شرح حديث ولا يقل العبد لسيده مولاي وزاد في حديث أبي معاوية فإن مولاكم
كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة
الإنسانَ مَربوبٌ مُتعبَّدٌ بإخلاصِ التَّوحيدِ للهِ تَعالى وترْكِ الإشراكِ معه، مع عدَمِ المُضاهاةِ للهِ في أسمائهِ أو صِفاتِه.
وفي هذا الحديثِ يَنهَى النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ السَّيِّدَ والمالِكَ للعبيدِ والإماءِ أنْ يقولَ: «
عَبْدي، وأَمَتي»؛ وذلك لأنَّ حَقيقةَ العُبوديَّةِ إنَّما يَستحِقُّها
اللهُ تعالَى، ولأنَّ فيها تَعظيمًا لا يَليقُ بالمخلوقِ اسْتِعمالُه لنفْسِه، قيل: والعِلَّةُ في ذلكَ كلِّه راجعٌ إلى البَراءةِ مِن الكِبرِ، والْتزامُ الذُّلِّ، والخُضوعُ للهِ عزَّ وجلَّ، وهو الَّذي يَليقُ بالمربوبِ، ولذلك قال صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ: «
كلُّكم عَبيدُ اللهِ، وكلُّ نِسائكُم إماءُ اللهِ» على الحقيقةِ؛ ف
اللهُ عزَّ وجلَّ هو خالقُ العبادِ ومالِكُهم، وبيَّن النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ ما يَقولُه السَّيِّدُ ويُنادي به العبدُ، «
لِيَقُلْ: غُلامي وجارِيَتي وفَتايَ وفَتاتي».
وجاءَ في رِوايةٍ أُخرى أنَّه صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ نَهى عن أن يُنادي العبدُ سيِّدَه، ويقولَ: «
مَوْلاي» ومعناه النَّاصِرُ والمُعِينُ، «
فإنَّ مَوْلاكُم اللهُ عزَّ وجلَّ»
أي: المتَّصِفُ بهذا المعنَى على الحقيقةِ، وهذا النَّهيُ مِن بابِ التَّنزيهِ والأدبِ في القولِ، أو المرادُ به النَّهيُ عن الإكثارِ مِنِ استعمالِ هذه اللفظةِ واتِّخاذِها عادةً شائعةً.
وقد ورَدَ في الصَّحيحينِ أنَّه صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ قال: «
ولا يَقُلْ أحدُكم: ربِّي، ولْيَقُلْ: سَيِّدي ومَولاي»، وجاء في قولِ
اللهِ تعالَى:
{ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ } [
النور: 32 ]، وأيضًا قولُه تَعالى:
{ اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ } [
يوسف: 42 ]، وقولُه:
{ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ } [
يوسف: 50 ]، ووَجْهُ الجمعِ بيْن هذه الأدلَّةِ: أنَّ الحديثَ أرشَدَ إلى الأدبِ والتَّواضُعِ في الكلامِ وحُسنِ الخُلقِ في العِشرةِ والاجتنابِ عن التَّرفُّعِ والتَّعاظُمِ ومُخاطَبةِ الرَّقيقِ بما فيه مُداراةٌ لهم وتَسليةٌ لخَواطِرِهم.
وقيل: إنَّ النَّهيَ في الحديثِ قدْ وَرَدَ لبَيانِ الجَوازِ، أو النَّهيُ عن الإكثارِ مِن ذلكَ واتِّخاذِ هذه اللَّفظةِ عادةً، ولم يَنْهَ عن إطلاقِها في نادرٍ مِن الأحوالِ.
وفي الحديثِ: النَّهيُ عن الألفاظِ الَّتي تؤدِّي إلى الكِبْر والعَظَمةِ.
وفيه: مُراعاةُ آدابِ اللِّسانِ، حتَّى لو لم تَقدَحْ في الشَّريعةِ.
وفيه: الحثُّ على التَّواضُعِ.
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم