حديث هذه عير قريش فيها أموالهم فاخرجوا إليها لعل الله ينفلكموها

أحاديث نبوية | فقه السيرة | حديث عبدالله بن عباس

«قال الرَّسولُ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ لأصحابِه: هذه عيرُ قُريشٍ، فيها أموالُهم، فاخرُجوا إليها، لعلَّ اللهَ يُنفِلُكُموها .»

فقه السيرة
عبدالله بن عباس
الألباني
صحيح

فقه السيرة - رقم الحديث أو الصفحة: 218 -

شرح حديث قال الرسول عليه الصلاة والسلام لأصحابه هذه عير قريش فيها أموالهم فاخرجوا


كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة

بعَثَ اللهُ نَبيَّه بالرِّسالةِ لدَعْوةِ قَومِه، ولكنَّه لاقى مِن كُفَّارِ مكَّةَ الصَّدَّ والإعراضَ وتَعذيبَ أصحابِه، ولمَّا هاجَروا إلى المَدينةِ، ترَكوا دورَهم وأمْوالَهم، وفَرُّوا إلى اللهِ ولنُصرةِ دِينِه، ولمَّا كانتْ رِحلةُ قُرَيشٍ بالتِّجارةِ إلى الشَّامِ ذَهابًا وإيابًا، تَمُرُّ قَريبًا مِن المَدينةِ، فقال الرَّسولُ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ لأصحابِه: "هذه عِيرُ قُرَيشٍ"، أي: جِمالُ قُرَيشٍ التي تَحمِلُ تِجارتَهم وأمْوالَهم، في طريقِ العَودةِ مِن الشَّامِ إلى مكَّةَ، "فيها أمْوالُهم، فاخرُجوا إليها"؛ لمُلاقاتِها والتَّعرُّضِ لها، "لعلَّ اللهَ يُنفِّلُكموها"، وهذا رَجاءٌ مِن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يُمكِّنَهم اللهُ مِن الحُصولِ على هذه القافلةِ؛ تَعويضًا عن أمْوالِهم التي ترَكوها في مكَّةَ.
وقد جاء في تَمامِ الرِّوايةِ: "فانتدَبَ النَّاسُ"، أي: خرَجوا للحَربِ، "فخَفَّ بعضُهم، وثقُلَ بعضُهم"، عن الخُروجِ مع النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ "وذلك أنَّهم لم يظُنُّوا أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَلقَى حَربًا"، لمَا عَلِموا مِن أنَّ القَوافلِ عادةً لا يَتبَعُها جَيشٌ كَبيرٌ، وإنَّما حاميةٌ مَحدودةٌ، "وكان أبو سُفْيانَ"، بنُ حَربٍ وهو سيِّدُ قُرَيشٍ آنذاك -ولم يكُنْ قد أسلَمَ- "قد استَنفَرَ"، بالاستِعدادِ والتَّجهُّزِ، "حينَ دنا مِن الحِجازِ يتجسَّسُ الأخبارَ"، أي: يطلُبُ مَعرفتَها خُفيةً، "ويسأَلُ مَن لَقيَ مِن الرُّكبانِ"، القادمينَ مِن جِهةِ المَدينةِ، "تَخوُّفًا على أمْرِ النَّاسِ، حتَّى أصابَ خَبرًا مِن بعضِ الرُّكبانِ: أنَّ محمَّدًا قد استنفَرَ أصحابَه لك ولعِيرِكَ"، أي: عَلِمَ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قد خرَجَ للقائِه، وأَخذِ القافلةِ، "فحَذِرَ عندَ ذلك"، وأخَذَ الحَذرَ والحَيطةَ، وتَغييرَ اتِّجاهِ الطَّريقِ إلى ساحلِ البَحرِ، بَعيدًا عن الطَّريقِ الذي فيه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، "فاستأجَرَ ضَمضَمَ بنَ عمرٍو الغِفاريَّ، فبعَثَه إلى أهلِ مكَّةَ، وأمَرَه أنْ يَأتيَ قُرَيشًا، فيَستنفِرَهم في أمْوالِهم"، أي: يطلُبُ منهم الخُروجَ لحِمايةِ أمْوالِهم، "ويُخبِرَهم أنَّ محمَّدًا قد عرَضَ لها في أصحابِه، فخرَجَ ضَمضَمُ بنُ عمرٍو سريعًا إلى مكَّةَ، وخرَجَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في أصحابِه، حتى بلَغَ واديًا يُقالُ له: ذَفِرانُ"، وهو وادٍ غَربَ المَدينةِ، يبعُدُ عنها حَوالَيْ ثلاثينَ كيلو مِترًا، "فخرَجَ منه، حتى إذا كان ببعضِه نزَلَ"، أي: أقامَ ونزَلَ عن رُكوبتِه، "وأتاه الخَبرُ عن قُرَيشٍ بمَسيرِهم ليَمنَعوا عِيرَهم، فاستشارَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ النَّاسَ"، ليَكونَ الأمْرُ عن رِضاهم ومَشورتِهم، "وأخبَرَهم عن قُرَيشٍ، فقام أبو بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنه، فقال فأحسَنَ، ثمَّ قام عُمَرُ، فقال فأحسَنَ، ثمَّ قام المِقدادُ بنُ عمرٍو، فقال: يا رسولَ اللهِ، امْضِ لما أمَرَكَ اللهُ به، فنحن معك، واللهِ لا نقولُ لك كما قالتْ بَنو إسرائيلَ لموسَى: { اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ } [ المائدة: 24 ]، ولكنِ اذهَبْ أنتَ وربُّكَ فقاتِلا، إنَّا معكما مُقاتِلونَ، فوالذي بعَثَكَ بالحَقِّ، لو سِرْتَ بنا إلى بَرْكِ الغِمادِ -يعني مَدينةَ الحَبشةِ-"، وقيلَ: هو مَوضِعٌ مِن وَراءِ مكَّةَ بخَمسِ ليالٍ بناحيةِ السَّاحلِ، وقيلَ: إنَّه مَوضِعٌ بأقاصي هَجَرَ، وقيلَ: بَرْكُ الغِمادِ، وسَعَفاتُ هَجَرَ كِنايةٌ تُقالُ فيما تَباعَدَ، "لجالَدْنا معك"، أي: حارَبْنا معك، "مَن دونَه حتى تبلُغَه، فقال له رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خيرًا، ودعا له بخيرٍ، ثُمَّ قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أَشيروا عليَّ أيُّها النَّاسُ -وإنَّما يريدُ الأنصارَ- وذلك أنَّهم كانوا عَددَ النَّاسِ"؛ لأنَّهم أهلُ المَكانِ في المَدينةِ؛ حيث العَددُ مِن الرِّجالِ والأهلِ، "وذلك أنَّهم حينَ بايَعوه بالعَقبةِ"، قبلَ الهِجرةِ، "قالوا: يا رسولَ اللهِ، إنَّا بُرآءُ مِن ذِمامِكَ"، أي: عُهودِكَ ومَواثيقِكَ وحِمايتِكِ، "حتى تصِلَ إلى دارِنا، فإذا وصَلتَ إلينا فأنتَ في ذِمَمِنا، نَمنَعُكَ ممَّا نَمنَعُ منه أبناءَنا ونِساءَنا"، فلم يكُنْ مُصرَّحًا في ذلك العَهدِ النُّصرةُ على كلِّ حالٍ، فليس على الأنصارِ أنْ يوافِقوه على مِثلِ هذا الخُروجِ، فكان يُحِبُّ أنْ يَعرِفَ رأيَهم في قِتالِ أهلِ مكَّةَ الذين جاؤوا إلى بَدرٍ للحَربِ، "فكان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَتخوَّفُ ألَّا تكونَ الأنصارُ ترى عليها نصرتَه إلا ممَّن دهَمَه بالمَدينةِ"، أي: جاءه وهاجَمَه في المَدينةِ، "مِن عَدوِّه، وأنْ ليس عليهم أنْ يَسيرَ بهم إلى عَدوٍّ مِن بِلادِهم"، والمعنى أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أرادَ أنْ يَستبينَ أمْرُ الأنصارِ ومَوقفُهم مِن نُصرتِه، وهل هم يَعتقِدونَ أنَّ نُصرتَه واجبةٌ عليهم إذا أتاه العَدوُّ في المَدينةِ فقط، أم أنَّهم سيَنصُرونَه على كلِّ حالٍ؟ "فلمَّا قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ذلك؛ قال له سَعدُ بنُ مُعاذٍ: واللهِ لكأنَّكَ تُريدُنا يا رسولَ اللهِ؟"، وذلك بعدَ تَكرارِ السُّؤالِ على النَّاسِ، كأنَّه فَهِمَ ما أرادَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن أنْ يَتكلَّمَ الأنصارُ، "قال: أجلْ، قال: فقد آمَنَّا بك، وصدَّقْناكَ، وشهِدْنا أنَّ ما جِئْتَ به هو الحَقُّ، وأعطَيْناكَ على ذلك عُهودَنا ومَواثيقَنا على السَّمعِ والطَّاعةِ، فامْضِ يا رسولَ اللهِ، لما أمَرَكَ اللهُ، فوالذي بعَثَكَ بالحَقِّ، إنِ استعرَضتَ بنا هذا البَحرَ، فخُضْتَه؛ لخُضْناه معك!"، أي: إنْ عبَرتَ بنا البَحرَ؛ لعبَرناه معك، "ما يَتخلَّفُ منَّا رَجُلٌ واحدٌ، وما نَكرَهُ أنْ تَلقى بنا عَدوَّنا غدًا"، في اليومِ التَّالي، وهذا دَليلٌ على استِعدادِهم للحَربِ، ثُمَّ عدَّدَ مَناقبَهم، فقال: "إنَّا لصُبُرٌ في الحربِ، صُدُقٌ عندَ اللِّقاءِ"، فلا نَفِرُّ مِن الحَربِ، ولا مِن لِقاءِ العَدوِّ، "ولعلَّ اللهَ يُريكَ منَّا ما تقَرُّ به عَينُكَ، فسِرْ بنا على بَركةِ اللهِ، فسُرَّ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بقَولِ سَعدٍ، ونشَّطَه ذلك"، أي: جعَلَه نَشيطًا للحَربِ، "ثُمَّ قال: سيروا على بَركةِ اللهِ، وأبشِروا؛ فإنَّ اللهَ قد وعَدَني إحدى الطَّائفتَينِ"، إمَّا النَّصرُ والغَنيمةُ، وإمَّا الشَّهادةُ في سَبيلِ اللهِ ودُخولُ الجنَّةِ، "واللهِ لكأنِّي الآن أنظُرُ إلى مَصارعِ القَومِ"، أي: إلى أماكنِ مَقتلِهم، وهذه بِشارةٌ من النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالنَّصرِ.
وفي الحديثِ: أخْذُ الإمامِ بمَشورةِ النَّاسِ عندَ النَوازِلِ والمُلمَّاتِ.
وفيه: بَيانُ مَكانةِ الأنصارِ في نُصرةِ الإسلامِ .

شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم

قم بقراءة المزيد من الأحاديث النبوية


الكتابالحديث
تمام المنةمن أدرك من الجمعة ركعة فليضف إليها أخرى ومن فاتته الركعتان
تخريج كتاب السنةيرد على قوم يوم القيامة رهط فيختلجون عن الحوض
غاية المرامأن النبي جعل لصاحب السلعة الخيار إذا ورد السوق
فقه السيرةيا معشر قريش هل بقي لأحد منكم عندي مال لم أرده عليه
تخريج كتاب السنةأنا أول من تنشق عنه الأرض و أول شافع وأول مشفع
تخريج كتاب السنةخرج إلينا رسول الله ذات يوم فقال رأيت كأني أعطيت المقاليد والموازين
تخريج كتاب السنةقدر الله تعالى على كل نفس رزقها ومصيبتها وأجلها
تخريج كتاب السنةيا أيها الناس إن أحدكم لن يموت حتى يستكمل رزقه فلا تستبطئوا الرزق
تخريج كتاب السنةلما كان من أمر عبد الله بن مطيع ما كان أتاه عبد الله
تخريج كتاب السنةخطبنا رسول الله فكان أكثر خطبته يحدثنا عن الدجال ويحذرناه وإنه يبدأ فيقول
فقه السيرةفخرج من عند ميمونة بين الفضل بن العباس وعلي بن أبي طالب
تخريج كتاب السنةيحشر الله العباد أو قال يحشر الله الناس قال وأومى بيده إلى الشام


أشهر كتب الحديث النبوي الصحيحة


صحيح البخاري صحيح مسلم
صحيح الجامع صحيح ابن حبان
صحيح النسائي مسند الإمام أحمد
تخريج صحيح ابن حبان تخريج المسند لشاكر
صحيح أبي داود صحيح ابن ماجه
صحيح الترمذي مجمع الزوائد
هداية الرواة تخريج مشكل الآثار
السلسلة الصحيحة صحيح الترغيب
نخب الأفكار الجامع الصغير
صحيح ابن خزيمة الترغيب والترهيب

قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Sunday, November 24, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب