حديث بشرا ولا تنفرا ويسرا ولا تعسرا وتطاوعا ولا تختلفا

أحاديث نبوية | عمدة التفسير | حديث -

«بشِّرا ولا تُنفِّرا , ويسِّرا ولا تُعسِّرا , وتَطاوَعا ولا تختلِفا»

عمدة التفسير
-
أحمد شاكر
[أشار في المقدمة إلى صحته]

عمدة التفسير - رقم الحديث أو الصفحة: 2/65 -

شرح حديث بشرا ولا تنفرا ويسرا ولا تعسرا وتطاوعا ولا تختلفا


كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة

بَعَثَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أبَا مُوسَى ومُعَاذَ بنَ جَبَلٍ إلى اليَمَنِ، قالَ: وبَعَثَ كُلَّ واحِدٍ منهما علَى مِخْلَافٍ، قالَ: واليَمَنُ مِخْلَافَانِ، ثُمَّ قالَ: يَسِّرَا ولَا تُعَسِّرَا، وبَشِّرَا ولَا تُنَفِّرَا، فَانْطَلَقَ كُلُّ واحِدٍ منهما إلى عَمَلِهِ، وكانَ كُلُّ واحِدٍ منهما إذَا سَارَ في أرْضِهِ كانَ قَرِيبًا مِن صَاحِبِهِ أحْدَثَ به عَهْدًا، فَسَلَّمَ عليه، فَسَارَ مُعَاذٌ في أرْضِهِ قَرِيبًا مِن صَاحِبِهِ أبِي مُوسَى، فَجَاءَ يَسِيرُ علَى بَغْلَتِهِ حتَّى انْتَهَى إلَيْهِ، وإذَا هو جَالِسٌ وقَدِ اجْتَمع إلَيْهِ النَّاسُ، وإذَا رَجُلٌ عِنْدَهُ قدْ جُمِعَتْ يَدَاهُ إلى عُنُقِهِ، فَقالَ له مُعَاذٌ: يا عَبْدَ اللَّهِ بنَ قَيْسٍ، أيُّمَ هذا؟ قالَ: هذا رَجُلٌ كَفَرَ بَعْدَ إسْلَامِهِ، قالَ: لا أنْزِلُ حتَّى يُقْتَلَ، قالَ: إنَّما جِيءَ به لِذلكَ، فَانْزِلْ، قالَ: ما أنْزِلُ حتَّى يُقْتَلَ، فأمَرَ به فَقُتِلَ، ثُمَّ نَزَلَ، فَقالَ: يا عَبْدَ اللَّهِ، كيفَ تَقْرَأُ القُرْآنَ؟ قالَ: أتَفَوَّقُهُ تَفَوُّقًا، قالَ: فَكيفَ تَقْرَأُ أنْتَ يا مُعَاذُ؟ قالَ: أنَامُ أوَّلَ اللَّيْلِ، فأقُومُ وقدْ قَضَيْتُ جُزْئِي مِنَ النَّوْمِ، فأقْرَأُ ما كَتَبَ اللَّهُ لِي، فأحْتَسِبُ نَوْمَتي كما أحْتَسِبُ قَوْمَتِي.
الراوي : أبو بردة بن أبي موسى الأشعري | المحدث : البخاري
| المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 4341 | خلاصة حكم المحدث : [ صحيح ]



كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُوَلِّي أصْحابَه على البُلدانِ، وكان يُوصِيهم بما يَنفَعُهم في الحُكمِ بيْن النَّاسِ، وبما يُقيمُ العَدْلَ فيهم، وكان يُوصِيهم بالتَّشاوُرِ في المُعضِلاتِ حتَّى يَصْدُروا عنِ اجْتِهادٍ، ورَأيِ الجَماعةِ.
وفي هذا الحَديثِ يَحْكي التَّابِعيُّ أبو بُرْدةَ عامرُ بنُ أبي مُوسى الأشْعَريِّ، أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أرسَلَ أبا مُوسى الأشْعَريَّ ومُعاذَ بنَ جَبَلٍ رَضيَ اللهُ عنهما إلى اليَمَنِ، وهذه الرِّوايةُ تُوحِي بأنَّهما أُرسِلا معًا، وأوْصاهما معًا في وَقتٍ واحدٍ، ولكنْ ورَدَ عندَ النَّسائيِّ عن أبي مُوسى الأشْعَريِّ: «أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بعَثَه إلى اليمَنِ، ثمَّ أرسَلَ مُعاذَ بنَ جبَلٍ بعْدَ ذلك»، وفي رِوايةٍ للبُخاريِّ: «ثمَّ أتْبَعَه مُعاذَ بنَ جَبلٍ».
ثمَّ أخبَرَ أبو بُرْدةَ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قدْ بعَثَ كُلَّ واحِدٍ منهما على «مِخْلافٍ»، أي: إقْليمٍ، وكانتِ اليَمَنُ مُقسَّمةً إلى إقْليمَينِ، وكانت جِهةُ مُعاذِ بنِ جبَلٍ رَضيَ اللهُ عنه العُلْيا إلى صَوبِ عَدَنَ، وكان مِن عَمَلِه مِنطَقةُ الجَنَدِ: بفَتحِ الجيمِ والنُّونِ، وله بها مَسجِدٌ مَشهورٌ إلى اليومِ، وجِهةُ أبي موسى رَضيَ اللهُ عنه السُّفْلى، فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «يَسِّرَا ولا تُعَسِّرَا»، أي: خُذَا بما فيه اليُسرُ والسُّهولةُ، ولا تَأخُذَا بما فيه الشِّدَّةُ، أو يَسِّرَا فيما كان مِن النَّوافلِ ممَّا كان شاقًّا؛ لئلَّا يُفضِيَ بصاحبِه إلى الملَلِ، فيَترُكَه أصلًا، أو يُعْجَبَ بعَمَلِه، فيُحْبَطَ، وفيما رُخِّصَ فيه مِن الفرائضِ، كصَلاةِ الفرضِ قاعدًا للعاجزِ، والفطرِ في الفرْضِ لمَن سافَرَ فيَشُقُّ عليه، «وبَشِّرَا ولا تُنَفِّرَا»، أي: بَشِّرا، ولا تُنذِرَا، وآنِسَا، ولا تُنفِّرَا، فجمَعَ بيْنَهما؛ ليَعُمَّ البِشارةَ، والنِّذارةَ، والتَّأْنيسَ، والتَّنْفيرَ.
وفي الإتْيانِ بلفظِ البِشارةِ والتَّنفيرِ؛ للإشارةِ إلى أنَّ الإنْذارَ لا يُنْفى مُطلقًا، بخِلافِ التَّنْفيرِ، فكأنَّه قيلَ: إنْ أنذَرْتم، فليَكُنْ بغيرِ تَنْفيرٍ.
فانطَلَقَ كُلُّ واحِدٍ منهما إلى عَمَلِه، وكان كُلُّ واحِدٍ منهما إذا سارَ في أرْضِه، وكان قَريبًا مِن صاحِبِه جدَّدَ العَهدَ بزيارةِ صاحبِه، فيَزورُه، ويُسلِّمُ عليه، فسارَ مُعاذُ بنُ جبَلٍ رَضيَ اللهُ عنه يومًا في أرْضِه قَريبًا مِن صاحِبِه أبي مُوسى رَضيَ اللهُ عنه، فذهَبَ إلى أبي مُوسى رَضيَ اللهُ عنه زائرًا، وكان راكبًا على بَغْلتِه، حتَّى انْتَهى إلى أبي مُوسى رَضيَ اللهُ عنه، فرآهُ جالِسًا وقدِ اجتَمَعَ إليه النَّاسُ، ووَجَدَ عندَه رَجلًا قدْ جُمِعَتْ يَداهُ إلى عُنُقِه، فَنادى مُعاذٌ أبا مُوسى رَضيَ اللهُ عنهما باسْمِه: «يا عَبْدَ اللَّهِ بنَ قَيْسٍ»، ثمَّ قال: «أيُّمَ هذا؟» أي: أيُّ شَيءٍ هَذا؟ فأَجابَه أبو مُوسى رَضيَ اللهُ عنه: هذا رَجلٌ ارتَدَّ وكفَرَ بعْدَ إسْلامِه.
فقال مُعاذٌ رَضيَ اللهُ عنه: لا أنزِلُ عن دابَّتي حتَّى يُقتَلَ، فقال أبو مُوسى رَضيَ اللهُ عنه: إنَّما جِيءَ به لذلك، فانزِلْ، قال: ما أنزِلُ حتَّى يُقتَلَ، فأمَرَ به أبو مُوسى رَضيَ اللهُ عنه، فقُتِلَ، ثمَّ نزَلَ مُعاذٌ رَضيَ اللهُ عنه.
فقال مُعاذُ بنُ جبَلٍ لأبي مُوسى رَضيَ اللهُ عنهما: يا عَبدَ اللهِ، كيف تَقْرأُ القُرآنَ؟ فأجابَه: «أتَفوَّقُه تَفوُّقًا»، أي: أقْرَؤُه شَيئًا بعْدَ شَيءٍ في آناءِ اللَّيلِ والنَّهارِ، يَعني لا أقْرَؤُه مرَّةً واحِدةً؛ بل أُفرِّقُ قِراءتَه على أوْقاتٍ، مَأْخوذٌ مِن فَواقِ النَّاقةِ، وهو أنْ تُحلَبَ، ثمَّ تُترَكَ مدَّةً حتَّى تُدِرَّ، ثمَّ تُحلَبَ، فسَألَ أبو مُوسى مُعاذًا رَضيَ اللهُ عنهما: فكَيف تَقْرأُ أنتَ يا مُعاذُ؟ قال: أنامُ أوَّلَ اللَّيلِ، فأقومُ وقدْ قَضَيتُ جُزْئي مِن النَّومِ، فأُجزِّئُ اللَّيلَ أجْزاءً؛ جُزْءًا للنَّومِ، وجُزْءًا للقِراءةِ والقيامِ، فأقْرأُ ما كتَبَ اللهُ لي، فأحْتَسِبُ نَوْمَتي كما أحْتَسِبُ قَوْمَتي، أي: أطلُبُ الثَّوابَ في الرَّاحةِ كما أطْلُبُه في التَّعَبِ؛ لأنَّ الرَّاحةَ إذا قُصِدَ بها الإعانةُ على العِبادةِ، حصَلَ بها الثَّوابُ.
وفي الحَديثِ: أنَّ العالِمَ والواعِظَ والمَقبولَ مِن قَولِه مَأْمورٌ بألَّا يُقنِّطَ النَّاسَ، وأنْ يُيَسِّرَ على المُبتَدِئِ في الإسْلامِ، ولا يُفاجِئَه بالشِّدَّةِ.
وفيه: الأُلْفةُ والمَودَّةُ بيْن الصَّحابةِ.
وفيه: تَقْديمُ أفاضِلِ النَّاسِ على العمَلِ واخْتِصاصِ العُلماءِ منهم.
وفيه: سُؤالُ الصَّاحِبِ صاحِبَه عن عِبادَتِه وحالِه معَ ربِّه.
وفيه: أنَّ القَتلَ عُقوبةُ المُرتَدِّ عنِ الإسْلامِ إلى الكُفرِ.

شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم

قم بقراءة المزيد من الأحاديث النبوية


الكتابالحديث
عمدة التفسيرإن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تقل أو
صحيح أبي داودعن عبدالله بن مسعود قال لعن رسول الله صلى الله عليه
المحلىأنه دخل المسجد ونبي الله صلى الله عليه وسلم راكع قال فركعت دون
فتح الباري لابن حجرالأصابع سواء كلهن فيه عشر عشر من الإبل
المحلىلولا أن الكلاب أمة من الأمم لأمرت بقتلها فاقتلوا منها الأسود البهيم وأيما
المحلىمن وجد عين متاعه عند رجل قد أفلس فهو أحق به ممن سواه
المحلىصلاة المرء في بيته أفضل من صلاته في مسجد إلا المكتوبة
المحلىإذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ماء ثم ليستنثر
المحلىنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تباشر المرأة المرأة في ثوب
المحلىعن عائشة أم المؤمنين قالت قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم
التمهيدعن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه أن رسول الله صلى
التمهيدأن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الاستطابة فقال أولا


أشهر كتب الحديث النبوي الصحيحة


صحيح البخاري صحيح مسلم
صحيح الجامع صحيح ابن حبان
صحيح النسائي مسند الإمام أحمد
تخريج صحيح ابن حبان تخريج المسند لشاكر
صحيح أبي داود صحيح ابن ماجه
صحيح الترمذي مجمع الزوائد
هداية الرواة تخريج مشكل الآثار
السلسلة الصحيحة صحيح الترغيب
نخب الأفكار الجامع الصغير
صحيح ابن خزيمة الترغيب والترهيب

قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Monday, November 18, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب