسلم : إن كنت نبيا فأتنا بكتاب جملة من السماء ، كما أتى بهموسى عليه السلام ، فأنزل الله عليه : ( يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء ) .
وكان هذا السؤال منهم سؤال تحكم واقتراح ، لا سؤال انقياد ، والله تعالى لا ينزل الآيات على اقتراح العباد .
قوله : ( فقد سألوا موسى أكبر من ذلك ) أي : أعظم من ذلك ، يعني : السبعين الذي خرج بهم موسى عليه السلام إلى الجبل ، ( فقالوا أرنا الله جهرة ) أي : عيانا ، قال أبو عبيدة : معناه قالوا جهرة أرنا الله ، ( فأخذتهم الصاعقة بظلمهم ثم اتخذوا العجل ) يعني إلها ، ( من بعد ما جاءتهم البينات فعفونا عن ذلك ) ولم نستأصلهم ، قيل: هذا استدعاء إلى التوبة ، معناه : أن أولئك الذين أجرموا تابوا فعفونا عنهم ، فتوبوا أنتم حتى نعفو عنكم ، ( وآتينا موسى سلطانا مبينا ) أي : حجة بينة من المعجزات ، وهي الآيات التسع .

التفسير الوسيط : يسألك أهل الكتاب أن تنـزل عليهم كتابا


ذكر المفسرون فى سبب نزول قوله - تعالى يَسْأَلُكَ أَهْلُ ٱلْكِتَابِ .. الخ ذكروا روايات منها: ما أخرجه ابن جرير عن محمد بن كعب القرظى قال: جاء أناس من اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا محمد، إن موسى جاء بالألواح من عند الله، فأتنا أنت بالألواح من عند الله حتى نصدقك.
فأنزل الله - تعالى - يَسْأَلُكَ أَهْلُ ٱلْكِتَابِ .
إلى قوله وَقَوْلِهِمْ عَلَىٰ مَرْيَمَ بُهْتَاناً عَظِيماً وعن السدى: قالت اليهود: يا محمد، إن كنت صادقا فأتنا بكتاب من السماء كما جاء به موسى.
وعن قتادة: أنهم سألوه أن ينزل على رجال منهم بأعيانهم كتبا، تأمر بتصديقه واتباعه.
والمراد بأهل الكتاب هنا اليهود خاصة، بدليل سياق الأيات الكريمة التى ذكرت أوصافا تنطبق عليهم، وبدليل ما ذكرناه فى سبب نزول الآيات.
والمعنى يسألك اليهود يا محمد على سبيل التعنت والعناد، أن تنزل عليهم كتابا من السماء مكتوبا جملة كما جاء موسى لآبائهم بالتوراة مكتوبة فى الألواح جملة.
أو يسألونك أن تنزل على رجال منهم بأعيانهم كتبا من السماء تأمرهم بتصديقك، وسؤالهم هذا مقصدهم من ورائه التعنت والجحود، ولو كانوا يريدون الإِيمان حقا لما وجهوا إليك هذه الأسئلة المتعنتة؛ لأن الأدلة القاطعة قد قامت على صدقك.
وعبر بالمضارع فى قوله يَسْأَلُكَ لقصد استحضار حالتهم العجيبة فى هذا السؤال، حتى لكأن السامع يراهم، وللدلالة على تكرار أسئلتهم وتجددها المرة تلو الأخرى بدون حياء أو خجل.
وقوله: فَقَدْ سَأَلُواْ مُوسَىٰ أَكْبَرَ مِن ذٰلِكَ فَقَالُوۤاْ أَرِنَا ٱللَّهَ جَهْرَةً بيان للون من رذائلهم وقبائحهم، وتسلية للرسول صلى الله عليه وسلم عما لحقه منهم من أذى وسوء أدب.
والفاء فى قوله فَقَدْ سَأَلُواْ معطوفة على جملة محذوفة والتقدير: لا تبتئس يا محمد من أقوال هؤلاء اليهود، ولا تهتم بأسئلتهم، فتلك سنشنة قديمة معروفة عن آبائهم، فقد سأل آباؤهم موسى أسئلة أكبر من ذلك فقالوا له: أرنا الله جهرة أى رؤية ظاهرة بحيث نعاينه ونشاهده بأبصارنا ويطلب إلينا الإِيمان بك.
ويصح أن تكون الفاء واقعة فى جواب شرط مقدر، وإليه أشار صاحب الكشاف بقوله: فَقَدْ سَأَلُواْ مُوسَىٰ أَكْبَرَ مِن ذٰلِكَ ، جواب لشرط مقدر معناه {إن استكبرت ما سألوك فقد سألوا موسى أكبر من ذلك} وإنما أسند السؤال إليهم وإن وجد من آبائهم فى أيام موسى وهم النقباء السبعون لأنهم كانوا على مذهبهم، وراضين بسؤالهم.
ومضاهين لهم فى التعنت.
أى: أن حاضر هؤلاء اليهود الذين يعيشون معك يا محمد كماضى آبائهم الأقدمين، وأخلاق الأبناء صورة من أخلاق الآباء، وجميعهم لا يبغون من سؤالهم الاهتداء إلى الحق وإنما يبغون إعنات الرسل - عليهم الصلاة والسلام - والإِساءة إليهم.
والفاء فى قوله: فَقَالُوۤاْ أَرِنَا ٱللَّهَ جَهْرَةً تفسيرية كما فى قولهم: توضأ فغسل وجهه.
وقوله جَهْرَةً من الجهر الذى هو ضد الإخفاء.
يقال جهر البئر - كمنع - واجتهرها، إذا أظهر ماءها.
وجهر الشئ: كشفه، وجهر الرجل: رآه بلا حجاب.
أى: أرنا الله جهارا عيانا بحاسة البصر فيكون قوله جَهْرَةً مفعولا مطلقا، لأن لفظ جَهْرَةً نوع من مطلق الرؤية فيلاقى عامله فى الفعل.
ويصح أن يكون حالا من المفعول الأول أى: أرنا الله مجاهرين معاينين وقوله: فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ بيان للعقوبة التى حلت بهم نتيجة سوء أدبهم وجرأتهم على خالقهم وعلى أنبيائهم.
والصاعقة - كما يقول ابن جرير -: كل أمر هائل رآه الرائى أو عاينه أو أصابه، حتى يصير من هوله وعظيم شأنه إلى هلاك وعطب وذهاب عقل صوتا كان ذلك أو نارا أو زلزلة أو رجفة.
وقال الراغب: الصاعقة على ثلاثة أوجه: الموت كقوله: فَصَعِقَ مَن فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَمَن فِي ٱلأَرْضِ والعذاب كقوله: أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ والنار كقوله: وَيُرْسِلُ ٱلصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَآءُ وما ذكره - سبحانه إنما هى أشياء حاصلة من الصاعقة؛ فإن الصاعقة هى الصوت الشديد فى الجو، ثم يكون منه نار فقط، أو عذاب، أو موت، وهى فى ذاتها شئ واحد.
وهذه الأشياء تأثيرات منها.
ويبدو أن المراد بالصاعقة هنا: ذلك الصوت الشديد المجلجل المزلزل المصحوب بنار هائلة، والذى كان من آثاره أن صعقوا: أى خروا مغشيا عليهم أو هلكوا، بسبب ظلمهم وعنادهم وفسوقهم عن أمر الله.
وقوله: ثُمَّ ٱتَّخَذُواْ ٱلْعِجْلَ مِن بَعْدِ مَا جَآءَتْهُمُ ٱلْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَن ذٰلِكَ وَآتَيْنَا مُوسَىٰ سُلْطَاناً مُّبِيناً بيان لنوع ثالث من جرائمهم، ولمظهر من مظاهر رحمة الله بهم.
أى: أن هؤلاء الذين سألوا موسى رؤية الله جهرة، أخذتهم الصاعقة عقوبة لهم على ظلمهم، لم يرتدعوا ولم ينزجروا، بل لجوا فى طغيانهم وضلالهم فاتخذوا العجل معبودا لهم من دون الله مِن بَعْدِ مَا جَآءَتْهُمُ ٱلْبَيِّنَاتُ أى من بعد ما جاءتهم الدلائل القاطعة على وحدانية الله وصدق أنبيائه.
وقوله: فَعَفَوْنَا عَن ذٰلِكَ أى.
عفونا عن اتخاذهم العجل إلها بعد أن تابوا وأقلعوا عن عبادته، لأن التوبة تجب ما قبلها.
وقوله.
وَآتَيْنَا مُوسَىٰ سُلْطَاناً مُّبِيناً أى.
أعطينا موسى بفضلنا ومنتنا حججا بينات ومعجزات باهرات، وقوة وقدرة على الانتصار على من خالفه و {ثم} فى قوله.
ثُمَّ ٱتَّخَذُواْ ٱلْعِجْلَ للتراخى الرتبى؛ لأن اتخاذهم العجل إلها أعظم جرما مما حكاه الله عنهم من جرائم قبل ذلك.
وقوله مِن بَعْدِ مَا جَآءَتْهُمُ ٱلْبَيِّنَاتُ بيان لفرط ضلالهم وانطماس بصيرتهم، لأنهم لم يعبدوا العجل عن جهالة، وإنما عبدوه من بعد ما وصلت إلى أسماعهم وعقولهم الدلائل الواضحة وعلى وحدانية الله، وعلى أن عبادة العجل لا يقدم عليها إنسان فيه شئ من التعقل وحسن الإِدراك.
واسم الإِشارة فى قوله فَعَفَوْنَا عَن ذٰلِكَ يعود إلى اتخاذ العجل معبودا من دون الله.
والجملة الكريمة حض لليهود المعاصرين للعهد النبوى على الدخول فى الإِسلام فإنهم متى فعلوا ذلك غفر الله لهم ما سلف من ذنوبهم كما غفر لآبائهم بعد أن تابوا من عبادة العجل.
هذا، وما حكته هذه الآية الكريمة من جرائم بنى إسرائيل بصورة مجملة قد جاء مفصلا فى مواطن أخرى ومن ذلك قوله - تعالى -: وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِٱتِّخَاذِكُمُ ٱلْعِجْلَ فَتُوبُوۤاْ إِلَىٰ بَارِئِكُمْ فَٱقْتُلُوۤاْ أَنفُسَكُمْ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ وَإِذْ قُلْتُمْ يَامُوسَىٰ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ نَرَى ٱللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ ٱلصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنظُرُونَ ثُمَّ بَعَثْنَاكُم مِّن بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ

تفسير ابن كثير : شرح الآية 153 من سورة النساء


قال محمد بن كعب القرظي ، والسدي ، وقتادة : سأل اليهود رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينزل عليهم كتابا من السماء . كما نزلت التوراة على موسى مكتوبة .قال ابن جريج : سألوه أن ينزل عليهم صحفا من الله مكتوبة إلى فلان وفلان وفلان ، بتصديقه فيما جاءهم به . وهذا إنما قالوه على سبيل التعنت والعناد والكفر والإلحاد ، كما سأل كفار قريش قبلهم نظير ذلك ، كما هو مذكور في سورة " سبحان " : ( وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا ) [ الإسراء : 90 ، 93 ] الآيات . ولهذا قال تعالى : ( فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة فأخذتهم الصاعقة بظلمهم ) أي : بطغيانهم وبغيهم ، وعتوهم وعنادهم . وهذا مفسر في سورة " البقرة " حيث يقول تعالى : ( وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون . ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون ) [ البقرة : 55 ، 56 ] .وقوله تعالى : ( ثم اتخذوا العجل من بعد ما جاءتهم البينات ) أي : من بعد ما رأوا من الآيات الباهرة والأدلة القاهرة على يد موسى ، عليه السلام ، في بلاد مصر وما كان من إهلاك عدو الله فرعون وجميع جنوده في اليم ، فما جاوزوه إلا يسيرا حتى أتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم ، فقالوا لموسى ( اجعل لنا إلها كما لهم آلهة [ قال إنكم قوم تجهلون . إن هؤلاء متبر ما هم فيه وباطل ما كانوا يعملون ] ) [ الأعراف : 138 ، 139 ] . ثم ذكر تعالى قصة اتخاذهم العجل مبسوطة في سورة " الأعراف " ، وفي سورة " طه " بعد ذهاب موسى إلى مناجاة الله ، عز وجل ، ثم لما رجع وكان ما كان ، جعل الله توبتهم من الذي صنعوه وابتدعوه : أن يقتل من لم يعبد العجل منهم من عبده ، فجعل يقتل بعضهم بعضا ثم أحياهم الله ، عز وجل ، فقال الله عز وجل ( فعفونا عن ذلك وآتينا موسى سلطانا مبينا )

تفسير الطبري : معنى الآية 153 من سورة النساء


القول في تأويل قوله : يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَنْ ذَلِكَ وَآتَيْنَا مُوسَى سُلْطَانًا مُبِينًا (153)قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: " يسألك " يا محمد=" أهل الكتاب "، يعني بذلك: أهل التوراة من اليهود=" أن تنزل عليهم كتابًا من السماء ".
* * *واختلف أهل التأويل في" الكتاب " الذي سألَ اليهودُ محمدًا صلى الله عليه وسلم أن ينزل عليهم من السماء.
فقال بعضهم: سألوه أن ينزل عليهم كتابًا من السماء مكتوبًا، كما جاء موسى بني إسرائيل بالتوراة مكتوبةً من عند الله.
*ذكر من قال ذلك:10768- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابًا من السماء "، قالت اليهود: إن كنت صادقًا أنك رسول الله، فآتنا كتابًا مكتوبًا من السماء، كما جاء به موسى.
10769- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا أبو معشر، عن محمد بن كعب القرظي قال: جاء أناس من اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: إن موسى جاء بالألواحِ من عند الله، فأتنا بالألواح من عند الله حتى نصدّقك! فأنزل الله: " يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ"، إلى قوله: وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا .
* * *وقال آخرون: بل سألوه أن ينزل عليهم كتابًا، خاصَّة لهم.
*ذكر من قال ذلك:10770- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: " يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ"، أي كتابًا، خاصةً=" فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة ".
وقال آخرون: بل سألوه أن ينزل على رجال منهم بأعيانهم كتبًا بالأمر بتصديقه واتّباعه.
*ذكر من قال ذلك:10771- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج قال، قال ابن جريج قوله: " يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابًا من السماء "، وذلك أن اليهود والنصارى أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: " لن نتابعك على ما تدعونا إليه، حتى تأتينا بكتاب من عند الله إلى فلان (28) أنك رسول الله، وإلى فلان بكتاب أنك رسول الله "! قال الله جل ثناؤه: " يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابًا من السماء فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة ".
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن أهل التوراة سألوا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أن يسأل ربه أن ينزل عليهم كتابًا من السماء، آيةً معجزةً جميعَ الخلق عن أن يأتوا بمثلها، شاهدةً لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالصدق، آمرة لهم باتباعه.
وجائز أن يكون الذي سألوه من ذلك كتابًا مكتوبًا ينزل عليهم من السماء إلى جماعتهم= وجائز أن يكون ذلك كتبًا إلى أشخاص بأعينهم.
بل الذي هو أولى بظاهر التلاوة، أن تكون مسألتهم إياه ذلك كانت مسألة لتنزيل الكتاب الواحد إلى جماعتهم، (29) لذكر الله تعالى في خبره عنهم " الكتاب " بلفظ الواحد بقوله: " يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابًا من السماء "، (30) ولم يقل " كتبًا ".
* * *وأما قوله: " فقد سألوا موسى أكبر من ذلك "، فإنه توبيخ من الله جل ثناؤه سائلي الكتابَ الذي سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينزله عليهم من السماء، في مسألتهم إياه ذلك= وتقريعٌ منه لهم.
يقول الله لنبيه صلى الله عليه وسلم: يا محمد، لا يعظُمَنَّ عليك مسألتهم ذلك، فإنهم من جهلهم بالله وجراءَتهم عليه واغترارهم بحلمه، لو أنزلت عليهم الكتاب الذي سألوك أن تنزله عليهم، لخالفوا أمر الله كما خالفوه بعد إحياء الله أوائلهم من صعقتهم، فعبدوا العجل واتخذوه إلهًا يعبدونه من دون خالقهم وبارئهم الذي أرَاهم من قدرته وعظيم سلطانه ما أراهم، لأنهم لن يعدُوا أن يكونوا كأوائلهم وأسلافهم.
* * *ثم قصّ الله من قصتهم وقصة موسى ما قصَّ، يقول الله: " فقد سألوا موسى أكبرَ من ذلك "، يعني: فقد سأل أسلافُ هؤلاء اليهود وأوائلهم موسى عليه السلام، أعظم مما سألوك من تنزيل كتاب عليهم من السماء، فقالوا له: " أرنا الله جهرة "، أي: عِيانًا نعاينه وننظر إليه.
* * *وقد أتينا على معنى " الجهرة "، بما في ذلك من الرواية والشواهد على صحة ما قلنا في معناه فيما مضى، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.
(31)* * *وقد ذكر عن ابن عباس أنه كان يقول في ذلك، بما:-10772- حدثني به الحارث قال، حدثنا أبو عبيد قال، حدثنا حجاج، عن هارون بن موسى، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن عبد الرحمن بن معاوية، عن ابن عباس في هذه الآية قال: إنهم إذا رأوه فقد رأوه، إنما قالوا جهرةً: " أرنا الله ".
قال: هو مقدّم ومؤخر.
* * *وكان ابن عباس يتأول ذلك: أن سؤالهم موسى كان جهرة.
(32)* * *وأما قوله: " فأخذتهم الصاعقة "، فإنه يقول: " فصُعقوا "=" بظلمهم " أنفسهم.
وظلمهم أنفسهم، كان مسألَتهم موسى أن يريهم ربهم جهرة، لأن ذلك مما لم يكن لهم مسألته.
* * *وقد بينا معنى: " الصاعقة "، فيما مضى باختلاف المختلفين في تأويلها، والدليل على أولى ما قيل فيها بالصواب.
(33)* * *وأما قوله: " ثم اتخذوا العجل "، فإنه يعني: ثم اتخذ= هؤلاء الذين سألوا موسى ما سألوه من رؤية ربهم جهرةً، بعد ما أحياهم الله فبعثهم من صعقتهم= العجلَ الذي كان السامريُّ نبذ فيه ما نبذ من القبْضة التي قبضها من أثر فرس جبريل عليه السلام= إلهًا يعبدونه من دون الله.
(34)* * *وقد أتينا على ذكر السبب الذي من أجله اتخذوا العجل، وكيف كان أمرهم وأمره، فيما مضى بما فيه الكفاية.
(35)* * *وقوله: " من بعد ما جاءتهم البينات "، يعني: من بعد ما جاءت هؤلاء الذين سألوا موسى ما سألوا، البينات من الله، والدلالاتُ الواضحات بأنهم لن يروا الله عيانًا جهارًا.
وإنما عنى ب " البينات ": أنها آيات تبين عن أنهم لن يروا الله في أيام حياتهم في الدنيا جهرة.
(36) وكانت تلك الآيات البينات لهم على أن ذلك كذلك: إصعاقُ الله إياهم عند مسألتهم موسى أن يريهم ربه جهرة، ثم إحياءه إياهم بعد مماتهم، مع سائر الآيات التي أراهم الله دلالةً على ذلك.
* * *= يقول الله، مقبِّحًا إليهم فعلهم ذلك، وموضحًا لعباده جهلهم ونقصَ عقولهم وأحلامهم: ثم أقرُّوا للعجل بأنه لهم إله، وهم يرونه عيانًا، وينظرون إليه جِهَارًا، بعد ما أراهم ربهم من الآيات البينات ما أراهم: أنهم لا يرون ربهم جهرة وعِيانًا في حياتهم الدنيا، فعكفوا على عبادته مصدِّقين بألوهته!!* * *وقوله: " فعفونا عن ذلك "، يقول: فعفونا لعبدة العجل عن عبادتهم إياه، (37) وللمصدقين منهم بأنه إلههم بعد الذي أراهم الله أنهم لا يرون ربهم في حياتهم من الآيات ما أراهم= عن تصديقهم بذلك، (38) بالتوبة التي تابوها إلى ربّهم بقتلهم أنفسهم، وصبرهم في ذلك على أمر ربهم=" وآتينا موسى سلطانًا مبينًا "، يقول: وآتينا موسى حجة تبين عن صدقه، وحقيقة نبوّته، (39) وتلك الحجة هي: الآيات البينات التي آتاه الله إياها.
(40)---------------------الهوامش :(28) في المخطوطة: "من عبد الله ، من الله إلى فلان" ، والذي في المطبوعة هو الصواب ، إلا أن يكون الناسخ كتب"من عند الله" ثم ، غيرها"من الله" ، ثم لم يضرب على أولاهما.
(29) في المطبوعة: "لينزل الكتاب" ، وأثبت ما في المخطوطة.
(30) في المطبوعة: "يقول: يسألك .
.
.
" ، والصواب من المخطوطة.
(31) انظر تفسير"جهرة" فيما سلف 2 : 80-82.
(32) هذا القول الذي نسب إلى ابن عباس ، لم يمض مثله في تفسير آية سورة البقرة 2 : 80-82 ، وهذا أحد الأدلة على اختصار هذا التفسير.
(33) انظر تفسير"الصاعقة" فيما سلف 2 : 82-84.
(34) سياق هذه الفقرة: ثم اتخذ هؤلاء .
.
.
العجل .
.
.
إلها .
.
.
".
(35) انظر ما سلف 2 : 63-68.
(36) انظر تفسير"البينات" فيما سلف 7 : 450 ، تعليق: 2 ، والمراجع هناك.
(37) انظر تفسير"العفو" فيما سلف ص: 351 ، تعليق: 2 ، والمراجع هناك.
(38) السياق: "فعفونا لعبدة العجل .
.
.
عن تصديقهم بذلك".
(39) في المطبوعة: "وحقية نبوته" ، غير ما في المخطوطة عن وجهه ، ظنًا منه أنه خطأ ، وقد أشرنا إلى مثل ذلك من فعله فيما سلف ص: 336 ، تعليق: 4 ، وما سيأتي بعد قليل ص: 363 ، تعليق 2.
(40) انظر تفسير"الإيتاء" فيما سلف من فهارس اللغة.
وتفسير"السلطان" فيما سلف 7 : 279 / 9 : 336 ، 337.
وتفسير"مبين" فيما سلف ص: 336 تعليق: 3 ، والمراجع هناك.

يسألك أهل الكتاب أن تنـزل عليهم كتابا من السماء فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة فأخذتهم الصاعقة بظلمهم ثم اتخذوا العجل من بعد ما جاءتهم البينات فعفونا عن ذلك وآتينا موسى سلطانا مبينا

سورة : النساء - الأية : ( 153 )  - الجزء : ( 6 )  -  الصفحة: ( 102 ) - عدد الأيات : ( 176 )

تفسير آيات من القرآن الكريم

  1. تفسير: اسلك يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء واضمم إليك جناحك من الرهب فذانك
  2. تفسير: وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم نذير ليكونن أهدى من إحدى الأمم فلما جاءهم نذير
  3. تفسير: قد أفلح من تزكى
  4. تفسير: واعلموا أنما أموالكم وأولادكم فتنة وأن الله عنده أجر عظيم
  5. تفسير: فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم
  6. تفسير: عن المجرمين
  7. تفسير: وسلام على المرسلين
  8. تفسير: فجعلناها نكالا لما بين يديها وما خلفها وموعظة للمتقين
  9. تفسير: يغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمى إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر
  10. تفسير: قل إنما العلم عند الله وإنما أنا نذير مبين

تحميل سورة النساء mp3 :

سورة النساء mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة النساء

سورة النساء بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة النساء بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة النساء بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة النساء بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة النساء بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة النساء بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة النساء بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة النساء بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة النساء بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة النساء بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري

,

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب