شرح حديث أخر رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء ثم
كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة
علَّمَنا النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ المَواقيتَ الفُضْلى لكُلِّ صَلاةٍ، وإذا كانتِ الصَّلاةُ في أوَّلِ وَقتِها أفضَلَ الأعْمالِ، فقدْ بيَّنَتِ السُّنَّةُ أنَّ صَلاةَ العِشاءِ في عَتَمةِ اللَّيلِ أوْلى وأفضَلُ.
وفي هذا الحَديثِ يَرْوي عبدُ
اللهِ بنُ مَسعودٍ رَضيَ
اللهُ عنه أنَّ رَسولَ
اللهِ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ أخَّرَ صَلاةَ العِشاءِ ذاتَ لَيلةٍ عن وَقتِها المُعْتادِ الَّذي يُقيمونَ فيه تلك الصَّلاةَ، ثمَّ خرَج إلى المَسجِدِ، فوجَد أصْحابَه رَضيَ
اللهُ عنهم يَنتَظِرونَ الصَّلاةَ -وكانوا لا يُقيمونَ الصَّلاةَ حتَّى يَخرُجَ رَسولُ
اللهِ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ- فقال: «
أمَا إنَّه ليس مِن أهْلِ هذه الأدْيانِ أحدٌ يَذكُرُ اللهَ هذه السَّاعةَ غَيرُكم»، ولعَلَّ هذا ممَّا أعْلَمَه
اللهُ به في هذه اللَّيلةِ خاصَّةً؛ ولذلك أخَّرَ الصَّلاةَ ليَتفَرَّدَ هو وأصْحابُه بذِكرِ
اللهِ في هذه السَّاعةِ، والمُرادُ بأهْلِ الأدْيانِ: أهْلُ الكِتابِ، ويُحتَمَلُ أهْلُ الكِتابِ وغَيرُهم.
وقيلَ: كان مِن هَدْيِه صلَّى
اللهُ عليه وسلَّم في العِشاءِ أنَّه إذا رَأى أصْحابَه رَضيَ
اللهُ عنهم حَضَروا إلى الصَّلاةِ في أوَّلِ وَقتِها عجَّلَ؛ حتَّى لا يَشُقَّ عليهم، وإذا رَآهم أخَّروا، أو لم يَكتَمِلْ حُضورُهم؛ فإنَّه يُؤخِّرُ.
وفي هذه اللَّيلةِ، ومع هذه الحادِثةِ نزَلَت هذه الآياتُ:
{ لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ } [
آل عمران: 113 ]، فليس أهْلُ الكِتابِ مُتَساوينَ في حالِهم؛ بل منهم طائفةٌ مُستَقيمةٌ على دِينِ
اللهِ، قائمةٌ بأمرِ
اللهِ ونَهيِه، يَقرَؤونَ آياتِ
اللهِ في ساعاتِ اللَّيلِ وهم يُصَلُّونَ للهِ، كانت هذه الفِئةُ قبْلَ بَعثةِ النَّبيِّ محمَّدٍ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ، ومَن أدرَكَ منهم هذه البَعْثةَ أسلَمَ.
{ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ } [
آل عمران: 114 ]، والمَعنى: يُؤمِنونَ ب
اللهِ واليَومِ الآخِرِ إيمانًا جازِمًا، ويَأمُرونَ بالمَعروفِ والخَيرِ، ويَنهَوْنَ عنِ المُنكَرِ والشَّرِّ، ويُبادِرونَ إلى أفْعالِ الخَيراتِ، ويَغتَنِمونَ مَواسِمَ الطَّاعاتِ، أولئك المُتَّصِفونَ بهذه الصِّفاتِ مِن عِبادِ
اللهِ الَّذين صلَحَت نيَّاتُهم وأعْمالُهم.
{ وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ } [
آل عمران: 115 ]؛
أي: ما يَفعَلُه هؤلاء مِن خَيرٍ قَليلًا كان أو كثيرًا؛ فلنْ يَضيعَ عليهم ثَوابُه، ولنْ يَنقُصَ أجْرُه، و
اللهُ عَليمٌ بالمُتَّقينَ الَّذين يَمتَثِلونَ أوامِرَه، ويَجتَنِبونَ نَواهيَه، لا يَخْفى عليه مِن أعْمالِهم شَيءٌ، وسيُجازيهم عليها.
وفي الحَديثِ: بَيانُ فَضلِ ذِكرِ
اللهِ تعالَى في الأوْقاتِ الَّتي يَغفُلُ عُمومُ النَّاسِ فيها.
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم