هذه زوجتك في الدنيا والآخرة

لِأُمِّ المؤمنينَ عائشةَ بنتِ أبي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضِيَ اللهُ عنهما فَضائلُ كَبيرةٌ، وأعظَمُ تِلك الفضائِلِ أنَّ اللهَ عزَّ وجَلَّ زوَّجَها لِنَبيِّه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم بالوَحْيِ؛ فكانَتْ أحَبَّ زَوجاتِه إليه، وقدْ تعلَّمَتْ في سِنِّها الصَّغيرةِ حتَّى كبِرَتْ؛ فأدَّتْ للأُمَّةِ عِلمًا واسعًا.
وفي هذا الحَديثِ تُخبِرُ عائشةُ زَوجُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ أَمينَ الوَحْيِ جِبْريلَ عليه السَّلامُ أتى بصُورةِ عائشةَ رضِيَ اللهُ عنها إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قبْلَ أنْ يَتزوَّجَها في «خِرْقةٍ مِن حَريرٍ»؛ أي: مَلْفوفةٍ في قِطعةٍ منه، ورُؤيتُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ هنا يَظهَرُ أنَّها في اليَقَظةِ، وقدْ ورَدَ في الصَّحيحِ أنَّها في مَنامِهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ورُؤْيا الأنبياءِ حقٌّ.
ويَحتمِلُ أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رآها أكثَرَ مِن مرَّةٍ في النَّومِ واليَقَظةِ، كما في صَحيحِ مُسلِمٍ: أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رآها في ثَلاثِ لَيالٍ، فقال له جِبْريلُ عليه السَّلامُ: «هذه زَوجتُكَ»؛ أي: أنَّ اللهُ عزَّ وجَلَّ اختارَ عائشةَ رضِيَ اللهُ عنها أنْ تكونَ إحدى زَوجاتِكَ في الدُّنْيا والآخرةِ.
وتَزوَّجَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عائشةَ رضِيَ اللهُ عنه بِكرًا، وهي بنتُ سِتِّ سِنينَ، وبَنَى بها وهي بِنتُ تِسْعِ سِنينَ، وبَقِيَ معَها تِسْعَ سِنينَ، ومات عنها وهي زَوجتُهُ رضِيَ اللهُ عنها وعن أبيها.
وفي الحَديثِ: مَنْقَبةٌ وفضْلٌ لعائشةَ رضِيَ اللهُ عنها.