شرح حديث
كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة
ذَكَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه سيَخرُجُ بعدَه خوارجُ يُقاتِلون أهلَ الإسلامِ، وذكَرَ صِفاتَهم وعلامَتَهم، وقد وقَعَ بعضُ ذلك في عهْدِ الخليفةِ عليِّ بنِ أبي طالبٍ رضِيَ اللهُ عنه، ثمَّ يَستمِرُّ الحالُ إلى آخرِ الزَّمانِ.
وفي هذا الحَديثِ يَقولُ عُقْبةُ بنُ وَسَّاجٍ: " قال صاحبٌ لي يُحدِّثني عن شأْنِ الخوارجِ " وهم الفرقةُ الذين خَرَجوا عن طاعةِ الأُمراءِ والخلفاءِ في عهْدِ الخليفةِ عليِّ بنِ أبي طالبٍ رضِيَ اللهُ عنه، "وطَعْنِهم على أُمَرائهم"، أي: تَشكيكِهم والخوضِ فيهم، "فحجَجْتُ، فلَقِيتُ عبدَ اللهِ بنَ عمرٍو، فقلْتُ له: أنت مِن أصحابِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِه وسلَّمَ، وقد جعَلَ اللهُ عندك عِلْمًا"، أي: عندَك مِن العِلْمِ بالسُّنَّةِ والقرآنِ ما تُفرِّقُ به بيْن الحقِّ والباطلِ، "وأناسٌ بهذا العراقِ يَطْعَنون على أُمَرائهم، ويَشْهَدون عليهم بالضَّلالةِ"، أي: الزَّيغِ والمَيلِ عن الحقِّ، "فقال لي: أولئك عليهم لَعنةُ اللهِ والملائكةِ والنَّاسِ أجمعينَ"، واللَّعنةُ: هي الطَّردُ مِن رَحمةِ اللهِ، "أُتِيَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِه وسلَّمَ بقَلِيدٍ"، أي: بعِقْدٍ، "مِن ذهَبٍ وفِضَّةٍ، فجعَلَ يَقسِمُها بيْن أصحابِه، فقام رجلٌ مِن أهلِ الباديةِ" وهو ذُو الخُوَيصرةِ التَّميميُّ، كما جاء في بعضِ الأحاديثِ، "فقال: يا محمَّدُ، واللهِ لَئِنْ أمَرَك اللهُ أنْ تَعدِلَ، فما أراك أنْ تَعدِلَ"، أي: في العطيَّةِ والقِسمةِ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: وَيْحَكَ!" الويحُ: هو الويلُ، وهي كلمةٌ لا يُرادُ بها الدُّعاءُ على الشَّخصِ، ولكنْ يُرادُ بها الزَّجْرُ والحثُّ على شيءٍ مُعيَّنٍ، "مَن يَعدِلُ عليه بَعْدي؟!" والمعنى: أصابَتْك الخيبةُ والخُسرانُ إنْ لم أعْدِلْ أنا؛ إذ كنتَ مُقتدِيًا بي وتابعًا لي، "فلمَّا ولَّى"، أي: انصَرَفَ الرَّجلُ، قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "رُدُّوه رُويدًا"، أي: أرْجِعوه إليَّ برِفقٍ، "فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِه وسلَّم: إنَّ في أُمَّتي أخًا لهذا"، أي: إخوانًا وأشباهًا لهذا الرَّجلِ، "يَقرؤُون القرآنَ لا يُجاوِزُ تَراقِيَهم" والتَّراقي: جمْعُ تَرْقُوَةٍ، وهو عَظْمٌ واصِلٌ ما بينَ ثُغْرةِ النَّحْرِ والعاتِقِ، وفي روايةٍ: "لا يُجاوِزُ حَناجِرَهم"، ومعناه: أنَّ قومًا ليس حَظُّهم مِن القرآنِ إلَّا مُرورَه على اللِّسانِ، فلا يُجاوِزُ تَراقِيَهم لِيَصِلَ قُلوبَهم، وليس ذلك هو المطلوبَ، بلِ المطلوبُ تَعقُّلُه وتَدبُّرُه بوُقوعِه في القلبِ، والمُرادُ أنَّ الإيمانَ لم يَرسَخْ في قُلوبِهم، "كلَّما خَرَجوا فاقْتُلوهم -ثلاثًا-"، أي: كلَّما خَرَجوا على الوُلاةِ وظَهَروا، فقاتِلُوهم مع الأئمَّةِ والولاةِ، وكرَّرَ قولَه هذا ثلاثَ مرَّاتٍ للتَّأكيدِ عليه.
وفي الحديثِ: التَّحذيرُ مِن الغُلوِّ في الدِّينِ على غيرِ هُدًى وبصيرةٍ.
وفيه: عَلَمٌ مِن أعلامِ النُّبوَّةِ؛ حيث أخبَرَ بصِفةِ أُناسٍ يَخرُجون مِن الدِّينِ، ويَخرُجون على الوُلاةِ، وقد جاؤوا على الصِّفةِ التي وصَفَها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم .
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم