الحُدَيْبِيةُ قَريةٌ كَبيرةٌ على القُرْبِ مِن مكَّةَ ممَّا يَلي المدينةَ، سُمِّيتْ ببئْرٍ هناكَ، وقدْ بايَعَ الصَّحابةُ رِضوانُ
اللهِ عليهِمُ النَّبيَّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ هُناكَ تحتَ الشَّجرةِ،
وفي هذا الحديثِ يَرْوي التَّابعيُّ أبو الزُّبيرِ محمَّدُ بنُ مُسلمٍ أنَّ جابرَ بنَ عَبدِ
اللهِ رَضيَ
اللهُ عنهما سُئلَ: كم كان عددُ الصَّحابةِ يومَ الحُديبيةِ؟ فأجاب: أنَّ عدَدَهمْ كان ألْفًا وأَرْبَعَ مِائةِ صَحابيٍّ، وكان ذلك سَنةَ سِتٍّ مِنَ الهِجرةِ، وكانَ عمرُ رَضيَ
اللهُ عنه آخِذًا بيدِ النبيِّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ، ومُمسِكًا بها تحتَ الشَّجرةِ، وقولُه: «
وهيَ سَمُرةٌ»،
أي: نَوعُ الشَّجرةِ شَجرُ الطَّلْحِ، وأخبَرَ جابرُ بنُ عبدِ
اللهِ رَضيَ
اللهُ عنهما أنَّهمْ جميعًا بايَعوا النَّبيَّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ إلَّا جَدَّ بنَ قَيْسٍ الأنصاريَّ؛ اخْتبأَ تحتَ بَطْنِ بَعيرِه، وكانَ أحَدَ المنافِقينَ.
والمبايَعةُ هي المُعاقَدةُ والمُعاهَدةُ على الالتِزامِ بما يُوجِبُه
اللهُ ورَسولُه، وسُمِّيتْ بذلك تَشبيهًا بالمُعاوَضةِ الماليَّةِ، كأنَّ كلَّ واحدٍ منهما يَبيعُ ما عِندَه مِن صاحبِه؛ فمِن طرَفِ رَسولِ
اللهِ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ: وَعْدٌ بالثَّوابِ، ومِن طَرَفِهم: الْتزامُ الطَّاعةِ.
والسَّببُ في هذه البيعةِ أنَّ النَّبيَّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ كان قدْ خَرَج بأصحابِه رَضيَ
اللهُ عنهم مِن المدينةِ إلى مكَّةَ يُريدونَ العُمرةَ، فمنَعَتْهم قُرَيشٌ مِن دُخولِ مكَّةَ، فبَعَثَ النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ عُثمانَ بنَ عفَّانَ رَضيَ
اللهُ عنه إلى مَكَّةَ بكِتابٍ يُخبِرُ به أشْرافَ قُرَيشٍ بأنَّه لم يَأتِ إلَّا زائرًا لِلبَيتِ ومُعَظِّمًا لِحُرْمَتِه، وتَأخَّر عُثمانُ في الرُّجوعِ، فأُشيعَ بيْنَ المسْلِمين أنَّه قدْ قُتِلُ في مكَّةَ حتَّى بَلَغَ ذلك النَّبيَّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ، ودَعا النَّاسَ لِلبَيعةِ، فبايَعَه بَعضُهم على المَوتِ، وبَعضُهم على ألَّا يَفِرُّوا، وتُسَمَّى هذه البَيعةُ بَيعةَ الرِّضوانِ؛ لِقَولِه تَعالَى:
{ لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ } [
الفتح: 18 ]، ولكنَّ
اللهَ سلَّمَ ولم يُقتَلُ عُثمانُ رَضيَ
اللهُ عنه، وأرْسَلَتْ قُرَيشٌ، فعَقَدَت صُلحَ الحُدَيبيةِ مع النَّبيِّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ.
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم