شرح حديث إنما تنصر هذه الأمة بضعفائها بدعوتهم وصلاتهم وإخلاصهم
كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة
خَصَّ اللهُ سُبحانَه وتَعالى ضُعفاءَ المُؤمِنينَ بفَضائِلَ كَثيرةٍ في الدُّنيا والآخِرةِ؛ حتى جَعَلَهم -بسَبَبِ أعمالِهمُ الصَّالحةِ- مِن أسبابِ نَصْرِ الأُمَّةِ، كما يُخبِرُ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في هذا الحَديثِ بقَولِه: "إنَّما يَنصُرُ اللهُ هذه الأُمَّةَ بضُعَفائِها"، وهمُ الفُقَراءُ، ومَن يُقلِّلُ النَّاسُ مِن شَأنِهم، ثم ذَكَرَ السَّبَبَ في ذلك، فقالَ: "بدَعوَتِهم"، فيَكونُ دُعاؤُهم للهِ عزَّ وجلَّ أنْ يَنصُرَ المُسلِمينَ سَبَبًا في وُقوعِ النَّصرِ، "وصَلاتِهم"، فهم يُؤَدُّونَ الصَّلاةَ كما أمَرَهمُ اللهُ، ويَخشَعونَ فيها، فيَكونُ صَلاحُهم سَبَبًا في نَصرِ قَومِهم "وإخلاصِهمُ" العِبادةَ للهِ وَحدَه؛ وهم لِذلك قَريبونَ مِنَ اللهِ عزَّ وجلَّ، فيَنصُرُ اللهُ الأُمَّةَ بسَبَبِ إخلاصِهم.
ونَصرُ الأُمَّةِ بضُعَفائِها يَحتَمِلُ حالاتٍ، الأُولى: أنْ يَكونَ النَّصرُ بهم عِندَ انعِدامِ الأسبابِ الظَّاهِرةِ؛ فيَكونَ المَقصودُ: أنَّهمُ السَّبَبُ الوَحيدُ في نَصْرِ اللهِ لِلأُمَّةِ؛ رَحمةً بالضُّعَفاءِ، وبسَبَبِ دُعائِهم، والثَّانيةُ: أنْ يَكونَ النَّصرُ بهم مع وُجودِ الأسبابِ الظَّاهِرةِ لِلنَّصرِ مع الأُمَّةِ، سَواءٌ كانَتْ كافيةً أوْ لا؛ فيَكونَ المَقصودُ أنَّهم سَبَبٌ لِلنَّصرِ، مع التَّوكُّلِ على اللهِ؛ وفي كِلْتا الحالَتَيْنِ فدُعاءُ الضُّعفاءِ وصَلاتُهم مِن أسبابِ النَّصرِ.
وفي الحَديثِ: بَيانُ فَضلِ الفُقَراءِ المُؤمِنينَ، وبَيانُ أنَّ الفَضلَ عِندَ اللهِ بالتَّقوى، وليس بالغِنَى.
وفيه: التَّحذيرُ مِنَ التَّكبُّرِ على الفُقَراءِ والضُّعَفاءِ، والحَثُّ على جَبرِ خَواطِرِهم، وعلى حُبِّهم.
وفيه: فَضيلةُ الغَزوِ بمُصاحَبةِ الضُّعَفاءِ؛ رَجاءَ النَّصرِ بسَبَبِهم.
وفيه: أنَّ إصلاحَ العِباداتِ دِعامةٌ أساسيَّةٌ لِنَصرِ الأُمَّةِ.
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم