طعام بطعام وإناء بإناء

يَنبَغي على الزَّوجِ أنْ يُعامِلَ زَوجَتَه بالتي هي أحسَنُ، وأنْ يَتَعامَلَ معها باللُّطفِ، وخُصوصًا إذا وَجَدَ منها شَيئًا مِنَ النَّقصِ أوِ القُصورِ.
وهذا المَتنُ جُزءٌ مِن حَديثٍ عِندَ التِّرمِذيِّ، وفيه يُخبِرُ أنَسُ بنُ مالِكٍ رَضيَ اللهُ عنه: "أهدَتْ بَعضُ أزواجِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ" قيلَ: هي زَينَبُ بِنتُ جَحشٍ رَضيَ اللهُ عنها، وقيلَ: هي صَفيَّةُ، ولَعَلَّه قد تَكَرَّرتْ هذه الحادِثةُ، "إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ طَعامًا في قَصعةٍ" وهو عِندَ عائِشةَ رَضيَ اللَّهُ عنها، وقد جاءَ في الرِّواياتِ أنَّه كانَ يَحضُرُه ضُيوفٌ، والقَصعةُ: اسمٌ لِكُلِّ إناءٍ يوضَعُ فيه الطَّعامِ، "فضَرَبتْ عائِشةُ القَصعةَ بيَدِها"، وهذا مَنشَؤُه الغَيرةُ عِندَ النِّساءِ والزَّوجاتِ، وهو أمْرٌ وارِدٌ في النَّفْسِ البَشريَّةِ، "فألقَتْ ما فيها" أوقَعَتْها على الأرضِ حتى أهدَرَتِ الطَّعامَ وكَسَرتِ القَصعةَ، كما جاءَ في الرِّواياتِ، فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "طَعامٌ بطَعامٍ، وإناءٌ بإناءٍ" ألزَمَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عائِشةَ رَضيَ اللهُ عنها أنْ تَصنَعَ طَعامًا مُقابِلَ ما ألقَتْه، وتُرجِعَ مِن أوانيها الخاصَّةِ بها قَصعةً بمِثلِ التي كَسَرتْها، وهو بَيانٌ لِحُكمٍ عامٍّ، وهو أنَّ كُلَّ مَن أتلَفَ شَيئًا فإنَّه يَضمَنُه.
وفي الحَديثِ: احتِواءُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بحِكمةٍ لِمَقامِ الغَيرةِ الحادِثِ بَينَ النِّساءِ، مع حِفظِه الحُقوقَ لِكُلِّ واحِدةٍ منهُنَّ، المَعنويَّةَ والمادِّيَّةَ.