شرح حديث قدر الله تعالى على كل نفس رزقها ومصيبتها وأجلها
كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة
كَتَبَ اللهُ مَقاديرَ كلِّ شَيءٍ، وما من شَيءٍ يَخرُجُ عن عِلْمِه، وتَجْري العَوالِمُ كُلُّها بحِكْمتِه سُبحانَهُ، ولا يَصِحُّ إيمانُ عبدٍ حتَّى يُؤمِنَ بالقَدَرِ، ولا بُدَّ مِنَ التَّسليمِ المُطْلَقِ بِهِ، ومع ذلك لا يُعلِّقُ المرءُ تَقْصيرَه عليه؛ لأنَّ اللهَ خَلَقَ الإنسانَ، وهَداهُ إلى مَعْرِفةِ الخيرِ والشَّرِّ، ولا أحَدَ يَعلمُ ما قُدِّرَ له إلَّا بَعدَ وُقوعِه.
وفي هذا الحديثِ يقولُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "قدَّر اللهُ تعالى"، أي: كَتَبَ اللهُ عزَّ وجلَّ في الأَزَلِ، "على كُلِّ نفْسٍ"، أي: كُلِّ مَخْلوقٍ، "رِزْقَها" من الخيرِ "ومُصيبَتَها"، أي: فِتْنَتَها وبَلاءَها، "وأَجَلَها"، أي: قدَّر وَقْتَ مَوْتِها ونِهايَةَ حياتِها، وهذا إشارةٌ إلى قُدْرةِ اللهِ، وعِلْمِه الأزَليِّ؛ فيَنْبغي على العبْدِ أنْ يُجْمِلَ فِي طَلَبِ الدُّنْيَا، فَإِنَّ كُلًّا مُيَسَّرٌ لما خُلِقَ له، والذي سيكونُ من أهلِ الجنَّةِ سيعمَلُ بالأعمالِ الَّتي تُوصِلُه إلى الجنَّةِ، والذي يكونُ من أهلِ النَّارِ سيعمَلُ الأعمالَ الَّتي تُوصِلُه إلى النَّارِ، وهذا لا يُنافي الأمْرَ بالعملِ والسَّعيِ في الأرضِ لابتغاءِ الرِّزقِ، ولكنَّه تهذيبٌ للسَّعيِ، وإرشادٌ لعدمِ التَّكالُبِ على الدُّنيا، وعدَمِ الحُزنِ على ما فات منها؛ فإنَّه تعالى قد قدَّرَ الرِّزقَ وكتَبَه، وقدَّرَ له سببًا هو الطَّلبُ بالإجمالِ، كما أخرج البزَّارُ في مُسندَه، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: "إنَّه ليس شيءٌ يُقرِّبُكم إلى الجَنَّةِ إلَّا قد أمرتُكم به، وليس شيءٌ يُقرِّبُكم إلى النارِ إلَّا قد نهيتُكم عنه، إنَّ رُوحَ القُدُسِ نفَثَ في رُوعي: إنَّ نفْسًا لا تموتُ حتى تَستكمِلَ رِزقَها؛ فاتَّقوا اللهَ وأجْمِلوا في الطَّلبِ، ولا يَحمِلنَّكم استبطاءُ الرِّزقِ أنْ تَطلبوه بمعاصي اللهِ؛ فإنَّ اللهَ لا يُدرَكُ ما عِندَه إلَّا بطاعتِه" .
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم