أنَّ امْرَأَتَيْنِ، كَانَتَا تَخْرِزَانِ في بَيْتٍ أوْ في الحُجْرَةِ، فَخَرَجَتْ إحْدَاهُما وقدْ أُنْفِذَ بإشْفَى في كَفِّهَا، فَادَّعَتْ علَى الأُخْرَى، فَرُفِعَ إلى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: قَالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لو يُعْطَى النَّاسُ بدَعْوَاهُمْ لذَهَبَ دِمَاءُ قَوْمٍ وأَمْوَالُهُمْ، ذَكِّرُوهَا باللَّهِ واقْرَؤُوا عَلَيْهَا: { إنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بعَهْدِ اللَّهِ } فَذَكَّرُوهَا فَاعْتَرَفَتْ، فَقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: قَالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: اليَمِينُ علَى المُدَّعَى عليه.
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : البخاري
| المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 4552 | خلاصة حكم المحدث : [ صحيح ]
التخريج : أخرجه مسلم ( 1711 ) دون القصة في أوله
اهتمَّ الشَّرْعُ المطهرُ بحِفظِ الحُقوقَ بَينَ النَّاسِ، ووضَعَ الضوابطَ التي باتِّباعِها تُحفَظ تلك الحُقوقُ، وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ عبدُ
اللهِ بنُ عبيدِ
اللهِ بنِ أَبِي مُلَيْكَةَ: "أنَّ امرأتين كانتا تَخرُزانِ"،
أي: تَعمَلان بالخياطةِ في الجُلُودِ كخَرْزِهم للخُفِّ والأَسْقيةِ وغيرِها، "في بيتٍ، أو في الحُجرةِ"،
أي: إشارة إلى انْفِرادِهما، "فخرَجتْ إحداهما وقد أُنفِذَ بإِشْفَى في كَفِّها"،
أي: مرَّتِ الآلةُ التي تَخرُزُ بها مِن بَطْنِ كفِّها إلى ظَهْرِها، والإِشْفَى: المِثْقَبُ، "فادَّعَتْ على الأُخْرَى"،
أي: اتَّهمتْ مَن معها بأنَّها هي التي أصابتْها، "فرُفِعَ أمرُهما إلى ابنِ عبَّاسٍ"،
أي: ليَقْضِيَ فيهنَّ؛ وذلك أنَّ الأُخْرى قد أَنْكَرتْ ما تَدَّعِي به صاحبتُها عليها، فقال عبدُ
اللهِ بنُ عبَّاسٍ رَضِي
اللهُ عَنْه: قال رسولُ
اللهِ صلَّى
الله عليه وسلَّم: "لو يُعطَى النَّاسُ بدَعواهم"،
أي: لو تُلْزَمُ وتَجِبُ لهم الحقوقُ بمُجرَّدِ دَعواهم بدون بيِّنةٍ أو إقرارٍ من المُدَّعى عليه، لذهَب دِماءُ قومٍ وأموالُهم"،
أي: لضاعتِ الحقوقُ بين النَّاسِ.
ثُمَّ قال ابنُ عبَّاسٍ رضِي
اللهُ عنهما: "ذَكِّرُوها ب
اللهِ"،
أي: عِظُوها، وبَيِّنوا لها جزاءَ مَن يأخذُ حقوقَ النَّاسِ كَذِبًا، واقرؤوا عليها:
{ إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا } [
آل عمران: 77 ]،
أي: يَسْتَبْدِلون بما عاهَدوا عليه
اللهَ مِن الإيمانِ به وبرَسولِهِ، والوفاءِ بالأماناتِ
{ وَأَيْمَانِهِمْ } أي: وحَلِفِهم الكاذِبِ
{ ثَمَنًا قَلِيلًا } أي: زهيدًا بَخْسًا من حُطَامِ الدُّنيا ومَتاعِها، وأيُّ شيءٍ في الدُّنيا فهو قليلٌ بالمُوازَنَةِ بما في الآخِرةِ:
{ أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } [
آل عمران: 77 ]،
أي: لا نصيبَ لهم في الآخِرةِ؛ لأنَّهم يَبِيعونَ آخِرتَهم بدُنياهم، وهذا محمولٌ على مَن لم يَتُبْ ولم يُكفِّرْ عن أَيْمَانِهِ الكاذِبَةِ.
قال الرَّاوي: "فذَكَّرُوها فاعْتَرفتْ"،
أي: ذَكَّروا المرأةَ المُدَّعِيَةَ التي أصابتْ نَفْسَها ب
اللهِ تعالى فاعترفت على نَفْسِها، فقال ابنُ عبَّاسٍ: قال النبيُّ صلَّى
الله عليه وسلَّم: "اليمينُ على المُدَّعى عليهِ"،
أي: إنْ لم تَعْترِفِ المرأةُ وأصرَّتْ على دعواها، فيَكفِي الأُخْرى أنْ تُنكِرَ باليمينِ لدَفْعِ ما يُدَّعى به عليها.
وفي الحَديثِ: الرُّجوعُ إلى أَهْلِ العِلْمِ فيما أَشكَلَ على النَّاسِ.
وفيه: بيانُ ما في التَّذكيرِ والوَعْظِ من خَيرٍ.
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم