حديث ما هلكت قالوا بلى قال ما الذي أهلكني قالوا قال الله وقاتلوهم

أحاديث نبوية | صحيح ابن ماجه | حديث عمران بن الحصين

«أتَى نافعُ بنُ الأَزْرقِ وأصحابُه، فقالوا: هلَكتَ يا عِمْرانُ. قال: ما هلَكتُ. قالوا: بلى. قال: ما الذي أهلَكَني؟ قالوا: قال اللهُ: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلهِ} (الأنفال: 39). قال: قد قاتَلْناهم حتى نَفَيْناهم، فكان الدِّينُ كلُّه للهِ، إنْ شِئتُم حدَّثتُكم، حديثًا سمِعتُه مِن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ. قالوا: وأنتَ سمِعتَه مِن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؟ قال: نعَمْ، شهِدتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وقد بعَثَ جَيشًا مِن المسلمينَ إلى المشركينَ، فلمَّا لقُوهم قاتَلوهم قتالًا شديدًا، فمنَحوهم أكتافَهم، فحمَلَ رجُلٌ مِن لُحْمتي على رجُلٍ من المشركينَ بالرُّمحِ، فلمَّا غشِيَه قال: أشهَدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ، إنِّي مسلمٌ، فطعَنَه فقتَلَه، فأتَى رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقال: يا رسولَ اللهِ، هلَكتُ. قال: وما الذي صنَعتَ؟ مرةً أو مرَّتينِ. فأخبَرَه بالذي صنَعَ. فقال له رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: فهلَّا شقَقتَ عن بطنِه، فعلِمتَ ما في قلبِه؟! قال: يا رسولَ اللهِ، لو شقَقتُ بطنَه لكنتُ أعلَمُ ما في قلبِه؟! قال: فلا أنتَ قبِلتَ ما تكلَّمَ به، ولا أنتَ تعلَمُ ما في قلبِه. قال: فسكَتَ عنه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فلم يلبَثْ إلَّا يسيرًا حتى مات، فدفَنَّاه، فأصبَحَ على ظهرِ الأرضِ، فقالوا: لعلَّ عدُوًّا نبَشَه، فدَفَنَّاه، ثمَّ أمَرْنا غِلْمانَنا يحرُسُونَه، فأصبَحَ على ظهرِ الأرضِ، فقُلْنا: لعلَّ الغِلْمانَ نعَسوا فدفَنَّاه، ثمَّ حرَسْناه بأنفُسِنا، فأصبَحَ على ظهرِ الأرضِ، فألقَيْناه في بعضِ تلك الشِّعابِ.»

صحيح ابن ماجه
عمران بن الحصين
الألباني
حسن لغيره

صحيح ابن ماجه - رقم الحديث أو الصفحة: 3189 -

شرح حديث أتى نافع بن الأزرق وأصحابه فقالوا هلكت يا عمران قال ما هلكت


كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة

هذا الحديثُ يُوضِّحُ مَدى حُرمةِ الدَّمِ المعصومِ عِندَ اللهِ تعالى وعِظَمِ النَّفْسِ المسلِمةِ المُوحِّدةِ التي قالتْ: ( لا إلهَ إلَّا اللهُ ).
وفيه يقولُ السُّميطُ بنُ السُّميرِ عن عِمرانَ بنِ الحُصينِ، قال: "أتى نافعُ بنُ الأزرقِ وأصحابُه" وكان نافعٌ هذا مِن رُؤوسِ الخوارجِ، وإليه تُنْسَبُ طَّائفةُ الأزارقةِ، وكان قد خرَجَ في أواخرِ دَولةِ يَزيدَ بنِ مُعاويةَ، وكان قد صحِبَ ابنَ عبَّاسٍ رضِيَ اللهُ عنهما في أوَّلِ أمْرِه، "فقالوا: هلَكْتَ يا عِمرانُ"، أي: فعَلْتَ ما يستوجِبُ الهلاكَ والعُقوبةَ، فقال عِمرانُ رضِيَ اللهُ عنه: "ما هلكْتُ"، أي: لم أقَعْ فيها ولم أفعَلْ ما يُؤدِّي لها، قالوا: "بلى"! أي: أكَّدوا له هَلاكَه، فقال عِمرانُ رضِيَ اللهُ عنه: "ما الَّذي أهلَكَني؟"، أي: ما هذا الفِعْلُ الَّذي فعَلْتُه يستوجِبُ الهلاكَ والعُقوبةَ؟ قالوا: "قال اللهُ: { وَقَاتِلُوهُمْ حتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ } [ الأنفال: 39 ]" أي: يُنكِرُ عليه بتلكَ الآيةِ تَرْكَ القِتالِ، فقال عِمرانُ رضِيَ اللهُ عنه: "قد قاتَلْناهم حتَّى نَفَيْناهم؛ فكان الدِّينُ كلُّه للهِ"، أي: قاتَلْنا الكُفَّارَ والمُشركينَ حتَّى أبعَدْناهم عن الكُفرِ والشِّركِ، وأصبَحَ الدِّينُ والتَّوحيدُ خالِصًا للهِ، ومرادُه أنَّ المقصودَ من الآيةِ ليس قِتالَ المُسلمينَ بعضِهم بعضًا، بل المقصودُ هو قِتالُ المشرِكينَ.
ثمَّ قال عمرانُ رضِيَ اللهُ عنه: "إنْ شئْتُم حدَّثْتُكم حديثًا سمِعْتُه من رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ"، أي: حديثًا يُؤكِّدُ ويُوضِّحُ المقصودَ والمُرادَ من أمْرِ القتالِ، قالوا: "وأنت سمِعْتَه من رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؟" قال عِمرانُ رضِيَ اللهُ عنه: "نعمْ؛ شهِدْتُ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وقد بعَثَ جيشًا من المُسلمينَ إلى المُشركينَ، فلمَّا لَقُوهم قاتَلوهم قِتالًا شديدًا، فمَنَحوهم أكْتافَهم"، أي: انهَزَموا وفَرُّوا وأَعْطوا ظُهورَهم للمُسلمينَ، "فحمَلَ رجُلٌ"، أي: هجَمَ رجُلٌ مُحارِبٌ، "مِن لُحْمَتي"، أي: مِن قَومي، "على رجُلٍ من المُشركينَ بالرُّمحِ، فلمَّا غَشِيَه"، أي: فلمَّا عَلاه بالرُّمحِ، قال الرَّجلُ: "أشهَدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ؛ إنِّي مُسلمٌ، فطعَنَه فقتَلَه"، أي: بعدَ أنْ تلفَّظَ بها، فأتى الرَّجلُ "رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقال: يا رسولَ اللهِ، هَلكْتُ"، وهذا بَيانٌ وتأكيدٌ بأنَّ الَّذي يقَعُ في الهَلكةِ هو الَّذي يقصِدُ قتْلَ المُسلمينَ، فقال له النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "وما الَّذي صَنعْتَ؟ -مرَّةً أو مرَّتينِ"، أي: كرَّرَ عليه النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سُؤالَه، "فأخبَرَه بالَّذي صنَعَ"، أي: بقَتلِه للرَّجلِ الَّذي قال: لا إلهَ إلَّا اللهُ، فقال له رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "فهلَّا شَققْتَ عن بَطنِه فعلِمْتَ ما في قلبِه؟!"، أي: وما أدراكَ ما في قلبِه؛ فإنَّه مَخْفيٌّ عنك ولا تعلَمُه؛ فكان عليك الأخذُ بظاهرِ ما قالَه بلسانِه وأنَّه مُسلمٌ، فقال الرَّجلُ: "يا رسولَ اللهِ، لو شَققْتُ بطنَه لكنْتُ أعلَمُ ما في قلبِه"، أي: وهل لو فَتحْتُ قلبَه سوف أعلَمُ ما فيه؟! وهذا استبعادٌ مِن الرَّجلِ أنْ يعلَمَ ما في قلبِ المقتولِ، وكأنَّه يُريدُ أنْ يقولَ: في كلِّ الأحوالِ لم أكُنْ لأعلَمَ ما في قلبِه.
فقال له النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "فلا أنت قبِلْتَ ما تكلَّمَ به، ولا أنت تعلَمُ ما في قلبِه"، أي: يُنكِرُ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فِعْلَه بأنَّه لم يكُفَّ عن قتْلِ الرَّجلِ بعصمةِ دَمِه بكلمةِ التَّوحيدِ، ولا هو أيقَنَ أنَّ الرَّجلَ يقولُها خوفًا من السَّيفِ حتَّى يستحِلَّ بها دَمَه، قال عِمرانُ رضِيَ اللهُ عنه: "فسكَتَ عنه رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ"، وفي روايةِ أحمدَ: "فلم يَستغفِرْ له"، وهذا فيه ذَمٌّ شديدٌ لهذا الرَّجُلِ، وبيان لسوء حاله، ويُوضِّحُه بَقيةُ كلامِ عِمرانِ رضِيَ اللهُ عنه عن هذا الرجُلِ، حيثُ قال: "فلم يلبَثْ إلَّا يسيرًا حتَّى مات، فدفَنَّاه فأصبَحَ على ظهرِ الأرضِ"، أي: لفَظَتْه الأرضُ وطَرَدَتْه مِن بَطنِها، فقال الصَّحابةُ رضِيَ اللهُ عنهم: "لعلَّ عدُوًّا نبَشَه"، أي: أخرَجَه مِن القَبرِ، "فدفَنَّاه"، أي: مرَّةً ثانيةً، "ثمَّ أمَرْنا غِلمانَنا"، أي: العبيدَ والخدَمَ، "يَحرُسُونَه، فأصبَحَ على ظَهرِ الأرضِ، فقُلْنا: لعلَّ الغِلمانَ نَعَسُوا"، أي: ناموا ورجَعَ العدُوُّ فنبَشَه، "فدفَنَّاه"، أي: للمرَّةِ الثَّالثةِ، "ثمَّ حرَسْناه بأنفُسِنا"، أي: ليتأكَّدُوا أنَّه ليس هناك مَن يُخرِجُه من الأرضِ، "فأصبَحَ على ظَهرِ الأرضِ"، أي: تأكَّدوا أنَّ ما يحدُثُ له عِقابٌ من اللهِ؛ لقَتلِه ذلك الرَّجلَ المُسلمَ، قال: "فألْقَيناه في بَعضِ تلك الشِّعابِ" والشِّعبُ: الطَّريقُ بين الجَبلينِ.
وفي روايةٍ أُخرى عند ابنِ ماجَه: "فأُخْبِرَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وقال: إنَّ الأرضَ لَتقبَلُ مَن هو شَرٌّ منه"، أي: تَقبَلُ في بَطنِها مَن هو شَرٌّ من هذا الرَّجلِ؛ مِن الكُفَّارِ والمُشرِكينَ والمُنافقينَ وغيرِهم، "ولكنَّ اللهَ أحَبَّ أنْ يُريَكم تَعظيمَ حُرمةِ لا إلهَ إلَّا اللهُ"، أي: إنَّ هذا آيةٌ وعَلامةٌ من اللهِ على تَعظيمِ قولِ: لا إلهَ إلَّا اللهُ، وعِصمةِ دَمِ مَن قالها، وأنَّ قتْلَ قائلِها خطأٌ عظيمٌ.
وفي الحديثِ: تَعظيمُ حُرمةِ الدَّمِ المُسلمِ عند اللهِ.
وفيه: بيانُ الآياتِ من اللهِ لعبادِه ليتَّعِظوا

شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم

قم بقراءة المزيد من الأحاديث النبوية


الكتابالحديث
صحيح ابن ماجهزويت لي الأرض حتى رأيت مشارقها ومغاربها وأعطيت الكنزين الأصفر أو الأحمر والأبيض
صحيح ابن ماجهجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إني رأيت رأسي ضرب
صحيح ابن ماجهإذا رأى أحدكم رؤيا يكرهها فليتحول وليتفل عن يساره ثلاثا وليسأل الله من
صحيح ابن ماجهأن رجلين من بلي قدما على رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان
صحيح ابن ماجهأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بثوب حين اغتسل من الجنابة فرده
صحيح ابن ماجهأتيت النبي صلى الله عليه وسلم بميضأة فقال اسكبي فسكبت فغسل وجهه وذراعيه
صحيح ابن ماجهكان يبيت عند باب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يسمع رسول
صحيح ابن ماجهكان إذا رأى سحابا مقبلا من أفق من الآفاق ترك ما هو فيه
صحيح ابن ماجهسلوا الله علما نافعا وتعوذوا بالله من علم لا ينفع
صحيح ابن ماجهأتت فاطمة النبي صلى الله عليه وسلم تسأله خادما فقال لها ما
صحيح ابن ماجهكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول اللهم ثبت قلبي
صحيح ابن ماجهإن مما تذكرون من جلال الله التسبيح والتهليل والتحميد ينعطفن حول العرش لهن


أشهر كتب الحديث النبوي الصحيحة


صحيح البخاري صحيح مسلم
صحيح الجامع صحيح ابن حبان
صحيح النسائي مسند الإمام أحمد
تخريج صحيح ابن حبان تخريج المسند لشاكر
صحيح أبي داود صحيح ابن ماجه
صحيح الترمذي مجمع الزوائد
هداية الرواة تخريج مشكل الآثار
السلسلة الصحيحة صحيح الترغيب
نخب الأفكار الجامع الصغير
صحيح ابن خزيمة الترغيب والترهيب

قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Tuesday, July 16, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب