حديث من يضم أو يضيف هذا فقال رجل من الأنصار أنا فانطلق به

أحاديث نبوية | صحيح البخاري | حديث أبو هريرة

«أنَّ رَجُلًا أتَى النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَبَعَثَ إلى نِسَائِهِ، فَقُلْنَ: ما معنَا إلَّا المَاءُ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: مَن يَضُمُّ -أوْ يُضِيفُ- هذا؟ فَقالَ رَجُلٌ مِنَ الأنْصَارِ: أنَا، فَانْطَلَقَ به إلى امْرَأَتِهِ، فَقالَ: أكْرِمِي ضَيْفَ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَتْ: ما عِنْدَنَا إلَّا قُوتُ صِبْيَانِي، فَقالَ: هَيِّئِي طَعَامَكِ، وأَصْبِحِي سِرَاجَكِ، ونَوِّمِي صِبْيَانَكِ إذَا أرَادُوا عَشَاءً، فَهَيَّأَتْ طَعَامَهَا، وأَصْبَحَتْ سِرَاجَهَا، ونَوَّمَتْ صِبْيَانَهَا، ثُمَّ قَامَتْ كَأنَّهَا تُصْلِحُ سِرَاجَهَا فأطْفَأَتْهُ، فَجَعَلَا يُرِيَانِهِ أنَّهُما يَأْكُلَانِ، فَبَاتَا طَاوِيَيْنِ، فَلَمَّا أصْبَحَ غَدَا إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ: ضَحِكَ اللَّهُ اللَّيْلَةَ -أوْ عَجِبَ- مِن فَعَالِكُما. فأنْزَلَ اللَّهُ: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (الحشر: 9)»

صحيح البخاري
أبو هريرة
البخاري
[صحيح]

صحيح البخاري - رقم الحديث أو الصفحة: 3798 -

شرح حديث أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فبعث إلى نسائه فقلن


كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة

إنَّ مِن الأخْلاقِ الحَميدةِ، والمَعاني النَّبيلةِ، والصِّفاتِ الأصيلةِ الَّتي حَثَّ عليها القُرآنُ، وسَطَّرَها الصَّحابةُ الكِرامُ؛ خُلقَ الإيثارِ.
وفي هذا الحَديثِ يَحْكي أبو هُرَيْرةَ رَضيَ اللهُ عنه أنَّه أتَى رَجلٌ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ونزَل ضَيفًا عليه يَشْكو حالَه وحاجَتَه، فبَعَث النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى نِسائِه واحِدةً تِلوَ الأُخْرى: هلْ عندَها شَيءٌ؟ فكانَت كُلُّ واحِدةٍ تَقولُ: «ما مَعَنا إلَّا الماءُ»، وهذا كِنايةٌ على أنَّه ليس عندَهنَّ طَعامٌ يُضيِّفونَ به الضَّيفَ، فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لصَحابَتِه الكِرامِ رِضْوانُ اللهِ عليهم أجْمَعينَ: «مَن يَضُمُّ -أو يُضيِّفُ- هذا» فيَأخُذُه، ويُطعِمُه، ويُكرِمُه في بَيتِه؟ فقال رَجلٌ منَ الأنْصارِ -قيلَ: هو أبو طَلْحةَ زَيدُ بنُ سَهلٍ الأنْصاريُّ رَضيَ اللهُ عنه، وقيلَ: أبو طَلْحةَ غيرُ زَيدِ بنِ سَهلٍ-: «أنا»، ثمَّ أخَذ الضَّيفَ، فانطَلَقَ به إلى بَيتِه، وقال لامْرأتِه: أكْرِمي ضَيفَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وإنَّما نسَبَه إلى رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ لبَيانِ قَدْرِه ومَنزِلتِه، وشَحْذِ همَّةِ زَوجتِه في التَّكلُّفِ له وإطْعامِه، فقالت: «ما عندَنا إلَّا قوتُ صِبْياني»، أي: ليس عندَهم إلَّا عَشاءُ تلك اللَّيلةِ الَّذي يَكْفي أطْفالَهم فقطْ، فقال لها: «هَيِّئي طَعامَكِ»، أي: أعِدِّيه على الهَيْئةِ الَّتي ستُقدَّمُ للضَّيفِ، «وأصْبِحي سِراجَكِ»، أي: أوْقِديه أو نَوِّريه، «ونَوِّمي صِبْيانَكِ»، أي: عَجِّلي بنَوْمِهم حتَّى لا يُدرِكَهمُ الجوعُ، وطلَبُ الطَّعامِ، فأطاعَتِ المَرأةُ زَوجَها، فهَيَّأتْ طَعامَها، وأعدَّتْه للضَّيفِ، وأضاءَت المِصباحَ، ونوَّمَتْ صِبْيانَها الصِّغارَ بغَيرِ عَشاءٍ، ثمَّ قدَّمَتِ الطَّعامَ للضَّيفِ، ثمَّ قامَتْ كأنَّها تُصلِحُ سِراجَها فأطْفأَتْه عن قَصدٍ فأظلَمَتِ البَيتَ، فجَعَلا يَتَظاهَرانِ أنَّهما يَأْكُلانِ بتَحْريكِ أسْنانِهما، ومدِّ أيْديهما؛ حتَّى يأكُلَ الضَّيفُ منَ الطَّعامِ حاجَتَه، وحتَّى لا يَشعُرَ أيضًا بقلَّةِ الطَّعامِ، فباتَا الزَّوْجانِ «طاوِيَينِ»، أي: جائِعَينِ مِن غَيرِ عَشاءٍ، فلمَّا أنْ أصبَحَ الأنْصاريُّ «غَدا»، أي: ذهَب إلى رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «ضحِكَ اللهُ اللَّيلةَ -أو عَجِبَ- مِن فِعالِكما، فأنزَلَ اللهُ: { وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } [ الحشر: 9 ]، والمعْنى: أنَّ مِن أوصافِ الأنصارِ التي فاقُوا بها غَيرَهم، وتَميَّزوا بها على مَن سِواهم؛ خُلقَ الإيثارِ، وهو أكمَلُ أنواعِ الجُودِ، وهو الإيثارُ بمَحابِّ النَّفْسِ مِن الأموالِ وغيرِها، وبَذْلُها للغيرِ مع الحاجةِ إليها، بلْ مع الضَّرورةِ والخصاصةِ، وهذا لا يكونُ إلَّا مِن خُلقٍ زَكيٍّ، ومَحبَّةٍ للهِ تعالَى مُقدَّمةٍ على مَحبَّةِ شَهواتِ النَّفْسِ ولذَّاتِها، ومَن رُزِقَ الإيثارَ فقدْ وُقِيَ شُحَّ نفْسِه، وبذلك يَحصُلُ الفلاحُ والفوزُ له في الدُّنيا والآخرةِ.
وفي الحَديثِ: بَيانُ حالِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وما هو عليه مِن شَظَفِ العَيشِ، وقلَّةِ ذاتِ اليَدِ.
وفيه: أنَّه ليس مِن المَسْألةِ المَذْمومةِ عَرْضُ الضِّيافةِ على النَّاسِ.
وفيه: أنَّ مِن أدَبِ الضِّيافةِ ألَّا يُريَ الرَّجلُ ضَيفَه أنَّه مانٌّ عليه، أو أنَّ الضَّيفَ مُضَيِّقٌ عليه، ومُحرِجٌ له.

وفيهِ: مَنقَبةٌ لهذا الرَّجلِ الأنْصاريِّ وإيثارُه العَظيمُ.
وفيه: إثْباتُ صِفةِ الضَّحِكِ والتَّعجُّبِ للهِ عزَّ وجلَّ على الوجْهِ الذي يَليقُ بجَلالِه وكَمالِه، مِن غَيرِ تَكْيِيفٍ، ولا تَحْريفٍ، ولا تَعْطيلٍ.

شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم

قم بقراءة المزيد من الأحاديث النبوية


الكتابالحديث
صحيح البخاريأنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن أربعين فمكث بمكة
صحيح البخاريأمرني عبد الرحمن بن أبزى قال سل ابن عباس عن هاتين الآيتين ما
صحيح البخاريسألت مسروقا من آذن النبي صلى الله عليه وسلم بالجن ليلة استمعوا القرآن
صحيح البخاريأنه كان يحمل مع النبي صلى الله عليه وسلم إداوة لوضوئه وحاجته فبينما
صحيح البخاريسمعت سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل في مسجد الكوفة يقول والله
صحيح البخاريعن عبد الله بن عمر قال بينما هو في الدار خائفا إذ جاءه
صحيح البخاريما سمعت عمر لشيء قط يقول إني لأظنه كذا إلا كان كما يظن
صحيح البخاريأن القاسم كان يمشي بين يدي الجنازة ولا يقوم لها ويخبر عن عائشة
صحيح البخاريأن زيد بن عمرو بن نفيل خرج إلى الشأم يسأل عن الدين ويتبعه
صحيح البخاريرأيت زيد بن عمرو بن نفيل قائما مسندا ظهره إلى الكعبة يقول يا
صحيح البخاريلم يكن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم حول البيت حائط كانوا
صحيح البخاريدخل أبو بكر على امرأة من أحمس يقال لها زينب فرآها لا تكلم


أشهر كتب الحديث النبوي الصحيحة


صحيح البخاري صحيح مسلم
صحيح الجامع صحيح ابن حبان
صحيح النسائي مسند الإمام أحمد
تخريج صحيح ابن حبان تخريج المسند لشاكر
صحيح أبي داود صحيح ابن ماجه
صحيح الترمذي مجمع الزوائد
هداية الرواة تخريج مشكل الآثار
السلسلة الصحيحة صحيح الترغيب
نخب الأفكار الجامع الصغير
صحيح ابن خزيمة الترغيب والترهيب

قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Sunday, November 24, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب