تفسير الآية - القول في معنى قوله تعالى : سيقول لك المخلفون من الأعراب شغلتنا أموالنا ..
﴿ سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا ۚ يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ ۚ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ لَكُم مِّنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا ۚ بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا﴾
[ سورة الفتح: 11]
معنى و تفسير الآية 11 من سورة الفتح : سيقول لك المخلفون من الأعراب شغلتنا أموالنا .
تفسير الجلالين | التفسير الميسر | تفسير السعدي |
تفسير البغوي | التفسير الوسيط | تفسير ابن كثير |
تفسير الطبري | تفسير القرطبي | إعراب الآية |
تفسير السعدي : سيقول لك المخلفون من الأعراب شغلتنا أموالنا
يذم تعالى المتخلفين عن رسوله، في الجهاد في سبيله، من الأعراب الذين ضعف إيمانهم، وكان في قلوبهم مرض، وسوء ظن بالله تعالى، وأنهم سيعتذرون بأن أموالهم وأهليهم شغلتهم عن الخروج في الجهاد، وأنهم طلبوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يستغفر لهم، قال الله تعالى: { يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ } فإن طلبهم الاستغفار من رسول الله صلى الله عليه وسلم يدل على ندمهم وإقرارهم على أنفسهم بالذنب، وأنهم تخلفوا تخلفا يحتاج إلى توبة واستغفار، فلو كان هذا الذي في قلوبهم، لكان استغفار الرسول نافعا لهم، لأنهم قد تابوا وأنابوا، ولكن الذي في قلوبهم، أنهم إنما تخلفوا لأنهم ظنوا بالله ظن السوء.
تفسير البغوي : مضمون الآية 11 من سورة الفتح
( سيقول لك المخلفون من الأعراب ) قال ابن عباس ، ومجاهد : يعني أعراب غفار ومزينة وجهينة ، وأشجع وأسلم ، وذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين أراد المسير إلى مكة عام الحديبية معتمرا استنفر من حول المدينة من الأعراب وأهل البوادي ليخرجوا معه حذرا من قريش أن يعرضوا له بحرب ، أو يصدوه عن البيت ، فأحرم بالعمرة وساق معه الهدي ليعلم الناس أنه لا يريد حربا ، فتثاقل عنه كثير من الأعراب وتخلفوا واعتلوا بالشغل ، فأنزل الله تعالى فيهم : " سيقول لك المخلفون من الأعراب " يعني الذين خلفهم الله - عز وجل - عن صحبتك ، إذا انصرفت إليهم فعاتبهم على التخلف .) شغلتنا أموالنا وأهلونا ) يعني النساء والذراري ، أي لم يكن لنا من يخلفنا فيهم ) فاستغفر لنا ) تخلفنا عنك ، فكذبهم الله - عز وجل - في اعتذارهم ، فقال :) يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم ) من أمر الاستغفار ، فإنهم لا يبالون استغفر لهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أو لا .) قل فمن يملك لكم من الله شيئا إن أراد بكم ضرا ) [ سوءا ] ) أو أراد بكم نفعا ) قرأ حمزة والكسائي : " ضرا " بضم الضاد ، وقرأ الآخرون بفتحها لأنه قابله بالنفع والنفع ضد الضر ، وذلك أنهم ظنوا أن تخلفهم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - يدفع عنهم الضر ، ويعجل لهم النفع بالسلامة في أنفسهم وأموالهم ، فأخبرهم أنه : إن أراد بهم شيئا من ذلك لم يقدر أحد على دفعه . ) بل كان الله بما تعملون خبيرا ) .
التفسير الوسيط : سيقول لك المخلفون من الأعراب شغلتنا أموالنا
قال الإمام الرازي ما ملخصه: لما بين- سبحانه - حال المنافقين، ذكر المتخلفين- بعد ذلك- فإن قوما من الأعراب امتنعوا عن الخروج مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى مكة، لظنهم أنه يهزم، فإنهم قالوا: أهل مكة قاتلوه على باب المدينة.. فكيف يذهب إليهم.. واعتذروا عن الخروج معه صلّى الله عليه وسلّم .والمخلفون: جمع مخلّف، وهو المتروك في مكان خلف الخارجين من البلد كالنساء والصبيان، فإنهم في العادة لا يخرجون مع الرجال للجهاد، وعبر عنهم بالمخلفين على سبيل الذم لهم.والأعراب: اسم جنس لبدو العرب، واحده أعرابى، والأنثى أعرابية، والمقصود بهم هنا سكان البادية من قبائل غفار، ومزينة، وجهينة، وأشجع، وأسلم، والدّيل، وكان الرسول صلّى الله عليه وسلّم قد دعاهم إلى الخروج معه إلى مكة، ليساعدوه على إقناع قريش في الإذن بدخول مكة للطواف بالبيت الحرام.. ولكنهم اعتذروا.وقوله- سبحانه - سيقول لك المخلفون من الأعراب شغلتنا أموالنا وأهلونا فاستغفر لنا.. إعلام من الله-تبارك وتعالى- لنبيه صلّى الله عليه وسلّم بما سيقوله هؤلاء المتخلفون له، بعد عودته إليهم من صلح الحديبية.أى: سيقول المخلفون لك- أيها الرسول الكريم-: إننا ما تخلفنا عنك باختيارنا، ولكن انشغالنا بحفظ ورعاية أموالنا ونسائنا وأولادنا الصغار، حال بيننا وبين الخروج معك إلى الحديبية، وما دام الأمر كذلك فَاسْتَغْفِرْ لَنا الله-تبارك وتعالى- لكي يغفر لنا ذنوبنا التي وقعنا فيها بسبب هذا التخلف الذي لم يكن عن تكاسل أو معصية لك.ولما كان قولهم هذا لم يكن صحيحا، فقد رد الله-تبارك وتعالى- عليهم بقوله: يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ. أى: هم ليسوا صادقين فيما يقولون، والحق أنهم يقولون قولا من أطراف ألسنتهم، دون أن تؤيده قلوبهم، فإن السبب الحقيقي لعدم خروجهم معك، هو ضعف إيمانهم، ومرض قلوبهم، وتذبذب نفوسهم.فالجملة الكريمة تكذيب لهم فيما قالوه، وفضيحة لهم على رءوس الأشهاد.ثم أمر الله-تبارك وتعالى- أن يجابههم بقوله: قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً إِنْ أَرادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرادَ بِكُمْ نَفْعاً.. والاستفهام للإنكار والنفي.أى: قل- أيها الرسول الكريم- لهؤلاء المتخلفين من الأعراب لا أحد يستطيع أن يمنع عنكم قضاء الله-تبارك وتعالى-، إن أراد بكم ما يضركم من قتل أو هزيمة، أو إن أراد بكم ما ينفعكم، من نصر أو غنيمة لأن قضاء الله-تبارك وتعالى- لا دافع له، كما قال- سبحانه -: ما يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها، وَما يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ ..ثم أضرب- سبحانه - عن ذلك وقال: بَلْ كانَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً أى: إن تخلفكم ليس سببه ما زعمتم، بل الحق أن تخلفكم كان بسبب ضعف إيمانكم، والله-تبارك وتعالى- مطلع على أحوالكم اطلاعا تاما، وسيجازيكم بما تستحقون.
تفسير ابن كثير : شرح الآية 11 من سورة الفتح
يقول تعالى مخبرا رسوله - صلوات الله وسلامه عليه - بما يعتذر به المخلفون من الأعراب الذين اختاروا المقام في أهليهم وشغلهم ، وتركوا المسير مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاعتذروا بشغلهم بذلك ، وسألوا أن يستغفر لهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - وذلك قول منهم لا على سبيل الاعتقاد ، بل على وجه التقية والمصانعة ; ولهذا قال تعالى : { يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم قل فمن يملك لكم من الله شيئا إن أراد بكم ضرا أو أراد بكم نفعا } أي: لا يقدر أحد أن يرد ما أراده فيكم تعالى وتقدس ، وهو العليم بسرائركم وضمائركم ، وإن صانعتمونا وتابعتمونا ; ولهذا قال : { بل كان الله بما تعملون خبيرا } .
تفسير الطبري : معنى الآية 11 من سورة الفتح
القول في تأويل قوله تعالى : سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ( 11 )يقول تعالى ذكره لنييه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: سيقول لك يا محمد الذين خلفهم الله في أهليهم عن صحبتك, والخروج معك في سفرك الذي سافرت, ومسيرك الذي سرت إلى مكة معتمرا, زائرا بيت الله الحرام إذا انصرفت إليهم, فعاتبتهم على التخلف عنك, شغلتنا عن الخروج معك معالجة أموالنا, وإصلاح معايشنا وأهلونا, فاستغفر لنا ربنا لتخلُّفنا عنك, قال الله جل ثناؤه مكذبهم في قيلهم ذلك: يقول هؤلاء الأعراب المخلَّفون عنك بألسنتهم ما ليس في قلوبهم, وذلك مسألتهم رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم الاستغفار لهم, يقول: يسألونه بغير توبة منهم ولا ندم على ما سلف منهم من معصية الله في تخلفهم عن صحبة رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم والمسير معه ( قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا ) يقول تعالى ذكره لنبيه: قل لهؤلاء الأعراب الذين يسألونك أن تستغفر لهم لتخلفهم عنك: إن أنا استغفرت لكم أيها القوم, ثم أراد الله هلاككم أو هلاك أموالكم وأهليكم, أو أراد بكم نفعا بتثميره أموالكم وإصلاحه لكم أهليكم, فمن ذا الذي يقدر على دفع ما أراد الله بكم من خير أو شرّ, والله لا يعازّه أحد, ولا يغالبه غالب.وقوله ( بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ) يقول تعالى ذكره: ما الأمر كما يظن هؤلاء المنافقون من الأعراب أن الله لا يعلم ما هم عليها منطوون من النفاق, بل لم يزل الله بما يعملون من خير وشرّ خبيرا, لا تخفى عليه شيء من أعمال خلقه, سرّها وعلانيتها, وهو محصيها عليهم حتى يجازيهم بها، وكان رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم فيما ذُكر عنه حين أراد المسير إلى مكة عام الحُديبية معتمرا استنفر العرب ومن حول مدينته من أهل البوادي والأعراب ليخرجوا معه حذرا من قومه قريش أن يعرضوا له الحرب, أو يصدّوه عن البيت, وأحرم هو صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بالعمرة, وساق معه الهدي, ليعلم الناس أنه لا يريد حربا, فتثاقل عنه كثير من الأعراب, وتخلَّفوا خلافه فهم الذين عَنَى الله تبارك وتعالى بقوله ( سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الأعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا ). .. الآية.وكالذي قلنا في ذلك قال أهل العلم بسير رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ومغازيه, منهم ابن إسحاق.حدثنا ابن حميد, قال: ثنا سلمة عن ابن إسحاق بذلك. حدثنا محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قوله ( سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الأعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا ) قال: أعراب المدينة: جهينة ومزينة, استتبعهم لخروجه إلى مكة, قالوا: نذهب معه إلى قوم قد جاءوه, فقتلوا أصحابه فنقاتلهم ! فاعتلوا بالشغل.واختلفت القرّاء في قراءة قوله ( إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا ) فقرأته قرّاء المدينة والبصرة وبعض قرّاء الكوفة ( ضَرًّا ) بفتح الضاد, بمعنى: الضّر الذي هو خلاف النفع. وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفيين ( ضُرّا ) بضم الضاد, بمعنى البؤس والسَّقم.وأعجب القراءتين إليّ الفتح في الضاد في هذا الموضع بقوله ( أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا ) , فمعلوم أن خلاف النفع الضرّ, وإن كانت الأخرى صحيحا معناها.
تفسير آيات من القرآن الكريم
- تفسير: والأرض بعد ذلك دحاها
- تفسير: اتبع ما أوحي إليك من ربك لا إله إلا هو وأعرض عن المشركين
- تفسير: ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز
- تفسير: فلا يستطيعون توصية ولا إلى أهلهم يرجعون
- تفسير: لا يسمعون حسيسها وهم في ما اشتهت أنفسهم خالدون
- تفسير: وبالحق أنـزلناه وبالحق نـزل وما أرسلناك إلا مبشرا ونذيرا
- تفسير: فأكثروا فيها الفساد
- تفسير: ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى
- تفسير: إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا لن تقبل توبتهم وأولئك هم الضالون
- تفسير: ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة إن الله سميع بصير
تحميل سورة الفتح mp3 :
سورة الفتح mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة الفتح
ماهر المعيقلي
سعد الغامدي
عبد الباسط
أحمد العجمي
المنشاوي
الحصري
مشاري العفاسي
ناصر القطامي
فارس عباد
ياسر الدوسري
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب