شرح حديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أراد قدوم مكة منزلنا
كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة
كانتْ حَجَّةُ الوَداعِ في السَّنةِ العاشِرةِ مِن الهِجرةِ، وقد بيَّنَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فيها أحكامَ الحجِّ والعُمرةِ وسُننَهما وآدابَهما.
وفي هذا الحَديثِ يَروي أبو هُريرةَ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أخْبَرَهم بَعْدَ رُجوعِه مِن مِنًى بعْدَ رَمْيِ الجِمارِ وتَوجُّهِه إلى البَيت الحَرامِ لِطَوافِ الوَداعِ؛ أنَّه سيَنزِل في خَيْفِ بَني كِنانةَ، والمُرادُ به المُحَصَّبُ، وهو مُبتدَأُ بَطحاءِ مكَّةَ، وهو مَوجودٌ الآنَ في أوائلِ مكَّةَ في ما يُسمَّى قصْرَ السَّقافِ، وهو المكانُ الذي تَحالَفَ فيه كُفَّارُ قُريشٍ مِن قبْلُ على الكُفْرِ، فتَحالَفوا على تَبرُّئِهم مِن بَني هاشِمٍ وبَني المُطَّلِبِ، وألَّا يَقبَلوا لهم صُلحًا، وأنْ يُخرِجوا النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وبَني هاشِمٍ وبَني المُطَّلِبِ مِن مَكَّةَ إلى هذا الشِّعبِ، وهو خَيْفُ بَني كِنانَةَ، وكَتَبوا بيْنهُم الصَّحيفةَ المَشْهورةَ، وكَتَبوا فيها أنواعًا مِن الباطِلِ وقَطيعةِ الرَّحِمِ والكُفْرِ، فأرَسَلَ اللهُ تعالَى عليها الأَرَضةَ، فأكَلَت كلَّ ما فيها مِن كُفرٍ وقَطيعةِ رَحِمٍ وباطِلٍ، وتَرَكَت ما فيها مِن ذِكْرِ اللهِ تعالَى.
وقولُه: «إنْ شاء اللهُ تعالَى» قالهُ على سَبيلِ التَّبرُّكِ والامتثالِ لأمْرِ اللهِ في القرآنِ.
واختُلِفَ في سَببِ نُزولِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ فقيل: نَزَلَ فيه نُزولًا تابعًا للنُّسكِ، وإنَّه سُنَّةٌ، كما كان يَرى عبدُ اللهِ بنُ عمَر رَضيَ اللهُ عنهما، وقيل: ليس بسُنَّةٍ؛ فقد رَوى أبو داودَ -وأصلُه عِندَ البُخاريِّ- قالتْ عائشةُ رَضيَ اللهُ عنها: «إنَّما نَزَل رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ المُحصَّبَ؛ لِيَكونَ أسمَحَ لِخُروجِه، وليسَ بسُنَّةٍ، فمَن شاء نزَلَه، ومَن شاء لم يَنزِلْه»، فنُزولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في الأبطَحِ؛ لِيَكونَ أسْمَحَ وأسهَلَ لِخُروجِه راجِعًا إلى المدينةِ، ولِيَكونَ أسرَعَ، ولِيَستوِيَ البَطيءُ والمُتعذِّرُ، ويَكونَ مَبيتُهم وقِيامُهم في السَّحَرِ، ورَحيلُهم بأجمَعِهم إلى المَدينةِ.
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم