كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتي بالباكورة من الثمار قبلها

كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُعلِّمُ أصْحابَه رَضيَ اللهُ عنهم مَعرفةَ نِعمِ اللهِ على العِبادِ، وشُكرَه على ما رزَقَهم مِن غَيرِ حَولٍ منهم ولا قوَّةٍ.
وفي هذا الحَديثِ يَرْوي عبْدُ اللهِ بنُ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان إذا «أُتيَ بالباكورةِ منَ الثِّمارِ»، وهي أوَّلُ ما تُنتِجُه الشَّجرةُ، وأوَّلُ ما يَنضَجُ في مَوسِمِه، قبَّلَها بفَمِه، وجعَلَها على عَينَيْه؛ إظْهارًا للفرَحِ والمَسرَّةِ؛ ولأنَّها قَريبةُ العَهدِ باللهِ الَّذي خلَقَها، ولم تَتلوَّثْ بعْدُ بأيْدي النَّاسِ، وكانوا يَفعَلونَ ذلك، ويَأْتونَ بهذه الثِّمارِ في أوَّلِ وَقتِها هَديَّةً له صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، أو كانوا يَفعَلونَ ذلك رَغبةً في دُعائِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في الثَّمرِ، وللمَدينةِ والصَّاعِ والمُدِّ، وإعْلامًا له صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بابْتِداءِ صَلاحِها بما يَتعلَّقُ بها مِن الزَّكاةِ وغَيرِها، وتَوْجيهًا للخارِصينَ الذين يُقدِّرون الثَّمرَ الذي على الشَّجرِ.
ثمَّ يَدْعو اللهَ فيَقولُ: «اللَّهمَّ كما أطْعَمْتَنا أوَّلَه، فأطْعِمْنا آخِرَه»، ويَقصِدُ بهذا الدُّعاءِ نَماءَ باقي الثَّمرِ، وحِفظَه مِن الآفاتِ والفَسادِ؛ فيَسألُ اللهَ أنْ يَحفَظَ باقيَ الثِّمارِ بمِثلِ ما نتَج أوَّلُها، ثمَّ يَأمُرُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بهذه الثِّمارِ فيُعْطى للمَولودِ مِن أهْلِه، ويُقصَدُ به الصَّغيرُ مِنَ الأطْفالِ الحاضِرينَ.
قيلَ: تَخْصيصُ الصَّغيرِ لشِدَّةِ فرَحِ الوِلْدانِ بالباكُورةِ، وليَستَمِدَّ بسُرورِ قَلبِه على إجابةِ دُعائِه.
وفي الحَديثِ: دَليلٌ على مَشروعيَّةِ الطَّوافِ بالباكُورةِ على النَّاسِ.
وفيه: مَشروعيَّةُ الدُّعاءِ بالبَرَكةِ والنَّماءِ للثَّمرِ الجَديدِ.