الصفحة رقم 208 مكتوبة بالرسم العثماني

بسم الله الرحمن الرحيم

الٓرۚ تِلۡكَ ءَايَٰتُ ٱلۡكِتَٰبِ ٱلۡحَكِيمِ (1) أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنۡ أَوۡحَيۡنَآ إِلَىٰ رَجُلٖ مِّنۡهُمۡ أَنۡ أَنذِرِ ٱلنَّاسَ وَبَشِّرِ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَنَّ لَهُمۡ قَدَمَ صِدۡقٍ عِندَ رَبِّهِمۡۗ قَالَ ٱلۡكَٰفِرُونَ إِنَّ هَٰذَا لَسَٰحِرٞ مُّبِينٌ (2) إِنَّ رَبَّكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٖ ثُمَّ ٱسۡتَوَىٰ عَلَى ٱلۡعَرۡشِۖ يُدَبِّرُ ٱلۡأَمۡرَۖ مَا مِن شَفِيعٍ إِلَّا مِنۢ بَعۡدِ إِذۡنِهِۦۚ ذَٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمۡ فَٱعۡبُدُوهُۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (3) إِلَيۡهِ مَرۡجِعُكُمۡ جَمِيعٗاۖ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقًّاۚ إِنَّهُۥ يَبۡدَؤُاْ ٱلۡخَلۡقَ ثُمَّ يُعِيدُهُۥ لِيَجۡزِيَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ بِٱلۡقِسۡطِۚ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمۡ شَرَابٞ مِّنۡ حَمِيمٖ وَعَذَابٌ أَلِيمُۢ بِمَا كَانُواْ يَكۡفُرُونَ (4) هُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ ٱلشَّمۡسَ ضِيَآءٗ وَٱلۡقَمَرَ نُورٗا وَقَدَّرَهُۥ مَنَازِلَ لِتَعۡلَمُواْ عَدَدَ ٱلسِّنِينَ وَٱلۡحِسَابَۚ مَا خَلَقَ ٱللَّهُ ذَٰلِكَ إِلَّا بِٱلۡحَقِّۚ يُفَصِّلُ ٱلۡأٓيَٰتِ لِقَوۡمٖ يَعۡلَمُونَ (5) إِنَّ فِي ٱخۡتِلَٰفِ ٱلَّيۡلِ وَٱلنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ ٱللَّهُ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يَتَّقُونَ (6)

التفسير الميسر الصفحة رقم 208 من القرآن الكريم

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ (1)
(الر) سبق الكلام على الحروف المقطَّعة في أول سورة البقرة.
هذه آيات الكتاب المحكم الذي أحكمه الله وبيَّنه لعباده.
أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرْ النَّاسَ وَبَشِّرْ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ مُبِينٌ (2)
أكان أمرًا عجبًا للناس إنزالنا الوحي بالقرآن على رجل منهم ينذرهم عقاب الله, ويبشِّر الذين آمنوا بالله ورسله أن لهم أجرًا حسنًا بما قدَّموا من صالح الأعمال؟ فلما أتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بوحي الله وتلاه عليهم, قال المنكرون: إنَّ محمدًا ساحر, وما جاء به سحر ظاهر البطلان.
إِنَّ رَبَّكُمْ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمْ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ (3)
إن ربكم الله الذي أوجد السموات والأرض في ستة أيام, ثم استوى -أي علا وارتفع- على العرش استواء يليق بجلاله وعظمته, يدبر أمور خلقه, لا يضادُّه في قضائه أحد, ولا يشفع عنده شافع يوم القيامة إلا من بعد أن يأذن له بالشفاعة, فاعبدوا الله ربكم المتصف بهذه الصفات, وأخلصوا له العبادة. أفلا تتعظون وتعتبرون بهذه الآيات والحجج؟
إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً وَعْدَ اللَّهِ حَقّاً إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ (4)
إلى ربكم معادكم يوم القيامة جميعًا, وهذا وعد الله الحق, هو الذي يبدأ إيجاد الخلق ثم يعيده بعد الموت, فيوجده حيًا كهيئته الأولى, ليجزي مَن صَدَّق الله ورسوله, وعمل الأعمال الحسنة أحسن الجزاء بالعدل. والذين جحدوا وحدانية الله ورسالة رسوله لهم شراب من ماء شديد الحرارة يشوي الوجوه ويقطِّع الأمعاء, ولهم عذاب موجع بسبب كفرهم وضلالهم.
هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (5)
الله هو الذي جعل الشمس ضياء, وجعل القمر نورًا, وقدَّر القمر منازل, فبالشمس تعرف الأيام, وبالقمر تعرف الشهور والأعوام, ما خلق الله تعالى الشمس والقمر إلا لحكمة عظيمة, ودلالة على كمال قدرة الله وعلمه, يبيِّن الحجج والأدلة لقوم يعلمون الحكمة في إبداع الخلق.
إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ (6)

إن في تعاقب الليل والنهار وما خلق الله في السموات والأرض من عجائب الخلق وما فيهما من إبداع ونظام, لأدلة وحججًا واضحة لقوم يخشون عقاب الله وسخطه وعذابه.

تفسير الجلالين الصفحة رقم 208 من القرآن الكريم

سورة يونس
1 - (الر) الله أعلم بمراده بذلك (تلك) أي هذه الآيات (آيات الكتاب) القرآن والإضافة بمعنى من (الحكيم) المحكم
2 - (أكان للناس) أي أهل مكة استفهام إنكار والجار والمجرور حال من قوله (عجباً) بالنصب خبر كان وبالرفع اسمها والخبر وهو اسمها على الأولى (أن أوحينا) أي إيحاؤنا (إلى رجل منهم) محمد صلى الله عليه وسلم (أن) مفسرة (أنذر) خوف (الناس) الكافرين بالعذاب (وبشر الذين آمنوا أن) أي بأن (لهم قدم) سلف (صدق عند ربهم) أي أجراً حسناً بما قدموه من الأعمال (قال الكافرون إن هذا) النبي صلى الله عليه وسلم (لسحر مبين) بيِّن وفي قراءة {لساحر} والمشار إليه القرآن المشتمل على ذلك
3 - (إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام) من الدنيا ، أي في قدرها لأنه لم يكن ثم شمس ولا قمر ولو شاء لخلقهن في لمحة ، والعدول عنه لتعليم خلقه التثبت (ثم استوى على العرش) استواء يليق به (يدبر الأمر) بين الخلائق (ما من) صلة (شفيع) يشفع لأحد (إلا من بعد إذنه) رد لقولهم إن الأصنام تشفع لكم (ذلكم) الخالق المدبر (الله ربكم فاعبدوه) وحدوه (أفلا تذَّكَّرون) بإدغام التاء في الأصل في الذال
4 - (إليه) تعالى (مرجعكم جميعاً وعد الله حقاً) مصدران منصوبان بفعلهما المقدر (إنه) بالكسر استئنافا والفتح على تقدير اللام (يبدأ الخلق) أي بدأه بالإنشاء (ثم يعيده) بالبعث (ليجزي) يثيب (الذين آمنوا وعملوا الصالحات بالقسط والذين كفروا لهم شراب من حميم) ماء بالغ نهاية الحرارة (وعذاب أليم) مؤلم (بما كانوا يكفرون) أي بسبب كفرهم
5 - (هو الذي جعل الشمس ضياء) ذات ضياء أي نور (والقمر نوراً وقدره) من حيث سيره (منازل) ثمانية وعشرين ليلة من كل شهر منزلاً من ثمان وعشرين ويستتر ليلتين إن كان الشهر ثلاثين يوماً أو ليلةً إن كان تسعة وعشرين يوماً (لتعلموا) بذلك (عدد السنين والحساب ما خلق الله ذلك) المذكور (إلا بالحق) لا عبثاً ، تعالى عن ذلك (يفصل) بالياء والنون يبين (الآيات لقوم يعلمون) يتدبرون
6 - (إن في اختلاف الليل والنهار) بالذهاب والمجيء والزيادة والنقصان (وما خلق الله في السماوات) من ملائكة وشمس وقمر ونجوم وغير ذلك (والأرض) في الأرض من حيوان وجبال وبحار وأنهار وأشجار وغيرها (لآيات) دلالات على قدرته تعالى (لقوم يتقون) فيؤمنون خصهم بالذكر لأنهم المنتفعون به