حديث كل امرئ مصبح في أهله والموت أدنى من شراك نعله قالت

أحاديث نبوية | مسند الإمام أحمد | حديث عائشة أم المؤمنين

«قدِمْنا المَدينةَ وهي أنْجالٌ وغَرقَدٌ، فاشْتَكى آلُ أبي بَكرٍ، فاسْتأذَنتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في عيادةِ أبي، فأَذِنَ لي، فأتَيتُه فقُلتُ: يا أبَتِ، كيف تَجِدُكَ؟ قال: كلُّ امْرئٍ مُصَبَّحٌ في أهْلِه ... والمَوتُ أدْنى مِن شِراكِ نَعلِه، قالَتْ: قُلتُ: هَجَرَ -واللهِ- أبي، ثم أتَيتُ عامِرَ بنَ فُهَيْرةَ فقُلتُ: أيْ عامِرُ، كيف تَجِدُكَ؟ قال -(البَحرُ الرَّجَزُ)-: إنِّي وَجَدتُ المَوتَ قَبلَ ذَوْقِه ... إنَّ الجَبانَ حَتْفُه مِن فَوقِه، قالَتْ: فأتَيتُ بِلالًا فقُلتُ: يا بِلالُ، كيف تَجِدُكَ؟ فقال: ألَا لَيتَ شِعْري هل أبِيتَنَّ ليلةً ... بفَخٍّ وحَوْلي إذْخِرٌ وجَليلُ، فأتَيتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فأخْبَرْتُه، قال: اللَّهمَّ بارِكْ لنا في صاعِنا، وبارِكْ لنا في مُدِّنا، وحَبِّبْ إلينا المَدينةَ كما حبَّبتَ إلينا مكَّةَ، وانقُلْ عنَّا وَباءَها إلى خُمٍّ ومَهْيَعةَ.»

مسند الإمام أحمد
عائشة أم المؤمنين
شعيب الأرناؤوط
صحيح

مسند الإمام أحمد - رقم الحديث أو الصفحة: 26030 - أخرجه البخاري (6372)، ومسلم (1376)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (4272) مختصراً، وأحمد (26030) واللفظ له

شرح حديث قدمنا المدينة وهي أنجال وغرقد فاشتكى آل أبي بكر فاستأذنت النبي صلى


كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة

لَمَّا هاجَرَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى المَدينةِ، ابتُليَ عَددٌ مِن أصْحابِه بما يَكرَهونَ مِنَ الأمراضِ؛ كأبي بَكرٍ وبِلالٍ رضِيَ اللهُ عنهما، فتكلَّمَ كلُّ إنْسانٍ منهم حسَبَ يَقينِه وعِلمِه بعَواقبِ الأُمورِ، وفي هذا الحَديثِ تقولُ عائشةُ رضِيَ اللهُ عنها: "قَدِمْنا المَدينةَ وهي أنْجالٌ" جَمعُ نَجْلٍ وهو الماءُ القَليلُ العاطِبُ، "وغَرقَدٌ" وهو نَوعٌ منَ الشجَرِ له شَوكٌ، وهو غَيرُ مُنتَفَعٍ به، "فاشْتَكى آلُ أبي بَكرٍ" مَرِضوا وتَعِبوا، "فاستأذَنْتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في عيادةِ أبي"، وهذا من حُسنِ أدَبِ الزوْجةِ أنْ تَستأذِنَ زَوجَها عندَ الخُروجِ من بَيتِها، "فأذِنَ لي" سمَحَ لها النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في زيارةِ أهلِها، وهذا أيضًا من تَعليمِ الأزْواجِ أنْ يَسمَحوا لزَوْجاتِهم بالخُروجِ للأُمورِ المَشروعةِ، "فأتَيْتُه فقُلْتُ: يا أبَتِ، كيف تَجِدُكَ؟" كيف حالُكَ في مَرضِكَ؟ "قال: كلُّ امْرئٍ مُصبَّحٌ في أهلِه" يَعني: تُصبِّحُه الآفاتُ وتُمسِّيه، "والمَوتُ أدْنى من شِراكِ نَعلِه" فيَنزِلُ به الموتُ في صَباحِه ومَسائِه إذا جاء أجَلَهُ وقَدَرُه، "قالت: قُلْتُ: هجَرَ -واللهِ- أبي"، قال قولًا سيِّئًا فيه قُبحٌ، "ثم أتيْتُ عامرَ بنَ فُهَيرةَ" وهو مِن مَوالي أبي بَكرٍ الصدِّيقِ، "فقُلْتُ: أيْ عامرُ، كيف تَجِدُكَ؟ قال:
إنِّي وجدْتُ الموتَ قبلَ ذَوْقِه ** إنَّ الجبانَ حَتْفُه من فَوقِه
قالت: فأتَيْتُ بِلالًا فقُلْتُ: يا بلالُ، كيف تَجِدُكَ؟ فقال:
ألَا ليْتَ شِعْري هل أبيتَنَّ لَيلةً ** بفَخٍّ وحَوْلي إذْخِرٌ وجَليلُ
يعني فتمنَّى الرُّجوعَ إلى مكَّةَ، التي كانتْ فيها صحَّتُه، وتَمنَّى أنْ يَبيتَ ليلةً واحدةً في ضَواحيها، ويُطفِئَ أشْواقَه الحارَّةَ مِن مياهِ مِجَنَّةَ، وأنْ يُمتِّعَ ناظِرَيْهِ بمُشاهَدةِ إذْخِرٍ وجَليلٍ، وغَيرِها مِنَ النَّباتاتِ الخَلَويَّةِ التي حَولَها.
قالتُ: "فأتيْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فأخبَرْتُه" بحالِ الناسِ وما أصابَهم من شِدَّةِ المَرضِ والحُمَّى، فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "اللَّهمَّ بارِكْ لنا في صاعِنا، وبارِكْ لنا في مُدِّنا" يَعني: زِدْ في الطَّعامِ الذي يُكالُ بهما كما في حَديثٍ آخَرَ مِن دُعائِه بمُضاعَفةِ صاعِ ومُدِّ المَدينةِ عن مكَّةَ، ويَحتمِلُ أنَّ الدُّعاءَ كان بأنْ تَحصُلَ البَرَكةُ في نفْسِ المَكيلِ، بحيث يَكْفي المُدُّ فيها مَن لا يَكْفِيه في غيرِها.
والصَّاعُ والمُدُّ مِن المَكاييلِ والمَوازينِ، وفي تَقديرِ الْمُدِّ والصَّاعِ خِلافٌ؛ فالْمُدُّ يُساوي الآنَ تقريبًا 509 جراماتٍ في أقلِّ تَقديرٍ، و1072 جِرامًا في أعْلى تَقديرٍ، أي: يُساوي كَيْلًا واثنَينِ وسَبعينَ جِرامًا، أمَّا الصَّاعُ فيُساوي بالجرامِ 2036 في أقلِّ تَقديرٍ، أي: كَيْلَيْ جرامٍ وستًّا وثَلاثينَ جِرامًا، وفي أعْلى تَقْديرٍ يُساوي: 4288 جرامًا، أي: أربعةَ كِيلواتٍ ومِئتَينِ وثمانيةً وثَمانينَ جِرامًا.
"وحبِّبْ إلينا المَدينةَ كما حبَّبْتَ إلينا مكَّةَ" حتى تَهدأَ قُلوبُ المُهاجِرينَ بامتِلائِها بحُبِّ المَدينةِ التي هاجَروا إليها عِوَضًا عنِ العَيشِ في مكَّةَ التي يُحبُّونَها، "وانقُلْ عنَّا وباءَها"، وهي الحُمَّى وما يَنتشِرُ مِنَ الأمراضِ "إلى خُمٍّ ومَهْيَعةَ" وخُمٌّ مِنطَقةٌ على بُعْدِ ثلاثةِ أمْيالٍ منَ الجُحْفةِ، ومَهْيَعةُ هي الجُحْفةُ، وتقَعُ بينَ مَكَّةَ والمَدينةِ، وتَبعُدُ عن مَكَّةَ 190 كلم تقريبًا، بقُربِ مدينةِ ( رابِغَ )، وبذلك نَقَلَ اللهُ تعالى الوَباءَ منَ المَدينةِ إلى خارجِها.
وفي الحديثِ: بيانُ صَبْرِ الصَّحابَةِ رضِيَ اللهُ عنهم وَتَحمُّلِهم الأَذَى في أنفُسِهِم مع ترْكِ أوْطانِهم في سَبيلِ الدِّينِ.
وفيه: بيانُ فَضْلِ المَدِينةِ وحُبِّ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لَها.
وفيه: أنَّ حُبَّ الأوطانِ مَرْكوزٌ في النُّفوسِ ولا يَتَعارَضُ مع حُبِّ الدِّينِ والتَّضحيةِ منِ أجْلِه .

شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم

قم بقراءة المزيد من الأحاديث النبوية


الكتابالحديث
مسند الإمام أحمدأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن الواصلة والموصولة والمتشبهين من الرجال
حديث شريف
حديث شريف
حديث شريف
مسند الإمام أحمددخلت مسجد دمشق بالشام فإذا أنا بفتى براق الثنايا وإذا الناس حوله إذا
مسند الإمام أحمداستسقى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيته بإناء فيه ماء وفيه شعرة
صحيح الجامعلا نكاح إلا بولي و شاهدي عدل
حديث شريف
مسند الإمام أحمديا رسول الله الدار من دور المشركين نصبحها للغارة فنصيب الولدان تحت بطون
سنن الترمذيالدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة قالوا فماذا نقول يا رسول
ذخيرة الحفاظالدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة
ضعيف الترغيبالدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة قالوا فماذا نقول يا رسول الله


أشهر كتب الحديث النبوي الصحيحة


صحيح البخاري صحيح مسلم
صحيح الجامع صحيح ابن حبان
صحيح النسائي مسند الإمام أحمد
تخريج صحيح ابن حبان تخريج المسند لشاكر
صحيح أبي داود صحيح ابن ماجه
صحيح الترمذي مجمع الزوائد
هداية الرواة تخريج مشكل الآثار
السلسلة الصحيحة صحيح الترغيب
نخب الأفكار الجامع الصغير
صحيح ابن خزيمة الترغيب والترهيب

قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, July 17, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب