كانَ عثمانُ رضيَ اللَّهُ عنهُ ينهى عنِ المتعةِ ، وعليٌّ رضيَ اللَّهُ عنهُ يفتي بِها فقالَ لَهُ عثمانُ رضيَ اللَّهُ عنهُ قولًا ، فقالَ لَهُ عليٌّ رضيَ اللَّهُ عنهُ : لقد علِمتَ أنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فعلَ ذلِكَ قالَ عثمانُ أجل ولَكِنَّا كنَّا خائفينَ قالَ شُعبةُ : فقلتُ لقتادةَ : ما كانَ خوفُهُم ؟ قالَ : لا أَدري
الراوي : عبدالله بن شقيق | المحدث : أحمد شاكر
| المصدر : تخريج المسند لشاكر
الصفحة أو الرقم: 1/213 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح
أَنْساكُ الحَجِّ ثَلاثةٌ: التَّمَتُّعُ: وهو أنْ يَنويَ الحاجُّ عُمْرةً معَ حَجَّتِه، فإذا قدِمَ مكَّةَ واعتَمرَ وانْتَهى مِن عُمْرتِه تَحلَّلَ مِن إحْرامِه، وتَمتَّعَ بكلِّ ما هو حَلالٌ؛ حتَّى تَبدَأَ مَناسِكُ الحجِّ يَومَ الثَّامنِ مِن ذِي الحَجَّةِ، فيُحرِمُ للحَجِّ، ويُؤدِّي مَناسِكَه.
والقِرَانُ: وهو أنْ يُحْرِمَ الحاجُّ بالحَجِّ والعُمْرَةِ معًا بإحرامٍ واحدٍ.
والإفْرَادُ: وهو أنْ يُحرِمَ ويُهِلَّ بالحَجِّ فقَطْ.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ التَّابِعيُّ عَبدُ
اللهِ بنُ شَقيقٍ أنَّ عُثْمانَ بنَ عَفَّانَ رضِيَ
اللهُ عنه -وكان حينئِذٍ خَليفةَ المسلمينَ- كان يَنْهَى النَّاسَ عنِ المُتْعةِ في الحَجِّ.
والمرادُ بالمُتْعةِ هنا: حَجُّ المُتمتِّعِ والقارنِ.
ومعْنى ذلك: أنَّه كان يَأمُرُ النَّاسَ أنْ يُهِلُّوا بإحْرامِهم بالحَجِّ فقَطْ، لا العُمْرةِ والحَجِّ معًا، وكان عُمرُ بنُ الخَطَّابِ وعُثْمانُ بنُ عَفَّانَ رضِيَ
اللهُ عنهما يَرَيانِ أنَّ الإفرادَ بالحَجِّ أفضَلُ، وكانا يَرَيانِ أنَّ هذا مِن جُملةِ ما هُم مَأْمورونَ به مِن إصلاحِ الرَّعيَّةِ؛ ولأنَّ العُمرةَ مَفتوحةٌ طَوالَ العامِ، وكان عُمرُ رضِيَ
اللهُ عنه يُفسِّرُ قولَه تَعالَى:
{ وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ } [
البقرة: 196 ] بأنَّ الإتمامَ: إفرادُ كلِّ نُسُكٍ على حِدَةٍ.
ثُمَّ أخبَرَ عَبدُ
اللهِ بنُ شَقيقٍ أنَّ عليَّ بنَ أبي طالبٍ رضِيَ
اللهُ عنه كان يُفتِي النَّاسَ بالإهلالِ بالعُمْرةِ والحَجِّ معًا، سَواءٌ أراد حَجَّ التَّمَتُّعِ أو حَجَّ القِرانِ، وفي رِوايةِ الصَّحيحِ: «
اختَلفَ عليٌّ وعُثْمانُ رضِيَ اللهُ عنهما وهُما بعُسْفانَ في المُتْعةِ»، فبيَّنتِ الرِّوايةُ أنَّهما كانوا خارجينَ وقاصدينَ الحَجَّ معًا.
فراجَعَ عُثْمانُ عليًّا رضِيَ
اللهُ عنهما في فَتْواه للنَّاسِ، ومُخالفتِه له، فاحتَجَّ عليٌّ على عُثْمانَ رضِيَ
اللهُ عنهما أنَّهم فعَلوا التَّمتُّعَ معَ رَسولِ
اللهِ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ، فوافَقَه عُثْمانُ رضِيَ
اللهُ عنه، وبيَّن أنَّ الَّذي فعَلوه معَ النَّبيِّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ كان لخوْفٍ حلَّ بهم.
فسَأَلَ شُعْبةُ بنُ الحَجَّاجِ-مِن رُواةِ الحَديثِ- شَيخَه قَتادةَ بنَ دِعامةَ عنِ الخَوفِ الَّذي أشارَ إليه عُثْمانُ رضِيَ
اللهُ عنه، فنَفَى قَتادةُ عِلمَه به.
وقيلَ: يَحتمِلُ أنْ يكونَ عُثْمانُ أشارَ إلى أنَّ الأصلَ في اختيارِه صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ فَسْخَ العُمْرةِ في حَجَّةِ الوَداعِ، كان لدفْعِ اعتقادِ قُرَيشٍ مَنْعَ العُمْرةِ في أشهُرِ الحَجِّ، وكان ابتداءُ ذلكَ بالحُدَيْبيةِ؛ لأنَّ إحرامَهم بالعُمْرةِ كان في ذي القَعْدةِ، وهو مِن أشهُرِ الحَجِّ، وهناكَ يَصِحُّ إطلاقُ كونِهِم خائفينَ؛
أي: مِن وُقوعِ القِتالِ بيْنَهم وبيْنَ المشركينَ، وكان المُشرِكونَ صَدُّوهم عنِ الوُصولِ إلى البَيتِ، فتَحلَّلوا مِن عُمرتِهِم، وكانَتْ أوَّلَ عُمرةٍ وقَعَتْ في أشهُرِ الحَجِّ، ثُمَّ جاءَتْ عُمْرةُ القَضيَّةِ في ذي القَعْدةِ أيضًا، ثُمَّ أراد صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ تَأْكيدَ ذلكَ بالمُبالَغةِ فيه؛ حتَّى أمَرَهم بفَسْخِ الحَجِّ إلى العُمْرةِ.
قيلَ: ما فعَلَه علِيٌّرضِيَ
اللهُ عنه مُحتَجًّا بظاهرِ فِعلِ رَسولِ
اللهِ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ؛ لِيُبيِّنَ جَوازَهُما؛ لئلَّا يَظُنَّ النَّاسُ أو بعضُهم أنَّه لا يَجوزُ القِرانُ، ولا التَّمتُّعُ، وأنَّه يَتعيَّنُ الإفرادُ، فكان كلٌّ منهما مَأجورًا.
وفي الحَديثِ: مَشروعيَّةُ الإهلالِ بالعُمْرةِ والحَجِّ.
وفيه: الحثُّ على إشاعةِ العِلمِ، وإظهارِهِ، ومُناظرةُ وُلَاةِ الأُمورِ وغَيرِهم في تَحقيقِه، ومُناصحةُ المسلِمِ في ذلكَ.
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم