قِراءَةُ
القُرآنِ فيها الخَيرُ والبَرَكةُ؛ فهو حَبْلُ
اللهِ المَوصولُ،
وفيهِ طُمَأنينةُ النَّفْسِ، وعِظَمُ الأَجْرِ، وتَتفاضَلُ سُوَرُه وآياتُه بحَسَبِ حِكمةِ
اللهِ تَعالَى؛ لِما تَحتويهِ بعضُ السُّوَرِ مِن مَعانٍ ومَدلولاتٍ، لا تَشمَلُها بعضُ السُّوَرِ الأُخْرى.
وفي هذا الحَديثِيُخبِرُ النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ مَن قرَأَ سُورةَ الكَهْفِ، «
كما أُنزِلتْ»؛ والمرادُ: أنَّه يَقرَؤُها مُراعيًا لأحكامِ التِّلاوةِ، مُصاحبًا للتَّدبُّرِ والخشوعِ، كان أجْرُه يَومَ القيامةِ أنْ يَجعَلَ
اللهُ له نورًا يُضيءُ له كما بيْنَ مَقامِه إلى مكَّةَ، والمرادُ بالقراءةِ: الاعتيادُ والتَّكرارُ والمواظَبةُ.
وقيلَ: حِفْظُها، كما في رِوايةِ مُسلِمٍ، مِن حَديثِ أبي الدَّرْداءِ رضِيَ
اللهُ عنه.
ثُمَّ أخبَرَ النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ مَن قرَأَ عشْرَ آياتٍ مِن آخِرِ سُورةِ الكَهْفِ-وفي رِوايةِ مُسلِمٍ السَّابقةِ: «
مَن حَفِظَ عشْرَ آياتٍ مِن أوَّلِ سُورةِ الكَهْفِ»- وصادَفَ زَمانُه زمَنَ خُروجِ الدَّجَّالِ؛ «
لمْ يُسلَّطْ عليه»؛
أي: لمْ يَستطِعِ الدَّجَّالُ فِتْنتَه، أو قَتْلَه، وحَفِظَه
اللهُ، ووَقاهُ مِن شرِّه، وإنَّما كانَ قِراءةُ هذه الآياتِ أو حِفْظُها سَببًا للعِصمةِ مِنَ الدَّجَّالِ؛ لِمَا في هذه الآياتِ مِنَ العَجائبِ والمعجِزاتِ؛ فمَن عَلِمَهما لا يَستغرِبُ أمْرَ الدَّجَّالِ، ولا يُفتتَنُ به، ويَسهُلُ عليه الصَّبْرُ على فِتَنِ الدَّجَّالِ بما يَظهَرُ مِن نَعيمِه وعَذابِه، أو تكونُ العِصمةُ مِنَ الدَّجَّالِ مِن خَصائصِ
اللهِ لِمَن حَفِظ هذه الآياتِ.
والدَّجَّالُ مَأْخوذٌ مِنَ الدَّجَلِ؛ وهو الكَذِبُ، وهو شَخْصٌ بعَينِه ابتَلَى
اللهُ به عِبادَه، وأَقْدَره على أشْياءَ مِن مَقدوراتِ
اللهِ تَعالَى؛ مِن إحياءِ الميِّتِ الَّذي يَقتُلُه، ومِن ظُهورِ زَهْرةِ الدُّنيا والخِصْبِ معَه، وجَنَّتِه ونارِه، ونَهْرَيْهِ، واتِّباعِ كُنوزِ الأرضِ له، وأمْرِه السَّماءَ أنْ تُمطِرَ؛ فتُمطِرَ، والأرْضَ أنْ تُنبِتَ؛ فتُنبِتَ؛ فيَقَعُ كلُّ ذلكَ بقُدرةِ
اللهِ تَعالَى ومَشيئتِه، ثُمَّ يُعجِزُه
اللهُ تعالَى بعْدَ ذلكَ، فلا يَقدِرُ على قتْلِ ذلكَ الرَّجُلِ ولا غَيرِه، ويَبطُلُ أمْرُه، ويَقتُلُه عِيسى صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ، ويُثبِّتُ
اللهُ الَّذينَ آمَنوا في ذلكَ الوَقتِ.
ثُمَّ أخبَرَ النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ مَن تَوضَّأَ، ثُمَّ قال عَقِبَ وُضوئِه: «
سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ وبِحَمْدِكَ»؛
أي: أُنزِّهُكَ يا
اللهُ تَنْزيهًا عن كلِّ نقْصٍ وعَيبٍ، ويكونُ مَقرونًا بحَمدِكَ كما أمَرْتَ، «
لا إلَهَ إلَّا أنتَ»؛
أي: أُقِرُّ بأنَّكَ أنتَ
اللهُ الواحدُ، الأحدُ، المستحِقُّ للعِبادةِ، «
أَستغفِرُكَ، وأَتوبُ إليكَ»؛
أي: أَطلُبُ مِنكَ مَغفِرةَ ذَنْبي، وأَتوبُ إليكَ مِمَّا وقَع منِّي في مَجلِسي هذا مِن مَعصيةٍ وذَنْبٍ؛ كان جَزاؤُه يَومَ القيامةِ أنْ يُكتَبَ قَولُهُ هذا، أو أجْرُه الَّذي كسَبَه مِن هذا الدُّعاءِ، «
في رَقٍّ»؛ وهو الوَرقةُ الَّتي يُكتَبُ فيها، «
ثُمَّ طُبِعَ بطابَعٍ»؛
أي: خُتِمتْ بخَتْمٍ، «
فلم يُكسَرْ إلى يَومِ القيامةِ»؛ فلا يَتطرَّقُ إليه إبطالٌ وإحباطٌ.
وفي الحَديثِ: فَضْلُ سُورةِ الكَهْفِ.
وفيه: فضْلُ الذِّكْرِ بعْدَ الوُضوءِ.
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم