شرح حديث وددت أن الناس غضوا من الثلث إلى الربع لأن رسول الله صلى
كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة
شَريعةُ الإسلامِ شَريعةُ العدلِ والتوازنِ ومُراعاةِ جميعِ الحُقوقِ، ومِن مَظاهِرِ ذلك أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حثَّ أُمَّتَه على النفقةِ والوصيةِ، لكن بما لا يَضرُّ ببقيَّةِ الورثةِ وحُقوقِهم.
وفي هذا الحديثِ يقولُ عبدُ اللهِ بنُ عبَّاسٍ رضِيَ اللهُ عنهما: "وَدِدْتُ أنَّ النَّاسَ غَضُّوا"، أي: نَقَصوا، "من الثُّلثِ إلى الرُّبعِ" وذلك في الوصيَّةِ والتَّبرُّعِ بالأموالِ عند الموتِ؛ "لأنَّ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: الثُّلثُ كبيرٌ- أو كثيرٌ-" وهذا قولُ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لسعدِ بنِ أبي وقَّاصٍ عندما أراد أنْ يُوصِيَ عند موتِه، وكأنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ استكثَرَ الثُّلثَ أيضًا، وقال: "لأنْ تذَرَ ورثَتَك أغنياءَ خيرٌ مِن أنْ تترُكَهم عالةً يتكفَّفونَ النَّاسَ"، كما في الصَّحيحينِ، وكأنَّ ابنَ عبَّاسٍ أخَذَ أُمْنِيَّتَه بالنَّقصِ عن الثُّلثِ مِن وَصفِه صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الثُّلثَ بالكثرةِ.
وعند ابنِ ماجَه، مِن حَديثِ أبي هُريرةَ رضِيَ اللهُ، أنَّ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: "إنَّ اللهَ تصدَّقَ عليكم"، أي: جعَلَ لكم حقًّا بالتَّصرُّفِ، "عند وفاتِكم ثُلثَ أموالِكم"، أي: بالتَّصدُّقِ والوصيَّةِ بثُلثِ أموالِكم في وُجوهِ البِرِّ والخيرِ، "زِيادةً في أعمالِكم"، أي: ليَزيدَ لكم في أعمالِكم وأجْرِها وثوابِها، كما أخبَرَ بذلك في حديثٍ آخرَ بقولِه: "إذا مات الإنسانُ انقطَعَ عنه عمَلُه إلَّا مِن ثلاثةٍ: إلَّا مِن صَدقةٍ جاريةٍ، أو علْمٍ يُنْتَفَعُ به، أو ولدٍ صالحٍ يَدْعو له".
فمَن تَرَك ترَكَ مالًا كثيرًا، ولم يكُنْ ورثَتُه في حاجةٍ إلى هذا المالِ، يُندَبُ له الوصيَّةُ والتَّبرُّعُ بجُزءٍ مِن المالِ؛ فله أنْ يُوصِيَ بالثُّلثِ فأقلَّ في أعمالِ البِرِّ؛ كبناءِ المساجدِ، أو الحجِّ عنه، أو إطعامِ الفُقراءِ وكلِّ وُجوهِ البِرِّ، بشَرْطِ ألَّا تكونَ الوصيَّةُ بأكثرَ مِن ثُلثِ المالِ؛ لقولِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لسَعدِ بنِ أبي وقَّاصٍ رضِيَ اللهُ عنه لَمَّا أراد أنْ يُوصِيَ بمالِه كلِّه: "الثُّلثُ، والثُّلثُ كثيرٌ"، وهو حديثٌ متَّفَقٌ عليه.
ومَن أراد أنْ يُوصِيَ من مالِه، فلْيُبادِر بكتابةِ وصيَّتِه قبلَ أنْ يُفاجِئَه الأجلُ، ولْيَعتنِ بتَوثيقِها والإشهادِ عليها، ومِن بابِ أَولى عليه أنْ يُبيِّنَ ما عليه مِن حُقوقٍ للنَّاسِ -مثلُ الدِّيونِ وغيرِها- لتُقْضَى بعدَ موتِه.
وفي الحديثِ: أنَّ الوصيَّةَ تكونُ في ثُلثِ المالِ أو أقلَّ ولا تَزيدُ عن ذلك.
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم