مِن أُصولِ الإيمانِ والعَقيدةِ الصَّحيحةِ في الإسلامِ: الإيمانُ بالغَيبِ الذي أخبَرَنا عنه
اللهُ عزَّ وجلَّ، وحدَّثَنا عنه رسولُه صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ؛ مِن أُمورِ يومِ القيامةِ، وما يَحدُثُ فيه مِن الأهوالِ والمشاهِدِ الَّتي تَظهَرُ فيها قُدرتُه وعظَمتُه.
وفي هذا الحديثِ أنَّ ابنَ عبَّاسٍ رضِيَ
اللهُ عنهما قال لتِلميذِه مُجاهِدِ بنِ جبْرٍ: "أَتَدْري"،
أي: أتَعْرِفُ "ما سَعَةُ جَهنَّمَ؟"
أي: ما وُسْعُ ومِساحةُ النَّارِ، طولُها وعَرضُها؟ قال مُجاهدٌ: "قلْتُ: لا"
أي: إنَّه لا يَعلَمُ حَجمَها ووُسعَها، قال ابنُ عبَّاسٍ رضِيَ
اللهُ عنهما: "أجَلْ و
اللهِ ما تَدْري"
أي: نعَمْ، صدَقْتَ؛ فإنَّك لا تَعرِفُ؛ لأنَّ مِثلَ تلك الغَيبيَّاتِ لا تُعلَمُ إلَّا بما أخبَرَ
اللهُ تعالى في كِتابِه، أو بما صحَّ عن النَّبيِّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ، ثم قال ابنُ عباسٍ رضِيَ
اللهُ عنهما: "إنَّ بيْن شَحْمَةِ أُذُنِ" وهي اللَّحْمَةُ المتدلِّيةُ في آخِرِ الأُذُنِ، "أحَدِهم وبيْن عاتِقِه" وهو الكَتِفُ، "مَسيرةَ سبعينَ خريفًا" وهذا مِن عِظَمِ خَلْقِ
اللهِ، "تَجْري فيها أودِيةُ القَيْحِ والدَّمِ" وهو الصَّديدُ وعِصارةُ الجُروحِ، "قلتُ: أنهارًا؟"
أي: هل يَجري الصديدُ والدَّمُ أنهارًا؟ "قال: لا، بلْ أوديةً" وهذا دليلٌ على شِدَّةِ العذابِ، "ثم قال: أتَدْرون ما سَعَةُ جهنَّمَ؟ قلتُ: لا، قال: أجَلْ و
اللهِ ما تَدري" وهذا مِن بابِ إعادةِ السُّؤالِ؛ لِـجذْبِ الانتباهِ وتَحقيقِ القولِ في الأمْرِ.
ثم قال ابنُ عباسٍ رضِيَ
اللهُ عنهما: "حدَّثَتْنِي عائشةُ أنَّها سأَلَتْ رسولَ
اللهِ صلَّى
اللهُ عليه وعلى آلِه وسلَّمَ عن قولِهِ:
{ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ } [
الزمر: 67 ]،
أي: إنَّ
اللهَ سُبحانَه وتَعالى يَقبِضُ الأرَضينَ السَّبْعَ بكُلِّ أجزائِها وطبَقاتِها، وكذلك يَقبِضُ السَّمَواتِ في قَبضةِ يَدِه اليُمْنى، وكِلْتا يَدَيْه يَمينٌ سُبحانَه وتَعالى، ولهما صِفةُ الكَمالِ على ما يَلِيقُ بالربِّ الجليلِ سُبحانَه، ولا تُمثَّلُ صِفاتُه بصِفاتِ خَلْقِه؛ فليسَ كمِثْلِه شيءٌ، ولا يَعلَمُ كيفيَّتَها إلَّا هو سُبحانَه، فتعَجَّبَتْ عائِشةُ رضِيَ
اللهُ عنها، وسأَلتِ النَّبيَّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ: "فأين الناسُ يومَئذٍ يا رسولَ
اللهِ؟ قال: همْ على جِسْرِ" وهُو الصِّراطُ الذي يُنصَبُ على ظَهْرِ "جَهَنَّمَ"، والمعنى: يَكونون واقِفينَ على الصِّراطِ، وهذا بَيانٌ لِمَدى سَعَةِ النَّارِ؛ حيثُ اجتمَعَتْ تلكَ الخلائقُ كلُّها على جِسْرٍ مِنها.
وفي الحديثِ: إثباتُ صِفةِ اليدِ للهِ تَعالى.
وفيه: بَيانُ عظمةِ قُدْرَةِ
اللهِ وعَظَمَةِ خَلْقِه وسَعَتِه بما لا يُدْرِكُه أحَدٌ .
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم