إعراب الآية 56 من سورة غافر , صور البلاغة و معاني الإعراب.
إعراب إن الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم إن في صدورهم
{ إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ( غافر: 56 ) }
﴿إِنَّ﴾: حرف توكيد مشبّه بالفعل.
﴿الَّذِينَ﴾: اسم موصول مبنيّ على الفتح في محلّ نصب اسمها.
﴿يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ﴾: أعربت في الآية الخامسة والثلاثين من هذه السورة.
﴿وهو ﴾: « يُجَادِلُونَ: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون، و"الواو" ضمير متّصل مبنيّ في محلّ رفع فاعل.
﴿فِي آيَاتِ﴾: جارّ ومجرور متعلّقان بـ "يجادلون".
﴿اللَّهِ﴾: مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة على آخره.
﴿بِغَيْرِ﴾: جارّ ومجرور متعلّقان بـ "يجادلون".
﴿سُلْطَانٍ﴾: مضاف إليه مجرور و علامة جره الكسرة الظاهرة على آخره.
﴿أَتَاهُمْ﴾: أتى: فعل ماضٍ مبنيّ على الفتح المقدر على الألف للتعذّر، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره: هو، و"الهاء": ضمير متّصل مبنيّ في محلّ نصب مفعول به.
و"الميم": للجماعة».
﴿إِن﴾: حرف نفي.
﴿فِي صُدُورِهِمْ﴾: في صدور: جارّ ومجرور متعلّقان بخبر مقدم، و "الهاء": ضمير متّصل مبنيّ في محلّ جرّ بالإضافة.
و "الميم": للجماعة.
﴿إلَّا﴾: حرف حصر لا عمل له.
﴿كِبْرٌ﴾: مبتدأ مؤخر مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.
﴿مَّا﴾: حرف نفي لا عمل له.
﴿هُم﴾: ضمير منفصل مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ.
﴿بِبَالِغِيهِ﴾: جارّ ومجرور متعلّقان بخبر "هم"، وعلامة جرّ الاسم الياء، لأنه جمع مذكر سالم، وحذفت النون للإضافة، و"الهاء": ضمير متّصل مبنيّ في محلّ جرّ بالإضافة.
أو الباء: حرف جرّ زائد.
بالغيه: مجرور لفظًا بالياء مرفوع محلًا على أنه خبر المبتدأ "هم".
﴿فَاسْتَعِذْ﴾: الفاء: حرف واقع في جواب شرط مقدر.
استعذ: فعل أمر مبنيّ على السكون، والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره: أنت.
﴿باللهِ﴾: خافض ومخفوض متعلّقان بـ "استعذ".
﴿إِنَّهُ﴾: إن: حرف توكيد مشبّه بالفعل.
و "الهاء": ضمير متّصل مبنيّ في محلّ نصب اسمها.
﴿هُوَ﴾: ضمير رفع منفصل مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ.
﴿السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾: خبران لـ "هو" مرفوعان بالضمة.
ويجوز أن يكون "هو" ضمير فصل أو عماد لا محلّ لها من الإعراب ويكون "السميع البصير" خبري "إن".
وجملة "إن الذين يجادلون" لا محلّ لها من الإعراب، لأنّها استئنافيّة.
وجملة "يجادلون" لا محلّ لها من الإعراب، لأنّها صلة الموصول "الذين".
وجملة "أتاهم" في محلّ جرّ نعت لـ "سلطان".
وجملة "إن في صدورهم إلا كبر" في محلّ رفع خبر "إن".
وجملة "ما هم ببالغيه" في محلّ رفع نعت لـ "كبر".
وجملة "استعذ" في محلّ جزم جواب شرط مقدر أي إن جاؤوك فاستعذ بالله.
وجملة "إنه هو السميع" لا محلّ لها من الإعراب، لأنّها استئنافية.
﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ ۙ إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَّا هُم بِبَالِغِيهِ ۚ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ ۖ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾
[ غافر: 56]
إعراب مركز تفسير: إن الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم إن في صدورهم
﴿إِنَّ﴾: حَرْفُ تَوْكِيدٍ وَنَصْبٍ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ.
﴿الَّذِينَ﴾: اسْمٌ مَوْصُولٌ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ اسْمُ ( إِنَّ ).
﴿يُجَادِلُونَ﴾: فِعْلٌ مُضَارِعٌ مَرْفُوعٌ وَعَلَامَةُ رَفْعِهِ ثُبُوتُ النُّونِ لِأَنَّهُ مِنَ الْأَفْعَالِ الْخَمْسَةِ، وَ"وَاوُ الْجَمَاعَةِ" ضَمِيرٌ مُتَّصِلٌ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ فِي مَحَلِّ رَفْعٍ فَاعِلٌ، وَالْجُمْلَةُ صِلَةُ الْمَوْصُولِ لَا مَحَلَّ لَهَا مِنَ الْإِعْرَابِ.
﴿فِي﴾: حَرْفُ جَرٍّ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ.
﴿آيَاتِ﴾: اسْمٌ مَجْرُورٌ وَعَلَامَةُ جَرِّهِ الْكَسْرَةُ الظَّاهِرَةُ.
﴿اللَّهِ﴾: اسْمُ الْجَلَالَةِ مُضَافٌ إِلَيْهِ مَجْرُورٌ وَعَلَامَةُ جَرِّهِ الْكَسْرَةُ الظَّاهِرَةُ.
﴿بِغَيْرِ﴾: "الْبَاءُ" حَرْفُ جَرٍّ مَبْنِيٌّ عَلَى الْكَسْرِ، وَ( غَيْرِ ) اسْمٌ مَجْرُورٌ وَعَلَامَةُ جَرِّهِ الْكَسْرَةُ الظَّاهِرَةُ.
﴿سُلْطَانٍ﴾: مُضَافٌ إِلَيْهِ مَجْرُورٌ وَعَلَامَةُ جَرِّهِ الْكَسْرَةُ الظَّاهِرَةُ.
﴿أَتَاهُمْ﴾: فِعْلٌ مَاضٍ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ الْمُقَدَّرِ لِلتَّعَذُّرِ، وَ"هَاءُ الْغَائِبِ" ضَمِيرٌ مُتَّصِلٌ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ مَفْعُولٌ بِهِ، وَالْفَاعِلُ ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ تَقْدِيرُهُ "هُوَ".
﴿إِنْ﴾: حَرْفُ نَفْيٍ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ.
﴿فِي﴾: حَرْفُ جَرٍّ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ.
﴿صُدُورِهِمْ﴾: اسْمٌ مَجْرُورٌ وَعَلَامَةُ جَرِّهِ الْكَسْرَةُ الظَّاهِرَةُ، وَ"هَاءُ الْغَائِبِ" ضَمِيرٌ مُتَّصِلٌ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ فِي مَحَلِّ جَرٍّ مُضَافٌ إِلَيْهِ، وَشِبْهُ الْجُمْلَةِ فِي مَحَلِّ رَفْعٍ خَبَرٌ مُقَدَّمٌ.
﴿إِلَّا﴾: حَرْفُ اسْتِثْنَاءٍ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ.
﴿كِبْرٌ﴾: مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ مَرْفُوعٌ وَعَلَامَةُ رَفْعِهِ الضَّمَّةُ الظَّاهِرَةُ، وَالْجُمْلَةُ فِي مَحَلِّ رَفْعٍ خَبَرُ ( إِنَّ ).
﴿مَا﴾: حَرْفُ نَفْيٍ يَعْمَلُ عَمَلَ "لَيْسَ" مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ.
﴿هُمْ﴾: ضَمِيرٌ مُنْفَصِلٌ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ فِي مَحَلِّ رَفْعٍ اسْمُ مَا.
﴿بِبَالِغِيهِ﴾: "الْبَاءُ" حَرْفُ جَرٍّ زَائِدٌ مَبْنِيٌّ عَلَى الْكَسْرِ، وَ( بَالِغِي ) خَبَرُ ( مَا ) مَجْرُورٌ لَفْظًا مَنْصُوبٌ مَحَلًّا وَعَلَامَةُ جَرِّهِ الْيَاءُ لِأَنَّهُ جَمْعُ مُذَكَّرٍ سَالِمٌ وَحُذِفَتِ النُّونُ لِلْإِضَافَةِ، وَ"هَاءُ الْغَائِبِ" ضَمِيرٌ مُتَّصِلٌ مَبْنِيٌّ عَلَى الْكَسْرِ فِي مَحَلِّ جَرٍّ مُضَافٌ إِلَيْهِ.
﴿فَاسْتَعِذْ﴾: "الْفَاءُ" حَرْفٌ رَابِطٌ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ، وَ( اسْتَعِذْ ) فِعْلُ أَمْرٍ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ، وَالْفَاعِلُ ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ تَقْدِيرُهُ "أَنْتَ".
﴿بِاللَّهِ﴾: "الْبَاءُ" حَرْفُ جَرٍّ مَبْنِيٌّ عَلَى الْكَسْرِ، وَاسْمُ الْجَلَالَةِ اسْمٌ مَجْرُورٌ وَعَلَامَةُ جَرِّهِ الْكَسْرَةُ الظَّاهِرَةُ.
﴿إِنَّهُ﴾: ( إِنَّ ) حَرْفُ تَوْكِيدٍ وَنَصْبٍ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ، وَ"هَاءُ الْغَائِبِ" ضَمِيرٌ مُتَّصِلٌ مَبْنِيٌّ عَلَى الضَّمِّ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ اسْمُ إِنَّ.
﴿هُوَ﴾: ضَمِيرُ فَصْلٍ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ لَا مَحَلَّ لَهُ مِنَ الْإِعْرَابِ.
﴿السَّمِيعُ﴾: خَبَرُ ( إِنَّ ) مَرْفُوعٌ وَعَلَامَةُ رَفْعِهِ الضَّمَّةُ الظَّاهِرَةُ.
﴿الْبَصِيرُ﴾: خَبَرُ ( إِنَّ ) ثَانٍ مَرْفُوعٌ وَعَلَامَةُ رَفْعِهِ الضَّمَّةُ الظَّاهِرَةُ.
( إِنَّ الَّذِينَ ) إن واسمها
( يُجادِلُونَ ) مضارع مرفوع والواو فاعله والجملة صلة
( فِي آياتِ ) متعلقان بالفعل
( اللَّهِ ) لفظ الجلالة مضاف إليه
( بِغَيْرِ ) متعلقان بحال محذوفة
( سُلْطانٍ ) مضاف إليه
( أَتاهُمْ ) ماض ومفعوله والفاعل مستتر والجملة صفة لسلطان
( إِنَّ ) نافية
( فِي صُدُورِهِمْ ) متعلقان بخبر مقدم محذوف
( إِلَّا ) حرف حصر
( كِبْرٌ ) مبتدأ مؤخر والجملة الاسمية خبر إن
( ما ) عامله عمل ليس
( هُمْ ) اسمها
( بِبالِغِيهِ ) الباء حرف جر زائد واسم مجرور لفظا منصوب محلا خبر ما والجملة صفة كبر
( فَاسْتَعِذْ ) الفاء الفصيحة وأمر فاعله مستتر
( بِاللَّهِ ) متعلقان بالفعل والجملة جواب شرط مقدر لا محل لها
( إِنَّهُ ) إن واسمها
( هُوَ ) ضمير فصل
( السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) خبران والجملة الاسمية تعليلية لا محل لها
تفسير الآية 56 - سورة غافر
تفسير الجلالين | التفسير الميسر | تفسير السعدي |
تفسير البغوي | التفسير الوسيط | تفسير ابن كثير |
تفسير الطبري | تفسير القرطبي | Tafsir English |
الصور البلاغية و المعاني الإعرابية للآية 56 - سورة غافر
إن الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم إن في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغيه فاستعذ بالله إنه هو السميع البصير
سورة: غافر - آية: ( 56 ) - جزء: ( 24 ) - صفحة: ( 473 )أوجه البلاغة » إن الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم إن في صدورهم :
إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آَيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ( 56 )
{ إِنَّ الذين يجادلون فى ءايات الله بِغَيْرِ سلطان أتاهم إِن فِى صُدُورِهِمْ إلاَّ كِبْرٌ مَّا هُم بِبلِغِهِ } .
جرى الكلام من أول السورة إلى هنا في مَيدان الرد على مجادلة المشركين في آيات الله ودَحض شُبههم وتوعدهم على كفرهم وضرب الأمثال لهم بأمثالهم من أهل العناد ابتداء من قوله : { ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا } [ غافر : 4 ] وقوله : { أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين كانوا من قبلهم } [ غافر : 21 ] ، كما ذُكرت أمثال أضدادهم من أهل الإِيمان من حَضَر منهم ومَن غَبَرَ من قوله : { ولقد أرسلنا موسى بئاياتنا وسلطان مبين إلى فرعون [ هود : 96 ، 97 ] ثم قوله : وقال رجل مؤمن من ءال فرعون } [ غافر : 28 ] ، وخُتم ذلك بوعد النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين بالنصر كما نُصر النبيئون من قبله والذين آمنوا بهم ، وأُمر بالصبر على عناد قومه والتوجه إلى عبادة ربه ، فكان ذكر الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان عقب ذلك من باب المثل المشهور : «الشيء بالشيء يُذكر» .
وبهذه المناسبة انتقل هنا إلى كشف ما تكنه صدور المجادلين من أسباب جدالهم بغير حق ، ليَعلم الرسول صلى الله عليه وسلم دخيلتهم فلا يحسب أنهم يكذبونه تنقصاً له ولا تجويزاً للكذب عليه ، ولكن الذي يدفعهم إلى التكذيب هو التكبر عن أن يكونوا تبعاً للرسول صلى الله عليه وسلم ووراء الذين سبقوهم بالإِيمان ممن كانوا لا يعبَأون بهم . وهذا نحو قوله تعالى : { قد نعلم أنه ليحزنك الذي يقولون فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون } [ الأنعام : 33 ] .
( فقوله : { إنَّ الذينَ يُجادلُونَ في ءاياتت الله } الآية استئناف ابتدائي وهو كالتكرير لِجملة { الذين يجادلون في ءايات الله بغير سلطان أتاهم كبر مقتاً عند الله } [ غافر : 35 ] تكرير تعداد للتوبيخ عند تنهية غرض الاستدلال كما يوقَّف الموبخ المرة بعد المرة . و { الذِينَ يجادلون } هم مشركو أهل مكة وهم المخبَر عنهم في قوله أولَ السورة : { ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا فلا يغررك تقلبهم في البلاد } [ غافر : 4 ] . ومعنى المجادلة في آيات الله تقدم هنالك .
ويتعلق قوله : { بِغَيْرِ سلطان } ب { يجادلون . } والباء للمصاحبة ، أي مصاحب لهم غير سلطان ، أي غير حجة ، أي أنهم يجادلون مجادلة عناد وغصْب .
وفائدة هذا القيد تشنيع مجادلتهم وإلا فإن المجادلة في آيات الله لا تكون إلا بغير سلطان لأن آيات الله لا تكون مخالفة للواقع فهذا القيد نظير القيد في قوله : { ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله } [ القصص : 50 ] ، وكذلك وصف { سلطان } بجملة { أتاهم } لزيادة تفظيع مجادلتهم بأنها عرية عن حجة لديهم فهم يجادلون بما ليس لهم به علم ، وتقدم نظير أول هذه الآية في أثناء قصة موسى وفرعون في هذه السورة .
و { إنْ في قوله : إن في صُدُورِهم إلاَّ كِبْرٌ } نافية والجار والمجرور خبر مقدم ، والاستثناء مفرّغ ، و { كبر } مبتدأ مؤخَّر ، والجملة كلها خبر عن { الَّذِينَ يُجادلون } .
وأطلق الصدور على القلوب مجازاً بعلاقة الحلول ، والمراد ضمائر أنفسهم ، والعرب يطلقون القلب على العقل لأن القلب هو الذي يحس الإِنسان بحركته عند الانفعالات النفسية من الفرح وضده والاهتماممِ بالشيء . والكِبْر من الانفعالات النفسية ، وهو : إدراك الإِنسان خواطر تشعره بأنه أعظم من غيره فلا يرضى بمساواته بَلْهَ متابعته ، وتقدم في تفسير قوله تعالى : { إلا إبليس أبى واستكبر } في سورة [ البقرة : 34 ] .
والمعنى : ما يحملهم على المجادلة في آيات الله إلا الكِبر على الذي جاءهم بها وليست مجادلتهم لدليل لاح لهم . وقد أثبت لهم الكبرَ الباعثَ على المجادلة بطريق القصر ليُنفَى أن يكون داعيهم إلى المجادلة شيء آخر غير الكِبْر على وجه مؤكد ، فإن القصر تأكيد على تأكيد لما يتضمنه من إثبات الشيء بوجه مخصوص مؤكِّد ، ومن نفي ما عداه فتضمن جملتين .
وجملة { ما هُمْ بِبالِغِيه } يجوز أن تكون معترضة ، ويجوز أن تكون في موضع الصفة ل { كبر . } وحقيقة البلوغ : الوصول ، قال تعالى : { إلى بلد لم تكونوا بالغيبة إلا بشق الأنفس } [ النحل : 7 ] ويطلق على نوال الشيء وتحصيله مجازاً مرسلاً كما في قوله تعالى : { ما بلغوا معشار ما آتيناهم } [ سبأ : 45 ] وهو هنا محمول على المعنى المجازي لا محالة ، أي ما هم ببالغي الكِبر .
وإذ قد كان الكبر مثبتاً حصوله في نفوسهم إثباتاً مؤكداً بقوله : { إنَّ في صُدُورهم إلاَّ كِبرٌ } ، تعيّن أن نفي بلوغهم الكِبر منصرف إلى حالات الكِبر : فإما أن يراد نفي أهليتهم للكبر إذ هم أقل من أن يكون لهم الكبر كقوله تعالى : { ليخرجن الأعز منها الأذل ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين } [ المنافقون : 8 ] أي لا عزة حقاً لهم ، فالمعنى هنا : كِبْر زيفٌ ، وإما أن يراد نفي نوالهم شيئاً من آثار كِبْرهم مثل تحقير الذين يتكبرون عليهم مثل احتقار المتكبر عليهم ومخالفتهم إياهم فيما يدعونهم إليه فضلاً عن الانتظام في سلك اتباعهم ، وإذلالهم ، وإفْحام حجتهم ، فالمعنى : ما هم ببالغين مرادهم الذي يأملونه منك في نفوسهم الدالة عليه أقوالهم مثل قولهم : { نتربص به ريب المنون } [ الطور : 30 ] وقولهم : { لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون } [ فصلت : 26 ] ونحو ذلك من أقوالهم الكاشفة لآمالهم .
فتنكير : { كبر } للتعظيم ، أي كبر شديد بتعدد أنواعه ، وتمكنه من نفوسهم ، فالضمير البارز في { ببالغيه } عائد إلى الكبر على وجه المجاز بعلاقة السببية أو المسببية ، والداعي إلى هذا المجاز طلب الإِيجاز لأن تعليق نفي البلوغ باسم ذات الكبر يشمل جميع الأحوال التي يثيرها الكِبر ، وهذا من مقاصد إسناد الأحكام إلى الذوات إن لم تقم قرينة على إرادة حالة مخصوصة ، كما في قوله تعالى : { نحن قسمنا بينهم معيشتهم } [ الزخرف : 32 ] أي جميع أحوال معيشتهم . فشمل قوله : { ما هم ببالغيه } عدم بلوغهم شيئاً مما ينطوي عليه كِبرُهم ، فما بلغوا الفضل على غيرهم حتى يتكبروا ، ولا مطمع لهم في حصول آثار كبرهم ، كما قال تعالى :
{ لقد استكبروا في أنفسهم وعتو عتواً كبيراً } [ الفرقان : 21 ] .
وقد نُفي أن يبلغوا مرادهم بصوغه في قالب الجملة الاسمية لإِفادتها ثبات مدلولها ودوامه ، فالمعنى ، أنهم محرومون من بلوغه حرماناً مستمراً ، فاشتمل تشويه حالهم إثباتاً ونفياً على خصوصيات بلاغية كثيرة . ومن المفسرين من جعل مَا صَدْقَ : { الذين يجادلون في ءايات الله } هنا اليهودَ ، وجعله في معنى قوله تعالى : { أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله } [ النساء : 54 ] ، وارتقى بذلك إلى القول بأن هذه الآية مدنية ألحقت بالسورة المكية كما تقدم في مقدمة تفسير السورة ، وأيدوا تفسيرهم هذا بآثار لو صحت لم تكن فيها دلالة على أكثر من صلوحية الآية لأن تُضرب مثلاً لكل فريق يجادلون في آيات الله بغير سلطان جدالاً يدفعهم إليهم الكبر .
{ ببالغيه فاستعذ بالله إِنَّهُ هُوَ السميع }
لما ضمن الله لرسوله صلى الله عليه وسلم أن الذين يجادلونه فيما جاءهم به يحدوهم إلى الجدال كبرهم المنطوي على كيدهم وأنهم لا يبلغون من أضمروه وما يضمرونه ، فَرّع على ذلك أن أَمَرَه بأن يجعل الله معاذه منهم ، أي لا يعبأ بما يبيتونه ، أي قدم على طلب العوذ بالله . وحذف متعلق ( استعذ ) لقصد تعميم الاستعاذة من كل ما يخاف منه .
وجملة { إنَّه هوَ السَّمِيع البصِير } تعليل للأمر بالدوام على الاستعاذة ، أي لأنه المطلع على أقوالهم وأعمالهم وأنت لا تحيط علماً بتصاريف مكرهم وكيدهم .
والتوكيد بحرف ( إنّ ) ، والحصرُ بضمير الفصل مراعى فيه التعريض بالمتحدث عنهم وهم الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان . والمعنى : أنه هو القادر على إبطال ما يصنعونه لا أنت فكيف يتم لهم ما أضمروه لك .
English | Türkçe | Indonesia |
Русский | Français | فارسی |
تفسير | انجليزي | اعراب |
تحميل سورة غافر mp3 :
سورة غافر mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة غافر
ماهر المعيقلي
سعد الغامدي
عبد الباسط
أحمد العجمي
المنشاوي
الحصري
مشاري العفاسي
ناصر القطامي
فارس عباد
ياسر الدوسري
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب