لم يكن يصدق على علي رضي الله عنه في الحديث عنه إلا من

رِوايةُ الأخبارِ والآثارِ عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأصحابِه يَجِبُ أن يَتثبَّتَ الإنسانُ من رُواتِها؛ فيَروي أخبارَ الثِّقاتِ والصَّادِقين؛ وذلك أنَّ منَ النَّاسِ مَن لا يُوثَقُ بهم وفي رِوايتِهم، ولأنَّ للبعضِ أهواءً وأغراضًا قد تَدفَعُه للكذِبِ في النَّقلِ؛ فلا بدَّ منَ التَّحرُّزِ.
وفي هذا الأثرِ يُخبِرُ المُغيرةُ بنُ شُعبةَ رَضيَ اللهُ عنه أنَّه لم يكُن يَصدُقُ في الحديثِ والرِّوايةِ عن عليِّ بنِ أبي طالبٍ إلَّا أصحابُ عبدِ اللهِ بنِ مَسعودٍ رَضيَ اللهُ عنه؛ فإنَّهم كانوا يَروُون الصِّدقَ والحقَّ عنه؛ وذلك أنَّه بعدَ أحداثِ الفِتنةِ ومَقتَلِ عُثمانَ بنِ عَفَّانَ رَضيَ اللهُ عنه، وبعدَ ذلك قِتالِ عليٍّ رَضيَ اللهُ عنه للخَوارجِ وغيرِهم، ثُمَّ تَولِّي مُعاويةَ رَضيَ اللهُ عنه الخلافةَ بعدَ تَنازُلِ الحَسنِ بنِ عليٍّ عنها؛ بعدَ هذه الأحداثِ كَثُرَ الافتراءُ في الرِّوايةِ عن عليٍّ رَضيَ اللهُ عنه، سواءٌ من تابِعيه أو مُخالِفيه، ولكنَّ عبدَ اللهِ بنَ مَسعودٍ رَضيَ اللهُ عنه كانَ يَتمسَّكُ بالحقِّ، ويَنقُلُه إلى أصحابِه، فرَوَوْه عنه صِدقًا وحقًّا، بما في ذلك الرِّوايةُ عن عليِّ بنِ أبي طالبٍ رَضيَ اللهُ عنه.
وقد رَوَى مُسلِمٌ عن أبي إسحاقَ عمرِو بنِ عبدِ اللهِ السَّبيعيِّ قالَ: «لَمَّا أَحْدَثوا تِلك الأشياءَ بَعْدَ عليٍّ رَضِيَ اللهُ عنه، قالَ رَجُلٌ من أصحابِ عليٍّ: قاتَلَهُمُ اللهُ! أيَّ عِلْمٍ أفسَدوا؟!»، وفي هذا إشارةٌ إلى ما أدخلَته الرَّوافِضُ والشّيعةُ في عِلمِ عليٍّ رَضيَ اللهُ عنه وحَديثِه، وتَقوَّلوه عليه مِنَ الأباطيلِ.
وفي الحديثِ: فَضلُ عبدِ اللهِ بنِ مَسعودٍ رضي اللهُ عنه وأصحابِه، وتَحرِّيهمُ الصِّدقَ.
وفيه: بَيانُ ضَرورةِ التَّحرّي في قَبولِ الرِّواياتِ.